مسؤولون وخبراء خلال جلسة نقاشية في «مساحتكم عبر البيان»: هيكلة التعليم في الإمارات تؤسس لنموذج عالمي متفرد

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد مسؤولون وخبراء تربويون في مؤسسات تعليمية محلية وخليجية أن الإمارات مع هيكلة التعليم الجديدة هي الأقرب لتقديم نموذج تعليم من الطراز الأول عالمياً، حيث يتصدر القطاع اهتمامات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لإعداد جيل يحمل الراية ويكمل مسيرة الخمسين المقبلة، مشيرين إلى أن هذا الهدف يتحقق بتهيئة البنية التحتية التعليمية المستشرفة لمتطلبات المستقبل، والمواكبة لسوق العمل من خلال تعليم يركز على المهارات، ويعلي من شأنها باعتبارها أولوية في وظائف المستقبل، ليكون طلبة الإمارات من بين الأفضل عالمياً.

 

وأكدوا في الجلسة النقاشية ضمن مبادرة «مساحتكم عبر البيان» على «تويتر» والتي حملت عنوان: «مستقبل التعليم في الإمارات... طموحات ومهارات متجددة»، وأدارها الإعلامي حامد المعشني من شركة أبوظبي للإعلام، أن الهيكلة الجديدة للتعليم تعكس عمق اهتمام الدولة البالغ بتنشئة وتعليم أبنائها، فضلاً عما ترسخه من قواعد جديدة لتوزيع الأدوار والاختصاصات، وما تؤسس له من تعاون وشراكة حقيقية بين الأطراف المسؤولة والمعنية بالتعليم.

وأشاد المشاركون في الجلسة بإنشاء هيئة اتحادية لجودة التعليم لقياس جودة المخرجات التعليمية في كل المراحل، واستحداث هيئة اتحادية للتعليم المبكر، مؤكدين أنها المنطلق الأساس والمدخل الصحيح والأقوى لتنشئة أجيال مستقبلية متعلمة ومتوازنة في قدراتها الفكرية والمعرفية وحتى البدنية.

اقتراحات

واستعرضوا مقترحات من شأنها تعزيز الانطلاقة القوية والجديدة للتعليم في الإمارات، ومنها: التركيز على الجانب المعرفي والمهاري في الجامعات لتخريج رواد أعمال وليس طلاب وظائف، وخلق مرونة لدى المؤسسات التعليمية لاستحداث تخصصات تراعي التطورات التكنولوجية عالمياً منها «الميتافيرس والـ nft» وغيرهما، إلى جانب تعزيز أدوار الكوادر التدريسية سواء في التعليم العام أو العالي واختصاصاتهم، وتنويع مصادر المعرفة وقياس الجوانب المهارية، لتشمل مهارات الحياة بمختلف مجالاتها، وتهيئة البيئة التربوية والتعليمية بالشكل الذي يتناسب مع جميع الأطفال، بمن فيهم أصحاب الهمم، مؤكدين ضرورة التركيز على إعداد الطفل أو الطالب للحياة، بالشكل الذي يمكنه من المشاركة في تطوير المجتمع وتنميته وازدهاره.

رؤية

واستهل الدكتور منصور العور رئيس جامعة حمدان بن محمد الذكية، رئيس مجلس أمناء معهد اليونسكو لتقنيات المعلومات في التعليم حديثه قائلاً: «إن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، هو راعي النهضة العلمية في دولة الإمارات، وأول تعديل وزاري في عهده كان لقطاع التعليم، ما يؤكد حرص واهتمام سموه بهذا القطاع، كما أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، صاحب الرؤية الفذة التي كانت وراء إطلاق مشروع استشرف من خلاله المستقبل وهو جامعة حمدان بن محمد الذكية في عام 2002، ما يؤكد أن رؤية قيادتنا كانت سباقة في هذا النمط التعليمي الجديد».

وأوضح أن الحقائب الجديدة في التعليم، تحاكي الرقمنة في القطاع والتي بدورها ستحدث تغييراً في وجه التعليم العالي عموماً والتعليم بشكل عام، خصوصاً أن الحقائب الجديدة تشمل مراجعة الأنظمة واللوائح والسياسات، وهذه المراجعة الشاملة ستخلق مشاريع تشريعية ومعايير ترخيص لهذا النوع من التعليم، كما أن دمج تكنولوجيا المستقبل في التعليم العام يعد بداية خطوة لتغيير التعليم العالي مستقبلاً.

وذكر أن التعليم يقصد به نقل المعارف والمهارات، وهذا ما ستحققه رقمنه التعليم، منوهاً بأن من أراد المستقبل فعليه الاهتمام بالموهوبين، والالتفات إليهم في المراحل العمرية الأولى، وتغير النظم السائدة من خلال تسريع الوتيرة حتى يلتحقوا بركب الاهتمام والاكتشاف.

واعتبر العور استقلالية الهيئة التابعة لمجلس الوزراء والخاصة بعملية جودة التعليم خطوة ريادية، حيث إنها جهة محايدة في تصنيف الجامعات ومراقبة المدارس.

