أكد الدكتور عبدالله المندوس، رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO)، مدير عام المركز الوطني للأرصاد، أن مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (cop28) الذي تستضيفه دولة الإمارات في إكسبو دبي من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر المقبل، لحظة تاريخية في العمل المناخي الجاد الذي تعقد عليه الآمال للخروج بقرارات وتوصيات مصيرية تسهم في إنقاذ الأرض من آثار وتداعيات التغير المناخي.

وقال الدكتور المندوس في حوار خاص مع «البيان» إن الإمارات استعدت لهذا الحدث العالمي بصورة مكثفة وستلعب دوراً رئيسياً في توجيه نتائج المؤتمر وإيجاد خارطة طريق ترسم بموجبها طريقاً جديداً يدعم المضي قدماً نحو تعزيز مكافحة التغير المناخي، ودعم الجهود العالمية وتوحيدها لمواصلة تقليل انبعاثات الكربون.

مشاركة

وأضاف إن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تدعم عملية إطار الأمم المتحدة لتغيير المناخ «UNFCCC» وتشارك في جلسات مؤتمر الأطراف سنوياً، وقد وافق المؤتمر العالمي للأرصاد الجوية أخيراً على إطلاق مشروع جديد لرصد غازات الاحتباس الحراري العالمي.

وفي ما يلي نص الحوار..

أولويات القضايا المناخية

لماذا تحتل قضية مواجهة التغير المناخي أهمية خاصة ضمن أولويات أجندة مؤتمر الأطراف (COP28)، ولدى الأمم المتحدة والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، وما هي الحلول الجديدة المقترحة من قبلكم؟

التغير المناخي يشير إلى التحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وأنماط الطقس، ومنذ القرن التاسع عشر، كانت الأنشطة البشرية هي المحرك الرئيس لتغير المناخ، ويرجع ذلك أساساً إلى حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز، حيث ينتج عن حرق الوقود الأحفوري انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تعمل مثل غطاء يلتف حول الأرض، مما يؤدي إلى حبس حرارة الشمس ورفع درجات الحرارة.

ولا شك أن الحرارة المتجاوزة للأرقام القياسية والإعلان أن يوليو 2023 هو أعلى شهر حرارة على السجل التاريخي، يشكل تنبيهاً لأسباب عدة، الأول: التأثير في تغير المناخ، إذ إن درجات الحرارة المتطرفة وحقيقة كسر مثل هذه الأرقام القياسية تسلط الضوء على تأثير تغير المناخ المستمر، وارتفاع درجات الحرارة العالمية يشكل إشارة واضحة إلى أن مناخ الأرض يتغير بسرعة.

والثاني: الآثار البيئية، حيث يمكن أن تؤدي درجات الحرارة الأعلى إلى مجموعة من الآثار البيئية، بما في ذلك ذوبان الغطاء الجليدي والأنهار الجليدية، وارتفاع منسوب مستويات البحر، وزيادة التبخر والجفاف الشديد، وهذه التغييرات يمكن أن تكون لها تأثيرات مدمرة. والثالث: الصحة البشرية، إذ يمكن أن تشكل موجات الحرارة خطراً صحياً خطيراً، خصوصاً على الفئات الضعيفة مثل كبار السن والأطفال وأولئك الذين يعانون من الأمراض المزمنة، قد تزيد أمراض الحرارة والوفيات المتعلقة بالحرارة، أثناء فترات الحرارة الشديدة.

وهذا أمر مقلق بشكل خاص في سياق بداية ظاهرة النينو المناخية الأخيرة التي زادت من ارتفاع درجات الحرارة العالمي وزادت فرص كسر سجلات درجات الحرارة.

ظاهرة النينو

ماذا عن ظاهرة النينو وتأثيرها المحتمل المرتبط بارتفاع درجات الحرارة والجفاف واضطرابات الطقس بشكل عام، وماذا يجب عمله على أرض الواقع؟

تطورت الظروف المحيطة بالظاهرة في المناطق الاستوائية في المحيط الهادئ للمرة الأولى منذ سبع سنوات، لتمهد الطريق لحدوث ارتفاع محتمل في درجات الحرارة العالمية وأنماط الطقس والمناخ المضطربة، ويتوقع تحديث جديد صادر من المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن هناك احتمالاً بنسبة 90 % لاستمرار ظاهرة النينو خلال النصف الثاني من عام 2023.

