عبّر معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش، في مستهل حوارات «عام الخمسين» التي تنشرها «البيان» في إطار مواكبة احتفالات الدولة باليوبيل الذهبي، عن اعتزازه وفخره بالقيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإخوانهم أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات.

وقال: «نعتز ونفتخر بدورهم في تحقيق التقدم والازدهار في الوطن، وجهودهم المتواصلة، من أجل تشكيل مستقبل ناجح للدولة في كل المجالات». كما عبّر معاليه، عن تقديره وشكره لصحيفة «البيان» والعاملين فيها على إتاحة هذه الفرصة للتواصل مع القراء الكرام، وتقدم لهم بالتحية والتهنئة بمناسبة عام الخمسين، معبراً عن اعتزازه بما حققته وتحققه دولتنا العزيزة من تقدم ورخاء، وتفاؤله وثقته الكبيرة بما ينتظرها من نماء وخير عميم خلال الخمسين عاماً المقبلة بإذن الله.

وقال معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان في حوار شامل مع «البيان» بمناسبة عام الخمسين: «إن نموذج الإمارات الناجح في مجال التسامح والتعايش، إنما يعود أولاً وقبل كل شيء، إلى أن مؤسس الدولة المغفور له الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، كان يرى في التسامح والتعايش، تجسيداً لتعاليم الإسلام الحنيف، ولتقاليد أهل الإمارات الأصيلة، التي تؤكد على الحياة في سلام مع الآخرين، فهو بالفعل من غَرَس شجرة التسامح في أرض الإمارات فأينعت وأزهرت وينعم الجميع تحت ظلالها الوارفة بالتسامح والتعايش السلمي».

وأكد معالي وزير التسامح والتعايش أن السر في نجاح نموذج التسامح في الإمارات، هو أننا ولله الحمد، نأخذ بمبدأ التسامح للجميع، ونعمل مع الجميع من أجل تحقيق المنفعة للجميع، والجميع هنا، يعني المواطن والمقيم، الشباب وكبار السن، المرأة والرجل، أصحاب الهمم، العمال الأجانب، بحيث يعمل الجميع معاً، بعزم وحماسة والتزام، في سبيل تحقيق أهداف الوطن وغاياته.

معلناً عن انطلاق تحالف عالمي للتسامح من «إكسبو 2020 دبي». وقال معاليه إننا على ثقة أن يكون المستقبل مزدهراً، وأن يكون وطننا دائماً، قادراً على تحقيق كل ما يصبو إليه، من مجدٍ وعزةٍ وتقدمٍ وأمان، ونحن بعون الله، نتطلع إلى استمرار المسيرة بقوة وحيوية، في الخمسين عاماً المقبلة، لتكون الإمارات دائماً، موطناً للنماء والعمل والإنجاز، وموطناً للتسامح والتعايش والأخوة الإنسانية، وموطناً في المقدمة والطليعة، بين أوطان العالم، في تحقيق السلام والتسامح والرخاء، لسكانها ولسكان العالم أجمع.

وخلال الحوار التالي مع معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش، نستعرض العديد من الآراء والتطلعات والمبادرات الجديدة لترسيخ قيم التسامح والتعايش والسلام محلياً وإقليمياً وعالمياً، في إطار مسيرة الدولة الخمسينية الماضية والمستقبلية.

  • 1 غرس القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، بذرة التسامح منذ عقود فأينعت وأزهرت، ونشأت الإمارات على مجموعة من القيم الأخلاقية والإنسانية مثل قيم العفو والتسامح والتعايش والمحبة بين الناس، باعتبارها من المبادئ الأصيلة التي قامت عليها رسالة الإسلام السمحة، برأيكم كيف ساهم ترسيخ هذه المبادئ في الازدهار والتقدم العلمي والحضاري للدولة؟ وكيف نجحت جهود الدولة والوزارة في تأصيل وتشريع هذه القيم في المجتمع خلال العقود الخمسة الماضية؟

إنني أتفق معكم تماماً، في أن نموذج الإمارات الناجح في مجال التسامح والتعايش، إنما يعود أولاً وقبل كل شيء، إلى مؤسس الدولة المغفور له الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، الذي كان يرى في التسامح والتعايش، تجسيداً لتعاليم الإسلام الحنيف، ولتقاليد أهل الإمارات الأصيلة، التي تؤكد على الحياة في سلام مع الآخرين، ومعاملة الجميع بالعدل والمساواة، فكان رحمة الله عليه، حريصاً كل الحرص، على تحقيق الالتقاء بين البشر، والتعايش بينهم والعمل المشترك والنافع معهم، وكان يؤكد لنا دائماً، أن التسامح والتعايش يؤديان دائماً إلى تحقيق الخير والتنمية والرخاء للفرد والمجتمع وللعالم كله.

