رحيل

فرسان إبداع ترجلوا

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يمر عام 2019 هيناً على الساحة الثقافية المحلية، حيث فقدت خلاله ثلاثة من فرسانها، ممن ترجلوا راحلين عن دنيانا، تاركين وراء ظهورهم إرثا إنسانياً وحضارياً، وأعمالاً ثقافية وفنية، معظمها امتاز بـ «ثقل وزنه»، بين هؤلاء كان شعراء وأدباء، وآخرون، طالما أثروا الساحة العربية والمحلية بإبداعاتهم، وإنجازاتهم التي دونت في إحدى صفحات التاريخ.

على رأس الراحلين، كان الشاعر والكاتب الإماراتي حبيب الصايغ، رئيس مجلس إدارة اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، أمين عام الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب سابقاً، والذي برحيله خلف صدمة واسعة على الساحة المحلية، لا سيما وأنه كان أحد أبرز أعلام الثقافة الإماراتية، وعرف بجرأة قلمه، وهو الذي عمل في الصحافة والثقافة، ورفدها بعشرات الإنتاجات الشعرية، التي ترجمت إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والإسبانية والصينية.

رحيل القاصة والأديبة الإماراتية مريم جمعة فرج لم يكن أقل وقعاً على الساحة المحلية، وهي التي أثرت المشهد الثقافي بأعمالها الأدبية، حيث كانت تعد من الأصوات المميزة في القصة الإماراتية، حيث كتبت عن هموم المرأة والبيئة الاجتماعية.

الراحلة مريم لم تكتفِ بالعمل في الثقافة والترجمة، وإنما وسعت مسيرتها عبر دخول المجال الإعلامي، وشكلت «البيان» بيتها الأخير، حيث كانت تكتب في «بيان الكتب»، وعملت على إثراء صفحات قسم الثقافة والمنوعات بعشرات الحوارات والتقارير التي تناقش هموم الأدب والثقافة المحلية والعربية والعالمية. قبل رحيلها خلفت مريم وراء ظهرها مجموعة من الإنتاجات القصصية، والشعرية أيضاً، بدأت بمجموعة «فيروز»، وتلتها بمجموعة «ماء»، وكذلك «امرأة استثنائية»، وغيرها.

برحيل الفنان والمخرج الإماراتي حميد سمبيج، أصاب الحزن جنبات المسرح الإماراتي، وهو الذي أثرى المسرح المحلي بتجربة مميزة، استمرت 8 سنوات، وأسهم أيضاً بإثراء الدراما التلفزيونية، عبر المشاركة في عدد من الأعمال، من بينها: «ريح الشمال»، «حاير طاير»، «بنت الشمار»، «سفينة الأحلام»، كما استفادت الحركة المسرحية المحلية من خبرته كثيراً، حيث شارك في عدة لجان لتقييم الأعمال المسرحية، وكان عضواً في لجنة اختيار العروض المسرحية لعام 2003 لأيام الشارقة المسرحية.

خليجياً، لم يكن الوجع أقل حدة، حيث فقدت الساحة الأديب والناقد السعودي عبد الفتاح أبو مدين، الذي يعد من رواد العمل المؤسسي الثقافي في المملكة، وكان رئيسًا لنادي جدة الأدبي، وأصدر جريدة (الأضواء) وهي أول جريدة تصدر في جدة، عام 1957، وصدرت له أكثر من 10 مؤلفات، كما فقدت الساحة السعودية الممثل والإعلامي طلال الحربي، الذي اشتغل بالمسرح والدراما، وكان من آخر أعماله مسلسل «العاصوف»، ومع رحيل الكاتب والممثل والمخرج العراقي سامي عبد الحميد، كان الحزن قد استحكم جنبات المسرح العربي، حيث لقب الراحل بـ «عميد المسرح العراقي»، سامي الذي فارق الدنيا عن 91 عاماً، كان قد أثرى مسيرة المسرح العربي بجملة من الأعمال المسرحية الناجحة، كما أثرى السينما العراقية والعربية بنصوص كثيرة، والتي تحولت إلى اعمال خالدة.

أما عربياً، فقد خلف رحيل الأديب المصري عبد الوهاب الأسواني، وجعاً كبيراً في الساحة، وهو الذي أثرى الرواية العربية، بعدد كبير من الأعمال، حيث كان يعد الراحل أحد أهم المثقفين الموسوعيين خاصة في مجال التاريخ، وحظيت الرواية بجل اهتمامه، وقد حولت مجموعة من أعماله إلى مسلسلات وسهرات اذاعية وتلفزيونية، من بينها «النمل الأبيض»، الأمر ذاته انسحب على عضو اتحاد كتاب المغرب، الشاعر عبد السلام بو حجر، الذي ترجل هو الاخر، بعد مسيرة طويلة أثرى خلالها المشهد الثقافي العربي، مكنته من الحصول على لقب «شاعر الجماليات العليا»، بو حجر، خلف وراءه مجموعة أعمال كثيرة من بينها «أجراس الأمل» و»ايقاع عربي خارج الموت» و»قمر الأطلس» وغيرها.

 

Email