أكاديميون: التعليم لن يتلاشى لكنه سيأخذ أشكالاً مختلفة

15 مرتكزاً تشكل ملامح مستقبل التعليم الجامعي

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

حدد أكاديميون 15 مرتكزاً قد تشكل مستقبل التعليم، وهي التطور الهائل والمستمر في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، تغير طرق تقييم المؤسسات التعليمية، سوق العمل المتغير، تغيير وتطور نمط الحياة، العوامل الصحية والسياسية، استحداث ما يسمى بـ «جامعات بلا حدود»، و«مؤسسات تعليمية عابرة للقارات»، ومفهوم «الجامعة كخدمة».

والمعلم الروبوت، وتقييم الطلبة بالذكاء الاصطناعي، وخطط دراسية مرنة دراسية تعتمد على دمج التخصصات، والطالب المرن، وتفعيل دور الطالب، بالإضافة إلى انخفاض كلفة التعليم، وتعزيز مفهوم التعلم باللعب، وذلك انطلاقاً من أن التكنولوجيا تغير العالم من حولنا بسرعة، وفي ظل تخوف الكثيرين وشعورهم بالقلق من أن الذكاء الاصطناعي سيحل محل الذكاء البشري، إلا أنهم أجمعوا على أن التعليم لن يتلاشى، ولكنه سيأخذ أشكالاً مختلفة.

ورأى الدكتور يوسف العساف رئيس جامعة روشستر للتكنولوجيا بدبي، أن ملامح جامعات المستقبل خلال السنوات الثلاث المقبلة، سيتم التركيز فيها على تعزيز مهارة الإبداع والابتكار لدى الطلبة، إلى جانب المناهج الأكاديمية، بالإضافة إلى تعزيز استخدام التكنولوجيا في التعليم الهجين.

وأضاف أن الجامعات الحالية والمستقبلية، ستركز أيضاً على التدريب المهني، من خلال تفعيل دور القطاع الخاص، وإشراكه في العملية التعليمية، بالإضافة إلى إشراك عمالقة مواقع التواصل الاجتماعي، وإشراكهم في وضع المناهج لإنتاج جامعات هجينة، ستغير ملامح محتوى المناهج الدراسية وطرائق التدريس.

وأشار إلى أنه سيستحدث مفهوم «الجامعة كخدمة»، بحيث يمكن للطالب اختيار التخصصات والأساتذة والجامعات والوقت، وما إلى ذلك بحسب ما يتناسب مع رغبته.

جامعة بلا حدود

وقال الدكتور العساف، إن طرائق وأساليب التعليم التقليدية ستتبدل، بحيث لن يضيع المعلم وقته في عرض المعلومات على الطالب، بل سيكتفي بمناقشتها وتوظيفها، على اعتبار أنها في متناول يد الطالب، وفي مرحلة لاحقة، سيتم اعتماد أسلوب التعلم باللعب، واستخدام الروبوتات في التعليم.

بالإضافة إلى استحداث مفهوم «الجامعة بلا حدود»، بحيث يمكن للطالب دمج عدة تخصصات في شهادة واحدة، عبر رسم خطة دراسية متعددة التخصصات بالحجم الذي يحتاجه، وفي الوقت الذي يناسبه، وفي أي مكان في العالم.

وأكد أن هذه الملامح تستوجب إعادة تأهيل الطلبة لأنفسهم، بحيث يمكن للطالب حمل عدة تخصصات والتنقل بينهم، بحيث يصبح مرن بحسب حاجة السوق المتغيرة.

الذكاء الاصطناعي

من جهته، أوضح الدكتور عصام الكردي رئيس جامعة العلمين الدولية في جمهورية مصر العربية، أنه سيتم في غضون السنوات المقبلة، التحول من النظام التقليدي للبرامج الدراسية، لمنح الدرجات العلمية الدراسية إلى البرامج المبنية على الجدارات، إلى جانب تعزيز استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العديد من المجالات والتخصصات.