الانفتاح

إنني أقول دائماً، إنه من نعم الله على الإمارات، أنه بدءاً بمؤسس الدولة العظيم، قد هيأ لهذه الدولة العزيزة قادة مخلصين، يتسمون بالحكمة والشجاعة والثقة بالنفس، والقدرة على الإنجاز والنظرة الواثقة إلى المستقبل، وأن ذلك قد جعل من الإمارات دولة الانفتاح الثقافي والحضاري في العالم، دولة تقدر حضارات وثقافات الشعوب الأخرى، ومؤهلة تماماً، للقيام بدور ثقافي وحضاري رائد في العالم كله، دور يقوم على أن تكون قيم التسامح والتعارف والحوار أساساً للعمل المشترك بين البشر في مواجهة التحديات العالمية في هذا العصر..

نحن في الإمارات ولله الحمد، قادرون على التعامل الناجح، مع تعدد الثقافات في العالم من حولنا، ونحن دولة تهتم بالإنسان، بروحه وعقله، بعاداته وسلوكه، نحظى بحمد الله بثقافة قوية، تجمع بين الثبات والمرونة: ثقافة ثابتة في كل ما يتصل بالعقيدة والعبادات والأخلاق ومرنة من خلال انفتاحها على الثقافات الأخرى، نحن دولة تعتز غاية الاعتزاز بتأكيد الهوية الوطنية لدى الجميع، وتشجيعهم في إطار ذلك، على القيام بدورهم في نشر مبادئ السلام والتعايش في العالم كله.

ويكفي أن ننظر حولنا، لنرى كيف أن المواطنين والمقيمين يعيشون في الدولة في أمانٍ واطمئنان، وكيف أصبحت الإمارات بحمد الله، جسراً ممتداً، لتواصل الثقافات والحضارات، ونموذجاً مرموقاً للتعايش والتعاون والتعارف بين سكانها الذين ينتمون لجنسيات مختلفة، بالإضافة إلى نجاحها الكبير في توظيف هذا التنوع السكاني، في تحقيق التقدم والرخاء للجميع، في كل الميادين.

نموذج وقدوة

إن دولة الإمارات ولله الحمد، قد أصبحت من خلال قادتها الكرام، وشعبها المعطاء، ومن خلال إنجازاتها الواضحة، خلال الخمسين عاماً الماضية، نموذجاً وقدوة للعالم كله، في الحرص على بناء العلاقات الإيجابية مع الجميع، والحرص كذلك على الإسهام الفاعل، في مسيرة البشرية، دونما تشدد أو تعصب، ودونما أي مساس بالهوية الوطنية، بل وباعتزاز وفخر، بما يحمله المستقبل بإذن الله، من طموحات وتوقعات وإنجازات، سوف تسهم في أن تأخذ دولتنا العزيزة، مكانتها اللائقة بها دائماً، بين دول العالم أجمع.

  • 2 رسخت دولة الإمارات مكانتها كمحرك محوري لتعزيز قيم التسامح والتعايش بين المجتمعات في مختلف أنحاء العالم، وذلك بتوجيهات القيادة الرشيدة، وإرث الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، من وجهة نظركم كيف استطاعت دولة الإمارات الوصول إلى هذه المكانة المتميزة عالمياً، وكيف تنظرون إلى المستقبل؟

السر في نجاح نموذج الإمارات في التعايش والتنمية الإنسانية، هو أننا ولله الحمد، نأخذ بمبدأ التسامح للجميع، نعمل مع الجميع من أجل تحقيق المنفعة للجميع ـ الجميع هنا يعني المواطن والمقيم، الشباب وكبار السن، المرأة والرجل، أصحاب الهمم، العمال الأجانب، بحيث يعمل الجميع معاً، بعزم وحماسة والتزام، في سبيل تحقيق أهداف الوطن وغاياته.

