مساجد الإمارات... عبادة في رحاب الاستدامة

ت + ت - الحجم الطبيعي

 تجسد المساجد في دولة الإمارات نموذجاً ملهماً للأبنية الخضراء الصديقة للبيئة، ومنطلقاً نحو تعزيز تبني الحلول المستدامة في المستقبل.

وتعد الإمارات من أبرز الدول التي تواكب مستجدات استدامة المباني بمختلف أنواعها وفيها المساجد، وذلك بفضل المبادرات الحكومية المختلفة التي تسعى لتأصيل الاستدامة في مختلف المشروعات التنموية والخدمية والسكنية، بهدف تحسين جودة الحياة، والوصول إلى الحياد الكربوني.

ويستعرض التقرير الآتي، مجموعة من المساجد في دولة الإمارات كانت السباقة عالمياً في تبني حلول الطاقة المتجددة ومعايير واشتراطات الأبنية المستدامة.

ففي يناير الماضي، افتتحت مدينة مصدر، “مسجد الاستدامة” الذي يجسد نموذجاً للالتزام بأعلى معايير الاستدامة الدولية، حيث اعتمد تصميمه مفهوم التصميم السلبي، وهو تقنية معمارية تحقق أقصى قدر من كفاءة الطاقة والمياه.

وتلعب المناور والتصاميم العربية التقليدية كالمشربية دوراً مهماً في زيادة الضوء الطبيعي، كما تقلل الحرارة الناتجة عن أشعة الشمس المباشرة، فيما يوفر الغلاف محكم الإغلاق حول المبنى عزلاً عالي الأداء، بالإضافة إلى المسارات المظللة بالأشجار وأجهزة الاستشعار الذكية داخل المسجد التي تتيح إدارة دقيقة للإضاءة والتهوية، وكلها عوامل تقلل الحاجة إلى التبريد المعتمد على الطاقة الكثيفة، وتنتج الألواح الشمسية الكهروضوئية المثبتة على مظلات مواقف السيارات القريبة، جزءاً من متطلبات الطاقة المتبقية للمبنى.

ويلبي تصميم المسجد الفريد جميع المتطلبات ليكون أول مسجد LEED بلاتيني في أبوظبي وهو على المسار الصحيح للحصول على ثلاث لآلئ حسب نظام التقييم بدرجات اللؤلؤ للمباني “PBRS”.

بدورها أعلنت دائرة الأشغال العامة بالشارقة خلال مشاركتها في فعاليات مؤتمر الأطراف باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغير المناخي “COP28” عن مبادرة لإنشاء مسجدين صديقين للبيئة يعملان بنظام التكييف الإشعاعي، وموفران للطاقة، إضافة إلى تزويدهما بالراحة المكانية.

وستستخدم في المسجدين أنظمة تكييف بالشعاع الهوائي مما يتيح تخفيض البصمة الكربونية وتوفير استهلاك الطاقة الكهربائية بنسبة 14% بما يعادل التخلص من 620 كيلوجراماً من غاز ثاني أكسيد الكربون ويصنف المبنى بدرجة التصنيف الفضية.

وفي دبي، يعد مسجد "خليفة التاجر" الذي افتتح عام 2014 أول مسجد صديق للبيئة في العالم الإسلامي، يتماشى تصميمه مع معايير ومواصفات الأبنية الخضراء للمنظمة الأميركية العالمية USGBC.

وتُستخدم في المسجد حلول الطاقة المتجددة التي تتمثل في تركيب أعمدة إنارة خارجية مزودة بألواح شمسية، ونظام بطاريات تخزين تعمل بالطاقة الشمسية، والألواح الشمسية لتسخين مياه الوضوء والمياه المستخدمة في سكن الإمام وملحقات المسجد بدلاً من استخدام السخانات الكهربائية.

وتساعد الحلول والتقنيات الصديقة للبيئة المستخدمة في المسجد على تخفيض معدل استهلاك الطاقة عبر استخدام مصابيح LED الموفرة للطاقة بدلاً من المصابيح العادية واستخدام نظام للتحكم بالإنارة والإغلاق بشكل تلقائي وفقاً لأوقات الصلاة، كما تساهم التقنيات الحديثة المستخدمة في التحكم بسرعة تدفق المياه للصنابير في مكان الوضوء والمغاسل، إضافة إلى معالجة فلترة المياه عبر تجميع مياه الوضوء المستعملة وتدويرها وتنقيتها لإعادة استخدامها في دورات المياه ولري النباتات.

ومن بين الحلول الأخرى المستخدمة في المسجد تقنية العزل الحراري عبر مواد بناء عازلة للأسقف والجدران الخارجية للحد من انتقال الحرارة، واستخدام الزجاج المزدوج للنوافذ والمزوّد بطبقة طلاء معدني تقلل من حجم أشعة الشمس الداخلة للمسجد.

ويعد مسجد الريان المشيد في منطقة حتّا، أول مسجد في العالم يحصل على التصنيف البلاتيني الخاص بالمباني الخضراء، ويمتد على مساحة 1050 متراً مربعاً ويتسع إلى نحو 600 مصلٍ.

وتم تزويد منطقة انتظار السيارات في حرم المسجد، الذي تم افتتاحه في العام 2021 واستغرق بناؤه 12 شهرا، بمحطات شحن للسيارات الكهربائية، كما تتم إعادة استخدام المياه الخاصة بالوضوء في أغراض سقي المسطحات الخضراء، فيما تساهم أجهزة التهوية والتبريد في المسجد في تقليل نسبة استهلاك الطاقة، كما يساهم تصميم المسجد والاستعانة باللوحات الشمسية في تقليل نسبة الطاقة المستخدمة بنسبة 25%.

وفي رأس الخيمة، يعد مسجد السبطين أول مسجد ذكي وأخضر في الإمارة تم تصميمه وبنائه من مكونات صديقة للبيئة حسب المعايير الإماراتية والعالمية.

وتحيط بمبنى المسجد مساحات خضراء متنوعة، تقود إلى تلطيف الجو وتطوير البيئة المحيطة به، كما تم تزويده بنظام لتدوير المياه المستهلكة، والاستفادة منها في ري المزروعات.

وتعمل أنوار المسجد بالطاقة الشمسية، وتتحكم في تشغيلها “حساسات” خاصة، كما تعمل مكيفات الهواء بنظام ذكي يتحكم في برودة المسجد، في ضوء درجات حرارة فصلي الصيف والشتاء، بجانب تكييف مياه الخزانات بواسطة الطاقة الشمسية، لتنسجم حرارتها مع الفصلين.

وتحد الحساسات الذكية في قسم الوضوء من الإسراف في استهلاك المياه، وتساهم في استثمار مياه الأمطار بعد تكريرها بصورة آلية لاستخدامها في الوضوء وفي ري المساحات الخضراء.

 

Email