وأضاف أن الرقمنة والتحول الرقمي، ستنعكس بالطبع على التعليم وطرائق التدريس، كما ستتغير شكل الدرجات والبرامج الأكاديمية.

مؤسسات عابرة للقارات

وقال الدكتور الكردي: إنه سيظهر ما يسمى بالمؤسسات التعليمية العابرة للقارات، والتي ستقوم بدور منح درجات وشهادات مشتركة مع الجامعات العالمية ذات التصنيفات العالمية.

تطور هائل

من ناحيته، أكد الدكتور محمد أحمد عبد الرحمن مدير جامعة الوصل بدبي، أن التطور الهائل والمستمر بشكل يومي في مجال التكنولوجيا والتقنيات الحديثة وشبكة الإنترنت، التي باتت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وأداة من أهم أدوات التعليم والاختبار والتدريب في كافة المؤسسات، سيسهم بلا شك في تغيير ملامح مستقبل التعليم.

وأوضح أن التكنولوجيا تعتبر من أهم العوامل المؤثرة في تشكيل نوعية التعليم، سواء في الحاضر أو المستقبل.

وكذلك التعليم عن بُعد، الذي يعد نقله نوعية، ما جعل استخدام التكنولوجيا والرغبة بتعلم المهارات، أكثر مما سبق، وهو عامل مهم، حيث سيسهم في تغيير الكثير من المفاهيم التي كانت تؤثر في مستوى التعليم، أهمها وضع طرق ومناهج ثابتة لفترات طويلة، على الرغم من أننا نعيش في عالم ديناميكي سريع التطور، ولدينا طلبة ذوو نوعية مختلفة تماماً عن الطلبة الذين تم إعداد المناهج السابقة لهم.

وأضاف أن سوق العمل أيضاً يعتبر مؤشراً مهماً لتشكيل نوعية التعليم والتخصصات والمساقات، التي يجب أن يتم توجيهها بشكل يلبي حاجة السوق ويرفدها بخريجين يتمتعون بالمهارات اللازمة للمستقبل.

تغيير جذري

من جانبه، أكد الدكتور حميد مجول النعيمي مدير جامعة الشارقة، أن مستقبل التعليم والتعلم، سيعتمد بشكل كبير خلال الفترات المقبلة، على استخدام التكنولوجيا في المجالات الأكاديمية كافة، ما يستوجب على المؤسسات التعليمية، إعادة النظر في خططها الاستراتيجية، والاستثمار بشكل كبير في التكنولوجيا.

والذي لا يقتصر على تحديث البنية التحتية التقنية فحسب، بل يجب إعادة صياغة توصيف المساقات، وتحديث البرامج الأكاديمية بشكل جذري، لتتناغم مع التعلم (عن بعد)، أو التعلم الهجين، أو التعلم المعكوس، أو التفاعلي، وغيرها من طرائق التعلم الحديثة (غير التقليدية).

والتي تعتمد على مشاركة الطالب، وتفعيل دوره في العملية التعليمية، لزيادة التحصيل العلمي، أساسه نظم تكنولوجيا المعلومات، كوسيلة لتوصيل المعلومة بشكل افتراضي، سواء أكان ذلك تزامنياً أو غير مباشر عن طريق المحاضرات المسجلة مسبقاً.

وبين الدكتور مجول أن التعليم والتعلم، سيشهد تغييراً جذرياً، ناهيك عن الفرص التي ستتوفر للمؤسسات التعليمية، التي تكمن في اختفاء عدة عوامل كانت عائقاً، منها، على سبيل المثال، توزيع الطلبة في الشعب التدريسية، وفق القدرة الاستيعابية للفصل، وتمديد أوقات المحاضرات خارج ساعات العمل المتعارف عليها، وإمكانية طرح برامج أكاديمية أو تدريبية أو إكلينيكية بشكل افتراضي تام، وغيرها من المزايا الاقتصادية للتعليم عن بعد.