مناخ معرفي

نحن كذلك نأخذ بالقوانين والتشريعات التي تحث على التسامح، وتكافح التطرف والإرهاب، ويتم تنفيذها على الجميع، دونما تفرقة أو تمييز، ولدينا كذلك مناخ وطني يؤكد أن تحقيق التسامح، مسؤولية المجتمع كله: الأسر، رجال الدين، رجال الأعمال، المدارس والجامعات، وسائل الإعلام، وجميع المؤسسات العامة والخاصة..

نحن كذلك نهتم بالأجيال الجديدة، ونتيح جميع الفرص أمامهم، للإسهام في مسيرة المجتمع، ومساعدتهم في محاربة الأفكار الهدامة، وفي تعزيز انتمائهم وولائهم لقيم المجتمع.. نحن ولله الحمد، نحظى كذلك بمناخ ثقافي ومعرفي، يجعل من التسامح والتعايش، مجالاً مثمراً للحوار والابتكار، ويحقق اعتزاز جميع سكان الدولة بنموذج الإمارات في التسامح، ويشجعهم على العمل معاً، من أجل تطويره دوماً لما فيه مصلحة الجميع.

  • 3 نجحت دولة الإمارات قيادة وشعباً في إعلاء قيم الإنسانية والتعايش على مدى 50 عاماً، فكيف ترى معاليكم مستقبل التسامح والتعايش في الخمسين عاماً المقبلة؟

أرى أن مستقبل التسامح والتعايش والقيم الإنسانية عموماً، هو مستقبل مشرق، ولعلك تعلمين أن اللجنة العليا لعام الخمسين التي يرأسها سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة، تولي أهمية قصوى لدور القيم الإنسانية في تشكيل مسيرة الدولة في الخمسين عاماً المقبلة – إننا نتطلع بعون الله إلى مستقبل تكون فيه القيم والخصائص والصفات والأفكار وقواعد السلوك لدى الأفراد والمؤسسات.

وقدراتهم على التعامل مع الآخرين، وعلاقتهم بالآلات الذكية والذكاء الاصطناعي، وأساليب إسهاماتهم في مسيرة المجتمع، نتطلع إلى أن يكون ذلك كله هو أحد الأسس المهمة لتحقيق التقدم والنماء للدولة في المستقبل بإذن الله.

عظمة التراث

نحن في الإمارات، وكما ذكرت لكِ، لدينا أساس قوي للانطلاق نحو المستقبل ـ هذا المستقبل الذي يكون فيه التسامح والتعايش دائماً، تعبيراً طبيعياً عن عظمة تراثنا الوطني، وانعكاساً لقناعتنا بأن التعددية والتنوع في خصائص السكان، هما مصدر قوة للمجتمعات البشرية، وسوف نستمر في تنمية مبادئ التعارف والحوار والعمل المشترك بين الجميع.

وفي تعميق العلاقات الإيجابية، بين أصحاب الثقافات والمعتقدات، في إطار يحقق اعتزازنا بالثقافة والهوية الوطنية.. سوف تكون الإمارات بإذن الله، مجالاً للالتحام القوي بين القيادة والشعب، في حرص كامل على توفير الحياة الكريمة لجميع السكان، والتزام قوي، بالقيم النبيلة التي يشترك فيها البشر في كل مكان..

سوف تظل الإمارات في الخمسين عاماً المقبلة، بإذن الله، دولة العدل وسيادة القانون والتعايش السلمي بين الجميع، دولة تؤكد على أرض الواقع، أن التسامح والتعايش أدوات أساسية، لتحقيق المجتمع الناجح، الذي يتمتع بالتنمية المستدامة والتقدم الاقتصادي والاجتماعي، سوف يظل التسامح والتعايش في الخمسين عاماً المقبلة، جزءاً أساسياً من القوة الناعمة لدولة الإمارات، ووسيلة رئيسية لتأكيد مكانتها المهمة في المنطقة والعالم.

