«مسبار الأمل» من خلوة صير بني ياس الوزارية للمريخ

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

الحلم تحول إلى حقيقة والفكرة باتت واقعاً وإنجازاً يضاف إلى سجل الإمارات الزاخر بالإنجازات النوعية العالمية، مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل» ترجم ثقافة اللامستحيل التي كرستها دولة الإمارات منذ قيامها فكراً ونهجاً في تحويل التحديات إلى فرص، وإنجاز يعكس رسالة أمل بأن العرب قادرون على استئناف حضارتهم من خلال الاجتهاد والإبداع والابتكار واستشراف المستقبل والمساهمة في صناعته.

ويعتبر المسبار المهمة العلمية التاريخية الأولى من نوعها في العالم العربي، حيث انطلق في يوليو 2020، وسط ترقب عربي وعالمي لهذا المشروع الهادف إلى ترسيخ مكانة دولة الإمارات كمركز رائد في قطاع الصناعات الفضائية في المنطقة وبناء كوادر علمية إماراتية وعربية تشكل إضافةً نوعيةً للمجتمع العلمي العالمي، والمساهمة في دفع مسيرة المعرفة العالمية في مجال الفضاء. 

بات المسبار اليوم إنجازاً يفتخر به كل عربي، كما وصفه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إذ قال سموه: «مسبار الأمل إنجاز لكل عربي وفخر لكل إماراتي ووسام إنجاز دائم لمهندسينا». 

البداية 

قصة مسبار الأمل بدأت كفكرة جاءت في الخلوة الوزارية الاستثنائية التي عقدت في جزيرة صير بني ياس في عام 2013ـ وجاءت الفكرة رداً على سؤال طرحه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عندما طلب سموه من الجميع اقتراح تحدٍ جديد تخوضه الإمارات ليكون إنجازه متزامناً مع الاحتفال بالعيد الخمسين لتأسيس الدولة.

مبادرة وطنية

بدأ أبناء الإمارات كتابة فصل جديد في مستقبل الدولة، وخضعت الفكرة للدراسة والتخطيط الدقيق لتتحول فيما بعد إلى مبادرة وطنية، ففي السادس عشر من يوليو 2014، تحول إرسال مسبار لاستكشاف المريخ من فكرة إلى مبادرة وطنية استراتيجية أعلنها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تحت اسم مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، واختار له صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم اسم «مسبار الأمل» ليكون رسالة أمل من دولة الإمارات إلى شباب وشعوب المنطقة.

 بناء المعرفة

وتواصل الإمارات حشد جهودها ومواردها الساعية إلى بناء معرفة بشرية أفضل واضعة يدها بيد شعوب العالم الساعية إلى تحقيق هذه الغاية النبيلة، وجاء إطلاق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل» تتويجاً لجهود نقل المعرفة وتطويرها التي بدأت في عام 2006 في مركز محمد بن راشد للفضاء، وهو ثمرة تعاون وثيق بين فريق من العلماء والباحثين والمهندسين الإماراتيين والشركاء الدوليين لتطوير القدرات اللازمة لتصميم وهندسة مهمات فضائية. 

وتم تكليف مركز محمد بن راشد للفضاء من قبل حكومة دولة الإمارات بإدارة وتنفيذ جميع مراحل المشروع، في حين تتولى وكالة الإمارات الفضاء الإشراف العام على المشروع.

رحلة 

وانطلقت رحلة تحويل الحلم والفكرة إلى واقع ملموس، فور تلقي مركز محمد بن راشد التكليف ببدء تنفيذ مشروع مسبار الأمل، حيث تم تشكيل فرق العمل من كوادر وطنية شابة من أبناء وبنات الوطن، جمعتهم الإيجابية والعمل بروح الفريق الواحد لكتابة إنجاز جديد في قطاع حيوي ومعانقة الفضاء.

وواصلت فرق العمل الليل بالنهار لإنجاز هذه المهمة الوطنية التاريخية خلال المدة الزمنية التي حددتها القيادة الرشيدة وهي 6 سنوات، باعتبار أن وصول المسبار سوف يتزامن مع احتفالات الدولة بيومها الوطني الخمسين، بينما المهام الفضائية المثيلة يستغرق تنفيذها ما بين 10 إلى 12 عاماً.