وقامت منظمة الأرصاد الجوية العالمية بتحذير المجتمع الدولي خلال مايو 2023 من ظاهرة النينو، وأكدت على ضرورة أن يستعد العالم لظاهرة النينو، والتي غالباً ما ترتبط بزيادة الحرارة والجفاف أو الأمطار في أجزاء مختلفة من العالم، ومع تصاعد درجات الحرارة، نشهد أيضاً زيادة في حوادث الطقس المتطرفة، لقد شهدنا للتو أن ليبيا واليونان والصين وغيرها تعرضت لأمطار غزيرة غير مسبوقة، وتأثير الارتفاع في درجات الحرارة العالمية عادة يتجلى في العام بعد تطور هذه الظاهرة، وبالتالي من المرجح أن يكون ظاهراً بشكل أكبر أيضاً في عام 2024، مما يؤثر على أنماط درجات الحرارة وهطول الأمطار والعواصف في أجزاء كثيرة من العالم.

وما يمكننا عمله على أرض الواقع، يجب أن لا نسمح بتجاهل إنذارات الخطر بعد الآن، كما يقال، «لا يوجد كوكب بديل». لا يزال بإمكاننا تجنب تصاعد تأثيرات التغير المناخي، ولكن علينا أن نتحرك الآن للحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمي إلى 1.5 درجة مئوية، حيث إن كل جزء من درجة واحدة له أهمية كبيرة، وكذلك علينا أن نعالج قضية الأمن الغذائي، والتمويل المبتكر، والاستثمار في طاقة المستقبل: الهيدروجين الأخضر، وتغير المناخ واستدامة المجتمعات الضعيفة، وأمن المياه، ويمكن أن يتم ذلك فقط من خلال قوة الشراكة العالمية، وهذا الذي سنشهده في «COP28».

التحديات والفرص

بصفتكم رئيساً للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، برأيكم، ما هي التحديات والفرص التي يمكن بحثها والاستفادة منها خلال مؤتمر الأطراف «COP28»، وما هي مقترحات الإمارات في هذا الصدد؟

نحن نلعب دوراً ريادياً في تنفيذ قرار مؤتمر الأطراف السابع والعشرين المتعلق بتنفيذ نظام المراقبة المناخية العالمي، والذي يؤكد على الحاجة إلى التعامل مع الفجوات المتعلقة بالمراقبة النظامية، وبشكل خاص في البلدان النامية والمحيطات والجبال والصحاري والمناطق القطبية، من أجل تحسين فهم التغير المناخي والمخاطر المرتبطة به، وضمان نجاح أنظمة الإنذار المبكر.

الإنذار المبكر للجميع

وفي جنيف نهاية مايو 2023 تم الاعتراف رسمياً بالحملة الدولية الرائدة لضمان حماية كل شخص على الأرض من الطقس الخطير من خلال نظم إنذار مبكر منقذة للحياة بحلول نهاية 2027 باعتبارها الأولوية القصوى للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية.

وتعمل المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بشأن مبادرة «الإنذار المبكر للجميع» في مجالات الخدمات والبنية التحتية، وتعزيز القدرة على اكتشاف المخاطر، وسد الفجوات في المراقبة لتلبية احتياجات البيانات لمراقبة المخاطر، تعزيز الإطار القائم وقدرات أنظمة معالجة البيانات والتنبؤات والتحليل العالمية، والبنية التحتية المستدامة لتبادل البيانات والمعلومات لدعم نظم الإنذار المبكر.