  • 4  في 4 فبراير عام 2021 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بالإجماع لتخصيص «اليوم الدولي للأخوة الإنسانية»، ضمن مبادرة قدمتها كل من دولة الإمارات والبحرين ومصر والسعودية، ليحتفل المجتمع الدولي بهذا اليوم سنوياً ابتداءً من عام 2021، هل يمكن تسليط الضوء على كواليس فكرة وثيقة الأخوة الإنسانية، ودور قيادة الدولة في دعم هذه الوثيقة واستضافة أبوظبي لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية للتوقيع على الوثيقة للتأكيد على أن الأديان تحمل رسالة السلام وترسخ معاني «الأخوة الإنسانية» القائمة على التسامح والاحترام المتبادل والتعاون الإنساني؟

لا شك في أن وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية، إنما جسدت حرص دولة الإمارات على تأكيد قيم التسامح والتعايش والسلام في العالم، وهي في واقع الأمر رسالة سلام ومحبة، من الإمارات للعالم كله، تدعو إلى تأكيد القيم الإنسانية المشتركة، والأخذ بخطط عمل واضحة، لتطبيقها على أرض الواقع.. هي أيضاً تأكيد على أن دولتنا العزيزة هي بالفعل عاصمة عالمية للتسامح والتعارف والحوار والعمل المشترك، لما فيه مصلحة البشر في كل مكان.

وثيقة الأخوة الإنسانية

وإن ما يدعو للاعتزاز حقاً، أن قادة الدولة الكرام، ممثلون في صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، قد شهدا معاً إصدار هذه الوثيقة بحضور قداسة البابا وفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر ـ إنه مما يدعو للفخر والاعتزاز أيضاً، ما نشهده من عمل مخلص وجهد كبير، لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، من أجل تحقيق التقارب بين البشر، ودعم القيم الإنسانية النبيلة، التي تهدف إلى تحقيق السعادة والرخاء في العالم.

يوم الأخوة

إن إعلان الأمم المتحدة يوم 4 فبراير من كل عام، وهو يوم إصدار هذه الوثيقة التاريخية، يوماً دولياً للأخوة الإنسانية، إنما هو دليل على أن مفهوم الأخوة الإنسانية، هو مفهوم نبيل، يقوم على التعارف والتعايش والتواصل الإيجابي بين البشر، وهو مفهوم مهم للغاية في هذا العصر، في ظل التنوع والتداخل الثقافي في المجتمعات البشرية، وفي ظل التقدم الهائل في التقنيات ووسائل الاتصال بين البشر.. المجتمعات البشرية اليوم، تتألف من أشخاص وجماعات ينتمون لخلفيات دينية وثقافية مختلفة، ولكنهم في الوقت نفسه، يعيشون معاً، وهو الأمر الذي يتطلب تحقيق التعارف والتفاعل والتعايش بين الجميع، لما فيه الخير للجميع.

نشر قيم السلام

إن احتفاء الأمم المتحدة باليوم الدولي للأخوة الإنسانية، هو كذلك تأكيد وتأييد لما ورد في وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية، من أن الأخوة الإنسانية، لها دور أساسي في نشر قيم السلام والأمان في العالم.

وكذلك في حماية البيئة، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والقضاء على الفقر والجهل والمرض، بل وأيضاً تحقيق عالم تسوده قيم التسامح والتعاون والعلاقات المفيدة، بين جميع أتباع الأديان والمعتقدات ـ والحمد لله، أننا نرى الآن العديد من المبادرات الطيبة التي يتم تنفيذها على أرض الواقع، انطلاقاً من المبادئ والتوجيهات التي وردت في وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية.

  • 5  برزت جهود وزارة التسامح والتعايش بوضوح داخل المجتمع الإماراتي لتعزيز قيم التسامح وتجسيد تلاحم أبناء الإمارات مع القيادة الرشيدة، وإبراز الدور الإنساني الرائد للدولة إقليمياً وعالمياً؟ فكيف تقيّمون معاليكم هذا الإنجاز؟

كما تعلمين، فإن وزارة التسامح والتعايش، تأخذ بأنشطة ومبادرات واضحة، تسهم في تحقيق أهداف الدولة، في تعميق مكانة القيم الإنسانية في مسيرة المجتمع والعالم.. إننا نحمد الله، أن الوزارة تحظى برد فعل إيجابي قوي، من كل الأفراد والمؤسسات في المجتمع، وجميع مشروعات ومبادرات الوزارة يتم تنفيذها من خلال شراكات فعّالة مع أفراد ومؤسسات المجتمع.