وهنا كان التحدي كبيراً لفريق العمل لكن ثقافة العطاء والتميز التي زرعتها القيادة الرشيدة في أبنائها وتمكينهم في شتى المجالات وتوفير الدعم اللامحدود لهم كانت حافزاً لتحقيق الحلم ودافعاً لهم لبذل المزيد من الجهد وهذا ما حصل منذ اليوم الأول للمشروع، حيث كان توجيه القيادة واضحاً منذ البداية، ويتمثل في أن يتم تطوير المسبار وعدم شرائه جاهزاً.

تحدٍ

ورغم هذا التحدي الكبير كان أبناء الإمارات على قدر من المسؤولية الوطنية وثقة القيادة التي جعلتهم يحولون التحدي إلى فرص لبناء قدرات الكوادر الوطنية العاملة في المشروع عبر برنامج يدمج بين الخبرة المكتسبة من قبل مهندسين عملوا منذ عام 2006 في تطوير أقمار اصطناعية وبين نقل معرفة وخبرة إلى الباحثين والمهندسين الإماراتيين.

وذلك بالتعاون مع شركاء معرفة دوليين، فكان النهج في تطوير المسبار هو البناء على ما انتهى إليه الغير، بدلاً من أن تكون البداية من الصفر.

 أهداف علمية 

وعمل فريق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ في مركز محمد بن راشد للفضاء على صياغة أهداف علمية فريدة من نوعها ستزود العلماء حول العالم بمعلومات لم يسبق التقاطها عن الكوكب. 

كما تم العمل على تصميم المسبار وعلى تطويره مع شركاء نقل المعرفة في جامعة كولورادو في بولدر وجامعة ولاية أريزونا وجامعة كاليفورنيا بيركلي. 

علماً بأن شركاء المعرفة عملوا للمرة الأولى مع دولة الإمارات في تطوير مسبار كامل إلى الفضاء ما عزز من خبرة فريق العمل الإماراتي من الانخراط في جميع مراحل تطوير المشروع وقيادتهم تطوير الأنظمة في المسبار. 

شركاء

وكان مختبر الفيزياء الجويّة والفضاء في جامعة كولورادو في بولدر شريك نقل المعرفة المتخصّص وعمل في تطوير هندسة النظم وأدوات المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية وكاميرا الاستكشاف، وكذلك جامعة ولاية أريزونا وهي شريك نقل المعرفة في تطوير أدوات المقياس الطيفي بالأشعة تحت الحمراء، ومختبر بيركلي لعلوم الفضاء في جامعة كاليفورنيا، وهو شريك نقل المعرفة للفريق العلمي وحساس المقياس الطيفي بالأشعة ما فوق البنفسجية. 

رمز للأمل 

ومنذ بداية مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل»، أكدت حكومة الإمارات أن هدف المشروع لا ينحصر في الوصول إلى الكوكب الأحمر، بل يتخطى ذلك ليكون رمزاً للأمل في المنطقة عبر تقديم نموذج لتمكين الشباب في العالم العربي في المجالات العلمية والتقنية، بما يجعلهم قوة إيجابية تعمل من أجل خدمة أوطانهم وتساهم في بناء مجتمع عالمي أكثر استقراراً وازدهاراً. وكمشروع وطني، فإن آفاقه ونتائجه ستشمل كل مواطني الدولة. 

وسيعزز المشروع نمو قطاعات الفضاء والعلوم والتكنولوجيا المتقدمة في الإمارات العربية المتحدة والمساهمة في بناء وتدعيم الاقتصاد المعرفي في الدولة وبناء كادر وطني متخصص في هذا القطاع الحيوي وهذا ما أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله.

حيث كان سموه يشدد دائماً على أن من الأهمية خلال فترة العمل على المشروع تحقيق هدف مهم، وهو بناء القدرات، حتى أصبح لدينا جيل من الشباب المتخصص في تكنولوجيا الفضاء.

وعلى الرغم من أن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل» مر بالعديد من التحديات والمخاطر والمصاعب، لكنه شهد أيضاً مسيرة حافلة من الإنجازات النوعية التي تمكن من خلالها فريق العمل من تحويل التحديات إلى محطات نجاح سطرها أبناء وبنات دولة الإمارات من الكوادر الوطنية الشابة العاملة بالمشروع بحروف من نور في كتب التاريخ.

وجسد «مسبار الأمل» طموح الدولة، وسعي قيادتها المستمر إلى تحدي المستحيل، إذ يعد مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ مساهمة إماراتية في تشكيل وصناعة مستقبل واعد للإنسانية، ويحمل رسالة أمل لكل شعوب المنطقة بما يسهم في إحياء التاريخ الزاخر بالإنجازات العربية والإسلامية في العلوم كافة.

 
Email