مهارات

وأوضح أن ما ينقص مؤسسات التعليم العالي في العالم العربي هو المهارات التخصصية، حيث تفتقر تلك المؤسسات إلى تخريج جيل يحمل تلك المهارات، والتي تكون مطلوبة في كليات الطب والهندسة، ويجب أن تضاف في العلوم الإنسانية وعلوم القانون والإدارة وكل العلوم الأخرى الأدبية، حيث تحتاج تلك الكليات إلى مخرج مهاري وليس إلى معرفي فقط.

ولفت إلى الحاجة إلى تخريج رواد أعمال وليس طلاب وظائف، والتركيز على التعليم بشقية المعرفي والمهاري، لأن التعليم من دون مهارة يعتبر تعليماً منقوصاً.

 

تأهيل

ومن جانبه، أوضح محمد عبدالله المدير العام لمدينة دبي الأكاديمية العالمية ومجمع دبي للمعرفة، أن رؤية القيادة الرشيدة حول أهمية التعليم بدأت منذ أكثر من عقدين عندما بدأ الحديث في الإمارات عن اقتصاد المعرفة، وتحقيقاً لذلك عملت الدولة على إنشاء مجمعات معنية بعدة قطاعات، منها مدينة دبي للإنترنت التي أصبحت مجمعاً للشركات التقنية والتكنولوجية، ومدينة دبي للإعلام التي احتضنت كل المؤسسات الإعلامية، بالإضافة إلى إنشاء مجمع المعرفة الذي هدف إلى تطوير وتأهيل وتعليم العنصر البشري وتم ذلك في وقت كان هناك افتقاد للعنصر البشري القادر على العمل في المؤسسات المحلية أو الدولية، ومن ثم تم إنشاء مدينة دبي الأكاديمية العالمية التي تعتبر ساحة لاستقطاب المؤسسات الأكاديمية الحكومية أو الدولية، وبحكم التطور الذي تشهده الدولة أصبح هناك توسع كبير، حيث شملت اليوم 30 مؤسسة تعليم عال من كلية ومعهد يدرس فيها نحو 27 ألف طالب وطالبة، ويتم طرح أكثر من 500 برنامج ما بين الدبلوم والبكالوريوس والماجستير والدكتوراه، وتحرص المدينة على استقطاب جامعات ومؤسسات أكاديمية ذات تصنيف عال.

وأضاف أن الجامعات في الدول العربية تفتقر إلى الكثير من التخصصات التي بدأت تظهر في سوق العمل، مثل «الذكاء الاصطناعي والميتافيرس، وتخصصات الـnft»، مؤكداً أهمية وجود مرونة لدى الجامعات لاستحداث تلك التخصصات.

قرارات

وبدوره، أشاد محمد مبارك المدير العام لشؤون المدارس في وزارة التربية والتعليم بمملكة البحرين، بالتركيز على الطفولة المبكرة بما تعنيه من استمرار العملية التعليمية من سن صفر إلى ما بعد ذلك.

وأوضح أن التركيز على قطاع التعليم من حيث فصل المسؤوليات وصناع السياسات، عن مشغل العمليات جميعها تؤكد جودة النظام التعليمي، وتؤكد أهمية استمرار تطوير الأنظمة التعليمية بما يواكب التوجهات العالمية.

واعتبر أن الاهتمام بالمعلم أمر أساسي في العملية التعليمية ويأتي قبل المنهاج الدراسي والمدرسة، لأنه هو أساس العملية التعليمية، وبالتالي إذا لم يكن هناك إعداد جيد للمعلم بحيث يكون معلماً متميزاً في المدرسة سيكون هناك هدر كبير لموارد أي دولة تطمح إلى التعليم الجيد، لافتاً إلى أن التجربة الفريدة لدولة الإمارات التي اطلع عليها في جانب إعداد المعلمين تؤكد أنه لا بد أن يكون بشكل فصلي، حيث تركز معظم الأنظمة التعليمية التقليدية على إعداد المعلم من خلال برنامج دبلوم مبسط يقدم للمعلم تدريباً عملياً كمشروع التخرج، ولكن الكليات المختصة في إعداد المعلمين تركز على إعداد المعلم بشكل فصلي وإدماجه في العملية التعليمية بشكل تدريبي وفعلي إلى التخرج.

مقومات

وأضاف أنه بعد إعداد المعلم ودخوله إلى المؤسسة التعليمية لا بد من توفر جميع مقومات نجاح العملية التعليمية من حيث الفصل الدراسي أو المنهاج المتميز، الذي بدوره يجمع عناصر بها عمق معرفي ومهاري.

من جهته، أشاد فيصل المقصيد وكيل وزارة التربية والتعليم بالإنابة، والوكيل المساعد للتنمية التربوية والأنشطة في دولة الكويت، باهتمام دول الخليج وخصوصاً الإمارات بتأهيل وتدريب المعلمين وتحفيزهم من خلال جوائزهم التربوية والتعليمية مثل جائزة الشيخ حمدان بن راشد للأداء التعليمي المتميز، وجائزة خليفة التربوية، وجائزة محمد بن زايد لأفضل معلم، التي تهدف إلى استدامة الأداء التعليمي المتميز.