وتدعم المنظمة العالمية للأرصاد الجوية عملية إطار الأمم المتحدة لتغيير المناخ «UNFCCC» وتشارك في جلسات مؤتمر الأطراف سنوياً، من خلال تقديم أحدث النصائح والمعلومات العلمية للحكومات، بما في ذلك حالة المناخ وتركيزات غازات الاحتباس الحراري، وقد وافق المؤتمر العالمي للأرصاد الجوية أخيراً في الدورة الـ 19 على إطلاق مشروع جديد لرصد غازات الاحتباس الحراري العالمي لتعزيز مراقبة الغازات التي تمتص الحرارة، وذلك لتوجيه تنفيذ اتفاق باريس بشأن تغير المناخ.

مخرجات

قضية تغير المناخ هو حالة طوارئ عالمية تتجاوز الحدود الوطنية، وقضية تتطلب حلولاً منسقة على جميع المستويات وتعاوناً دولياً لمساعدة الدول على التحرك نحو اقتصاد منخفض الكربون، ما هو المتوقع من مخرجات «COP28»، وما هي استراتيجيات المنظمة في هذا الشأن؟

مؤتمر الأطراف الـ28 في الإمارات يمثل لحظة تاريخية حينما يستعرض العالم تقدمه في تنفيذ اتفاق باريس، وسيتيح التقييم العالمي الأول للمخزون GST تقديراً شاملاً للتقدم الحاصل منذ اعتماد اتفاق باريس، وسيساهم هذا في توجيه الجهود نحو العمل على مواجهة التغير المناخي، بما في ذلك الإجراءات التي يجب تنفيذها لسد الفجوات في التقدم، وتعمل رئاسة مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في الإمارات بقوة لضمان أن يستجيب العالم للتقييم العالمي للمخزون بخطة عمل واضحة.

اتفاقية تغير المناخ

يشار إلى أن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ هي معاهدة بيئية دولية تم تبنيها في عام 1992 لمكافحة التدخل البشري الخطير في النظام المناخي ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في عام 1994 وتتمتع بعضوية شبه عالمية، بعد أن وقع عليها 199 طرفاً، فهي المعاهدة الأم لاتفاقية باريس وبروتوكول كيوتو، أما أمانة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ فهي كيان تابع للأمم المتحدة مكلف بدعم الاستجابة العالمية لخطر تغير المناخ، تيسر الأمانة المفاوضات الحكومية الدولية بشأن تغير المناخ من خلال تنظيم ما بين دورتين وأربع دورات تفاوض كل عام، أكبرها وأهمها مؤتمر الأطراف.

مبادرة الإنذار المبكر

أما مساهمة المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى جانب مبادرة الإنذار المبكر للجميع، تقود المبادرة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية ومكتب الأمم المتحدة بتخفيف مخاطر الكوارث، بدعم من الاتحاد الدولي للاتصالات والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر وشركاء آخرين.

وتستند مبادرة الأمم المتحدة إلى أربعة أركان رئيسية: المعرفة وإدارة مخاطر الكوارث والكشف، المراقبة، المتابعة، التحليل والتنبؤ، ونشر وتوجيه التحذيرات والاتصال، والاستعداد وقدرات الاستجابة.

وقد اعتبرت المبادرة هذه أعلى أولوية في الخطة الاستراتيجية للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية للفترة 2024 - 2027 خلال الدورة العامة 19 الأخيرة.

تقليل الانبعاثات

ما هي خطط ودور المنظمة الدولية في قضية تقليل انبعاثات الكربون، وما الحلول التي تمت في دولة الإمارات في هذا الشأن؟

في مايو من العام الماضي أصدرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تقريراً مهماً أشار إلى وجود احتمال بنسبة 50 %، في أن يصل المتوسط السنوي لدرجة الحرارة العالمية مؤقتاً إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستوى ما قبل العصر الصناعي، في سنة واحدة على الأقل من السنوات الخمس المقبلة، وقد يتزايد هذا الاحتمال مع مرور الوقت، وفق التحديث المناخي الذي أصدرته المنظمة.

أما بشأن الحلول التي قدمتها دولة الإمارات لتقليل انبعاثات الكربون على المستوى الوطني خلال العقدين الماضيين، فكانت جهود كبيرة ومبادرات عدة في هذا الشأن.

ومن أجل خفض انبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون، ترصد دولة الإمارات انبعاثات الغازات التي تؤدي إلى تأثير الغازات الدفيئة.