مكافحة التطرف

العمل في الوزارة يقوم على عدد من المبادئ الاستراتيجية، منها أن الإنسان هو محور أنشطة التسامح والتعايش، وأن التسامح والتعايش هما مسؤولية الجميع، وأن التسامح في الإمارات، نابع من تراثنا الأصيل، وأنه وسيلة مهمة لمكافحة التطرف والعنصرية والكراهية والإرهاب، وأداة فعّالة لبناء العلاقات الطيبة مع الجميع. التسامح في الإمارات، يعتمد على التوعية والتدريب، وإعداد قادة للتسامح على كل مستويات المجتمع، بالإضافة إلى دور التسامح في بناء الثقة بالنفس، وتعزيز الهوية الوطنية لدى جميع السكان.

تقوم الوزارة في إطار ذلك، بتحديد مجالات العمل، سواء داخل الدولة أو خارجها، ولدينا عدد كبير من المشاريع والمبادرات التي يتم الآن تنفيذها على أرض الواقع، كما تقوم الوزارة كذلك، بمتابعة هذه المشاريع والمبادرات وقياس مدى نجاح الوزارة في تحقيق الأهداف المرجوة منها.

وقد يهمكِ أن تعلمي، أنه بمناسبة عام الخمسين، قامت الوزارة بإعداد تقرير شامل للتطوير المستمر لعملياتها في المستقبل.

وتأكد لدينا أن التطورات والتحديات المتوقعة في الدولة والعالم في الخمسين سنة المقبلة، سوف تجعل التسامح والتعايش والقيم الإنسانية، أكثر أهمية في مسيرة المجتمع والعالم، وسوف تجعل من تحقيق رسالة وزارة التسامح أمراً ضرورياً في تقوية بنيان الدولة، ودعم منهجها الفعّال، في التعامل مع هذه التطورات والتحديات، وفي تمكينها من أخذ مكانتها اللائقة بها في العالم.

وباختصار، فإن وزارة التسامح والتعايش ولله الحمد، هي جزء مهم من سعي دولة الإمارات، لرعاية التسامح وتنميته، كما أن دور الوزارة في حاضر الدولة ومستقبلها سوف يستمر ويتطور نحو الأفضل دائماً، بعون الله.

نهيان بن مبارك : خطط استراتيجية لترجمة التسامح كقيمة وطنية تنطلق من الإمارات إلى العالم

  • 6 تماشياً مع رؤية الإمارات 2021، قامت وزارة التسامح والتعايش، برسم خارطة طريق نحو آليات ترجمة التسامح، كقيمة وطنية تنطلق من الإمارات إلى العالم، لتدشين الخطوط العامة لمبادرات وخطط العمل المستقبلية، التي تنسجم مع مختلف مسارات الدولة في جهود حفظ السلام الدولي والعون الإنساني، ودعم سياسات التسامح والانفتاح والتعايش، فهل يمكن تسليط الضوء على الخطة الاستراتيجية للوزارة خلال المرحلة المقبلة؟

 

نعم، هناك عناصر أساسية لعملنا في الوزارة: سوف تستمر الوزارة في تطوير عملياتها في الحاضر والمستقبل، بما في ذلك التوسع في مجالات العمل، وإضافة مجالات جديدة، إلى تلك التي وردت في البرنامج الوطني للتسامح، الذي اعتمده مجلس الوزراء الموقر، إطاراً لعمل الوزارة، وبحيث يكون العمل أكثر عمقاً، وأوسع أهدافاً وأكبر تأثيراً.

التحالف العالمي للتسامح لدينا كذلك خطط واضحة للتوسع في عمل الوزارة في الدولة، وسوف نتوسع كذلك في البحوث والدراسات، وإنشاء المقاييس والمؤشرات التي يتم الاعتماد عليها لتطوير العمل، وبناء الشراكات المجتمعية والدولية، بما في ذلك تأسيس التحالف العالمي للتسامح، الذي سوف يتم إطلاقه بإذن الله، خلال فعاليات إكسبو 2020 دبي.

وبما يسهم في تعزيز مكانة الإمارات في العالم، ويدعم قوتها الناعمة في علاقاتها مع الأمم والشعوب الأخرى، وسوف تسعى الوزارة كذلك إلى بلورة الأهمية الاقتصادية للتسامح والتعايش، وما قد يرتبط بها من أنشطة اقتصادية ناجحة، تسهم في تحسين جودة الحياة في الدولة، وتنمية علاقات التآلف بين أفراد المجتمع، وتعزيز الهوية الوطنية، وتأكيد السمعة الطيبة للدولة في المنطقة والعالم، وتكون الوزارة في ذلك كله، بإذن الله، نموذجاً ناجحاً في العمل الحكومي الناجح والمتميز.