محاكاة التطور

وأشار إلى أن من أهم الأفكار التي ستمكن دولة الإمارات، لتكون رائدة في هذا المجال، تكمن في الاستثمار، وفي النظم التقنية المساندة لعملية التعليم والتعلم الافتراضي، كما يجب التركيز على تحديث البرامج الأكاديمية، وتحديثها لتكون متناغمة مع سوق العمل والوظائف الجديدة رائدة في محاكاة التطور.

وخاصة في تحديث طرائق التعليم، والابتعاد على النمط التقليدي، والبرامج الأكاديمية التقليدية، وطرح برامج أكاديمية تحاكي المستقبل، وتضمن مخرجاتها تطلعات الطلبة من تكنولوجيا الفضاء والفلك والمعلوماتية والذكاء الاصطناعي، وبرامج البيانات الكبيرة وإنترنت الأشياء، والأمن السيبراني.

تخصصات المستقبل

ولفت الدكتور مجول إلى أن أهم التخصصات في المستقبل، والتي أتت، إما بسبب الجائحة، أو بالأسباب الاعتيادية، المتمثلة في التقدم التكنولوجي والعملي والبحثي، هي الأمن السيبراني، والذي يخلط بين العديد من الموضوعات في هندسة تقنية المعلومات، وعلوم الحوسبة، والذي سيكون تخصصاً مهماً جداً، بسبب التقدم الملحوظ، وتطبيقات التكنولوجيا في كافة نواحي الحياة والتسويق الإلكتروني.

والذي شهد طفرة غير عادية خلال السنة الماضية، ومن المتوقع أن يستمر بوتيرة أقوى خلال السنوات المقبلة، وهندسة البرمجيات بحلتها الجديدة، وتطوير نظم المعلومات المساندة لكل ما له علاقة بالعمل أو التدريس الافتراضي، وخاصة منصات التواصل.

قدرات ومهارات

 

من جهته، أكد الدكتور حسام حمدي مدير جامعة الخليج الطبية، أن التعليم العالي يبنى على القدرات والكفاءات، وليس على الكورسات والمواد التي تدرس بطريقة متدرجة، ثم يمتحن فيها الطالب، لا تمكن من إيجاد خريج كفء، يواكب تطورات الخمسين المقبلة، ولذلك، لا بد من الاهتمام بمخرجات البرامج التعليمية، حتى تكون مرتبطة بقدرة الخريج على ما يمكن أن يؤديه في سوق العمل سريع التغير.

مبيناً أن هناك الكثير من البرامج التي يجب إعادة النظر في برامجها، لا سيما الطبية منها، والتي يجب أن تبنى على القدرات والمهارات، حتى يواكب الخريج متطلبات العصر.

كما أنه لا بد للكليات من اعتماد التكنولوجيا الحديثة والابتكارات في مناهجها العلمية، حتى تتمكن الجامعات من مواكبة الخمسين المقبلة، وحتى نجد خريجاً ناقداً ومفكراً، ليس هدفه فقط الدرجة العلمية، بل رفع كفاءته التي تتماشى مع سوق العمل.

مرتكزات

وأكد الدكتور كريم الصغير مدير جامعة عجمان، أن هناك عدة مرتكزات ترسم مستقبل التعليم العالي في دولة الإمارات، خلال الخمسين المقبلة، وتندرج ضمن الخطة الاستراتيجية للجامعة، بما فيها الذكاء الاصطناعي، التعلم عن بعد، التعلم الذكي، مضيفا أنه في ظل تأثيرات جائحة «كورونا»، يجب على الجامعات تبني نموذج تعليمي متطور ومرن، وقادر على مواكبة التغيرات.

