الطريق إلى دار الحي دبي

ت + ت - الحجم الطبيعي

عادت بي الذكريات إلى أوائل الستينات عندما تفضل صاحب السمو المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم بإعطائنا اذناً لإنشاء مصنع شركة "كوكاكولا" في دبي، ثم قام باستدعائنا لنكون من أوائل الموظفين لتشغيل المصنع الذي عملت فيه لمدة خمسة وعشرون عاماً، وتم افتتاحه في شهر يوليو من عام 1964 وصلت إلى دبي عن طريق مطار الشارقة "بتأشيرة دخول صادرة من مكتب المعتمد البريطاني وقتها وعلى الرغم من كون دبي إمارة صغيرة في ذلك الوقت إلا إنها كانت تبدو وكأنها زهرةً جميلة مجاورة تطل على شاطئ رائع يبتسم لكل القادمين إليه. وعلى الرغم من أنها كانت مدينة صغيرة في ذلك الوقت إلا انها كانت مدهشة. كان هناك سينما صغيرة وسط ديرة ومطاعم تعد فخمة في حينها وفنادق رائعة وسوق للسمك وآخر تجاري كان وما يزال يعرف باسم "سوق مرشد" ومنطقة السبخة وسوق للأغنام وآخر للخضار.

كان التنقل بين طرفي خور دبي سهلاً للغاية ويتم إما عن طريق الزوارق أو السيارات ولكن أغلب الناس كانوا يفضلون التنقل بالزوارق الخشبية.

وقد تهيأت لي فرصة ثمينة في ذلك الوقت حين قمت مع أحد أصحاب المصنع بزيارة مكتب صاحب السمو الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم - طيب الله ثراه - حيث كان لسموه ديواناً ومكتباً يستقبل فيه العديد من موظفي الإمارة والزائرين والمواطنين ومن كان يرغب في استشارته أو إيجاد حل لمشكلته.

ومن الذكريات الجميلة التي لاتنسى زيارة سموه للتهنئة بقدوم العيد عندما كنا نجتمع في قصره للمعايدة عليه -طيب الله ثراه- وأولاده الشيوخ الكرام، حيث كان المغفور له بإذن الله الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم ومدير مكتبه ينتهزون هذه الفرصة لمناقشة أحوال الشركة والأعمال المرتبطة بها.

انتقلت مع عائلتي للإقامة في إمارة الشارقة عام 1994 وحتى يومنا هذا حيث كنت أعمل في إحدى شركات المقاولات الالكتروميكانيكية ولمدة تزيد على عقدين من الزمن.

منذ وصولي إلى الإمارات كانت دبي ولا تزال المدينة المحببة لي ولعائلتي التي نشأت على أرض هذا الوطن فذكرياتنا في حديقة مشرف وشاطئ الجميرا ومنطقة الخوانيج والعوير راسخة في قلوبنا وعقولنا.

وعلى هذه الأرض الطيبة تكونت عائلتي حيث ولدوا أولادي الأربعة وترعرعوا على أرض هذا الوطن. عملوا هنا في مختلف مجالات التعليم والتكنولوجيا وأنشأوا بدورهم عائلاتهم هنا. عندما يجتمع كل يوم جمعة ثلاث أجيال على مائدة الطعام نستذكر أيامنا في الماضي وقصصنا في الإمارات. لا يسعني إلا أن أشعر بالفخر والسعادة لأنني استطعت أن أمنح أولادي وأحفادي هذه الهبة التي أنعم الله سبحانه وتعالى بها علينا ألا وهي نعمة الوطن الذي نعيش فيه ونحن نتمتع بالأمن والأمان. ومثلما أتيحت لي الفرصة لأكون جزءًا من رحلة الإمارات العربية المتحدة في الخمسين عامًا الماضية، أنا على يقين أن أولادي سوف يكونون جزءً من الخمسين عاماً المقبلة على هذه الأرض المليئة بالفرص التي يمكن للحالمين أن يحققوا طموحاتهم وتطلعاتهم وإحداث فرق فيها وكرد جميل متواضع لما اكتسبناه هنا.

رحم الله من رحل من القادة الأفذاذ وبارك الله في عمر قادتنا الذين نذروا أنفسهم لبناء هذا الوطن الطيب.

سلسلة مقالات "بين الخمسين والخمسين" تروي قصصاً وحكايات لأشخاص عاشوا حاضرهم وماضيهم في دولة الإمارات العربية المتحدة.

www.UAEYearOf.ae

 

Email