  • 7 جاء في إعلان المبادئ العالمي بشأن التسامح «إن التسامح يعني الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري لثقافات عالمنا، ولأشكال التعبير، وللصفات الإنسانية لدينا، ويعززها التسامح بالمعرفة والانفتاح والاتصال وحرية الفكر والضمير والمعتقد، إنه الوئام في سياق الاختلاف، وهو ليس واجباً أخلاقياً فحسب، وإنما هو واجب سياسي وقانوني أيضاً، والتسامح هو الفضيلة التي تيسر قياماً لسلام يسهم في إحلال ثقافة السلام محل ثقافة الحرب، كيف تتعاون وزارة التسامح مع المنظمات الدولية والمنظمات المعنية بالسلام والتسامح حول العالم، لإبراز النموذج الإماراتي في التعايش السلمي عالمياً، وأهم مجالات هذا التعاون؟

كما تعلمون، فإن وزارة التسامح والتعايش، عليها دور مهم في تعزيز الجهود الدولية في مجالات التسامح والأخوة الإنسانية، خاصة أن ذلك يمثل أحد محاور العمل في البرنامج الوطني للتسامح، حيث ينص هذا البرنامج، على قيام الوزارة بالإسهام في الجهود الدولية لتعزيز التسامح، وإبراز دور الإمارات الرائد كبلد متسامح على مستوى العالم.

وتقوم الوزارة بهذا الدور، من خلال التعاون مع المؤسسات النظيرة في العالم، ومع المنظمات الدولية المهتمة بنشر التسامح.. هذا التعاون يأخذ أشكالاً متعددة، منها: الاشتراك في المؤتمرات العالمية.

والتواصل مع الشخصيات والمؤسسات العالمية المؤثرة في مجال التسامح، بالإضافة إلى تعزيز دور الجاليات المقيمة في الدولة في بناء العلاقات المفيدة مع بلدانهم، وتنظيم المسابقات الرياضية والثقافية الدولية، من أجل نشر التسامح والتعايش، والعمل على توفير القنوات الفعالة للتواصل العالمي في مجالات التسامح، حتى يعتاد الجميع على تبادل الأفكار والآراء والتجارب.

والاشتراك معاً في مبادرات ومشاريع، تنفع الجميع عبر الحدود، وتسهم في التقريب بين أصحاب الثقافات والأديان والحضارات. وستقوم الوزارة، بإذن الله، بإطلاق مبادرة إنشاء التحالف العالمي للتسامح، خلال فعاليات إكسبو 2020 دبي، وهو تحالف عالمي شعاره التعارف والأخوة الإنسانية.

ويعمل على تحقيق التعاون الإنساني على مستوى العالم في مجالات التسامح والأخوة الإنسانية، التي تمثل العناصر الأساسية في النموذج الناجح للإمارات، للتقدم والتنمية في كل المجالات ـ هذا التحالف هو، بعون الله، تعبير قوي في الإمارات، بأن العالم ينهض على أساس التوافق والسلام، وأن التعارف والحوار والأخوة الإنسانية، هي أدوات فعالة للتقريب بين البشر، والتأكيد على ما يجمع بينهم، من قيم ومبادئ إنسانية نبيلة.

  • 8 تركّز وزارة التسامح على الأسرة وتنشئة جيل متسامح وإثراء المحتوى المعرفي والثقافي في المجتمع، فما أدوات الوزارة في هذا الشأن، وهل ستستمر في تنظيم مهرجان التسامح والفعاليات الأخرى؟

بالطبع، سوف تستمر الوزارة في تنفيذ برنامج مكثف للأنشطة والفعاليات، في المحاور المتعددة التي تعمل عليها، من أجل القيام برسالتها المقررة لها في خدمة آمال وتوقعات وأهداف الدولة ـ هذه المحاور تشمل تعزيز دور الحكومة في التسامح، وتعزيز دور الأسرة، وتعزيز التسامح لدى الشباب، وإثراء المحتوى العلمي والمعرفي والثقافي للتسامح في الدولة.

بالإضافة إلى الإسهام في الجهود الدولية في هذا المجال، وإبراز دور الإمارات كبلد متسامح، تشمل هذه المحاور أيضاً، العمل النشط مع الجاليات الأجنبية، والعمل مع مؤسسات القطاع الخاص، وجعلها جميعاً قوى إيجابية تدعم التسامح والتعايش والأخوة الإنسانية، كل ذلك في إطار يعمل على تعزيز الهوية الوطنية، وتأكيد مكانة التسامح والتعايش، كعناصر مهمة في هذه الهوية.