استخدام التكنولوجيا يخفض كلفة التعليم

أوضح الدكتور حسين الأحمد عميد كلية الهندسة وتقنية المعلومات بجامعة دبي، أن التعلم لن يكون مرتبطاً بزمان أو بمكان معين، ويعتقد أن كلفة التعليم سوف تنخفض بسبب استخدام التكنولوجيا والتعليم الهجين، ما يتيح فرصاً جديدة للمتعلمين، كما أن منظمة الامتحانات التقليدية، سوف تستبدل إلى المشاريع المشتركة، مع التركيز على المهارات المكتسبة.

ورأى الدكتور الأحمد كذلك، أن الذكاء الاصطناعي والبيانات الكبيرة، سوف تستخدم لتقييم الطلاب، وتقديم النصائح لهم، كما أن التعلم سوف يستمر مدى الحياة، ولن يرتبط بسن معينة، بالإضافة إلى أن الشهادات التقليدية، لن تكون كافية للحصول على الوظيفة المناسبة، ما لم تكن هناك مهارات مكتسبة.

معرفة تأسيسية

من ناحيته، أكد الدكتور معاوية العوض مدير معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية في جامعة زايد، على أهمية توافر عدة عوامل في طالب الجامعة، أبرزها حصوله على معرفة تأسيسية وتجريبية قوية، وحتى يصبح متعدد الاختصاصات مدى الحياة، ويكون مستعداً للتعامل مع ما سيأتي به المستقبل المتغير.

وأضاف: من الضروري أن يواصل الخريج الارتباط بالجامعات التي تقدم برامج التعلم المستمر، وتطورها بشكل دائم، بالإضافة إلى المهارات الفنية، والشخصية، خصوصاً التحليل النقدي، والعمل الجماعي والاتصال.

تعلم تجريبي

وشدد الدكتور العوض على أهمية اعتماد مناهج تنمي وتطور مهارات الطلبة، والانتقال من النمط التقليدي، الذي يعتمد بشكل موسع على بناء المعارف إلى التعلم التجريبي المطور لبناء مهارات خريجي المستقبل، والمتوافق مع احتياجات سوق العمل.

وقال الدكتور العوض: إذا كانت جامعات المستقبل على صلة وثيقة بالبيئة حولها، ومواكبة للأفكار والاتجاهات المحلية والعالمية، ومتأثرة بها، فإنها ستكون قادرة على بناء المهارات من أجل المستقبل، من خلال التركيز بشكل أكبر على الأساليب التجريبية متعددة الاختصاصات.

والتي من خلالها يمكن تعزيز الوعي والفهم والتجريد، كأساس لعملية التعلم المستمر، بهدف تعزيز المهارات في المستقبل، أو تعلم مهارات جديدة.

اكتساب المهارات

من جهتها، أوضحت الدكتورة نورية العبيدلي مستشار شؤون طلبة في قطاع التعليم العالي، أهمية اكتساب المهارات للطلاب خلال مراحل التعليم المختلفة، خصوصاً المرحلة الجامعية، والمؤهلة إلى سوق العمل، وأن التمكن منها وإتقانها، سيفيد في أداء المهام الوظيفية بعد التخرج، ومشيرة إلى أهمية اكتساب المعارف أيضاً، وهي المرحلة التي تسبق التدرب على المهارات.

اكتساب ذاتي

وشددت الدكتورة العبيدلي على أهمية التشجيع على التعلم الذاتي، وتزويد الطلبة بالمصادر اللازمة للقيام بعملية اكتساب المعارف والعلوم ذاتياً، ومن ثم التركيز على توظيف المعارف المكتسبة لبناء المهارات، تحت توجيه نظام تعليمي متمكن، وبشكل ممتع ومشوق، يتوافق مع ميول الطالب واهتماماته.

وأوضحت أن بناء المهارات بحاجة لأنظمة تعليمية تسمح للطالب بالتفكير بحرية، بالإضافة إلى توفير المصادر والتجهيزات اللازمة، التي تساعد في تصميم وتنفيذ مناهج داعمة لبناء المهارات، والتي لا تبنى في بيئات تعليمية تقليدية، وإنما في بيئات تحفز الإبداع والابتكار.

Email