اهتمام كبير

أوضح فيصل المقصيد وكيل وزارة التربية والتعليم بالإنابة، والوكيل المساعد للتنمية التربوية والأنشطة في دولة الكويت، أن هناك تواصلاً رفيع المستوى بين وزارة التربية وبين المؤسسات المجتمعية لتلمس حاجات سوق العمل ومتطلباته التي تتماشى مع رؤية الكويت 2035، التي تهدف إلى جعل الكويت مركزاً مالياً وتجارياً إقليمياً وعالمياً، وجميعها تتطلب اهتماماً كبيراً في جانب المناهج وتحديثها باستمرار واعتمادها على الكيف وليس على الكم، وعدم الاهتمام فقط على التحصيل المعرفي بل لا بد أن تكون الحصيلة المهارية النسبة الأكبر، حتى نستطيع تلبية متطلبات سوق العمل.

 

دعوة للاستفادة من التجارب المتميزة في الطفولة المبكرة

دعا المشاركون في «مساحتكم عبر البيان» للاستفادة من الخبرات والتجارب الثرية المتميزة في مجال الطفولة المبكرة محلياً وعالمياً، وفي مداخلته، أكد الدكتور سعيد مصبح الكعبي رئيس مجلس الشارقة للتعليم، إيلاء مرحلة الطفولة المبكرة أهمية كبيرة نظراً لدورها المحوري في تعليم الأطفال وتأهيلهم وتشكيل شخصيتهم وبلورة هويتهم الوطنية، مشيراً إلى أن تجربة إمارة الشارقة التي أطلقت مشروع الحضانات الحكومية، الذي ينضوي تحت مظلة المجلس ونسعى لوصول عدد الحضانات إلى 66 حضانة موزعة على مختلف مدن الإمارة، عملاً بتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.

وقال إن الطفل في مراحل العمر الأولى يحتاج إلى رعاية تساعده على تنمية مداركه وإشباع احتياجاته، وصولاً إلى بناء شامل للطفل. وأوضح أن الحضانات الحكومية في الشارقة تعمل وفق منظومة متكاملة من البرامج المتنوعة والشاملة، لغايات الوصول إلى مخرجات ذات بناء سليم ثقافياً واجتماعياً ودينياً وصحياً وصقل مختلف المهارات التعليمية لتحقيق البناء الشامل للطفل.

ودعا الدكتور الكعبي إلى الاستفادة من الخبرات والتجارب الثرية المتميزة في مجال الطفولة المبكرة محلياً وعالمياً، نظراً لدورها الفعال في تأسيس الطلبة معرفياً قبل الالتحاق بالتعليم المدرسي.

ومن جانبها، اعتبرت مريم جابر الشامسي مدير إدارة الطفولة المبكرة في مجلس الشارقة للتعليم، أن الهيكلة الجديدة للتعليم وخصوصاً استحداث هيئة مختصة بالتعليم المبكر بمثابة مساحة ذهبية للتركيز على التعليم المبكر، حيث تشكل تلك المرحلة العمرية أحسن استثمار في شخصية الطفل وفي رعايته وتنشئته التنشئة المتكاملة الصحية التي نضمن بها أن يكون الجيل الجديد متوافقاً مع المتغيرات العالمية، وجيل مثمر بكل المقاييس يحقق رؤية قيادتنا الرشيدة حاضراً ومستقبلاً. وقالت إن وجود هيئة معنية بالطفل ستمكن كل المهتمين بالطفولة المبكرة بالرجوع لمرجعية واحدة على مستوى الدولة تنظم كل التشريعات الخاصة بالطفولة المبكرة مما سيؤدي لوجود أطر وسياسات موحدة، مع التركيز على كل المهارات التي يجب أن يتحلى بها الطفل.

وأكدت أن إثارة الشغف عند الأطفال تتحقق من خلال التركيز على المناهج المعنية بالطفولة المبكرة ومخرجاتها التي تتناغم مع طبيعة المرحلة العمرية للطفل، والتي تكون في الوقت ذاته متوائمة مع جميع المقاييس العالمية.

وتطرقت في حديثها عن تجربة الحضانات الحكومية التي تتبع حكومة الشارقة ومعنية بتوفير خدمة الرعاية والتعليم لجميع الأطفال في الإمارة، قائلة: «قمنا بوضع وثيقة للطفولة المبكرة تم مراجعتها واعتمادها من المختصين في جامعة الإمارات، وتم إصدار إطار الشارقة للطفولة المبكرة الذي حمل بين دفتيه شقين وهما التنظيمي والتعليمي، وهذه الجهود على مستوى إمارة الشارقة فكيف إذا توحدت الرؤى وتجانست العقول على مستوى الدولة لا بد وأن المخرجات ستكون عالية المستوى».

Email