وكما ذكرت لكم، فإن الوزارة تعتمد في تنفيذ كافة مشاريعها ومبادراتها في كل هذه المجالات، على المشاركة الفعالة على كافة المستويات في المجتمع، وإتاحة الفرصة الكاملة أمام الأفراد والمؤسسات للعمل مع الوزارة، كما تعتمد الوزارة كذلك على الدراسات والبحوث اللازمة، لتحديد محتويات كل مشروع أو مبادرة، وتعتمد أيضاً على ملاحظات المشاركين والفئات المستهدفة، وعلى المتابعة المستمرة والتقييم الموضوعي لكل نشاط أو مبادرة.

مسيرة الوطن

الوزارة، ولله الحمد، تحظى بثقة ودعم المجتمع، وهناك فهم أكبر لدور الوزارة في توضيح معاني التسامح والتعايش، وهناك أنشطة ومهرجانات يشترك فيها الجميع، وعلاقات قوية ومتنامية مع الجاليات الأجنبية ورجال الدين، وعلاقات عمل جيدة مع الوزارات والهيئات ومؤسسات القطاع الخاص.

هذه كلها نقاط قوة في عمل الوزارة، سوف تستمر وتتطور، بإذن الله، من أجل تمكين جميع سكان الدولة من التعامل مع معطيات الحاضر، ومواجهة تحديات المستقبل بنجاح، في إطار تعاون الجميع للعمل من أجل الجميع. وأريد أن أؤكد لكم وبكل قوة، على أن عمل الوزارة، في الحاضر والمستقبل، إنما يركز دائماً على تأكيد مكانة التسامح والتعايش في تحقيق أهداف الوطن، وبناء روح القوة والعزم في مسيرته، وعلى تعميق دور القيم الإنسانية عموماً في جعل الإنسان سعيداً في حياته، معتزاً بوطنه وهويته، قادراً على التعامل مع الآخرين بثقة واطمئنان.

  • 9 في ختام هذا اللقاء، ما الكلمة التي تودون إيصالها للقيادة الرشيدة، وشعب الإمارات، بمناسبة اكتمال الخمسينية، ورؤيتكم لمستقبل الوطن؟

إننا، ونحن نحتفل بعام الخمسين، إنما نعبر جميعاً عن حبنا الفائق وولائنا المطلق لهذا الوطن العزيز.

إننا نتذكر اليوم، بكل شكر وتقدير وامتنان، الدور الأساسي في بناء الدولة، للمؤسس الحكيم، المغفور له، الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أجزل الله ثوابه، وبما تحقق على يديه من نهضة شاملة، جعلت من الإمارات، دولة ناجحة بكل المقاييس.

خمسينية زاهرة

نعتز ونفتخر أيضاً، بالقيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإخوانهم أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، نعتز ونفتخر بدورهم في تحقيق التقدم والازدهار في الوطن، وجهودهم المتواصلة، من أجل تشكيل مستقبل ناجح للدولة في كل المجالات، بإذن الله.

إنني في مناسبة احتفالاتنا بعام الخمسين، أتقدم بالتحية والتهنئة إلى قادة الإمارات الكرام، وإلى شعب الإمارات العظيم، وأدعو الله سبحانه وتعالى، أن يحفظ هذه الدولة العزيزة، كي تكون دائماً قوية بشعبها وقادتها وإنجازاتها المتوالية. أدعوه سبحانه وتعالى، أن يكون المستقبل مزدهراً، وأن يكون وطننا دائماً، قادراً على تحقيق كل ما يصبو إليه، من مجدٍ وعزةٍ وتقدمٍ وأمان، نحن.

بعون الله، نتطلع إلى استمرار المسيرة بقوة وحيوية، في الخمسين عاماً المقبلة، لتكون الإمارات دائماً، موطناً للنماء والعمل والإنجاز، موطناً للتسامح والتعايش والأخوة الإنسانية، موطناً في المقدمة والطليعة عالمياً في تحقيق السلام والتسامح والرخاء، لسكانها ولسكان العالم أجمع.

 

 

 لقراءة الحوار PDF  إضغط هنا ..