الجزء الثامن في القرآن الكريم

اسمُ الله يُضْفي البَرَكَةَ عَلى الطَعامِ

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يبدأ هذا الجزء منَ القرآن الكريم، منْ الآيـة [111] من سورة الأنعـام، وحتى الآيـة [87] من سورة الأعـراف، ومـمّـا ورَد فيـه:

(وَإنَّهُ لَـفِسْـق)[الأنعام 121]:

إنَّ ذِكْرَ اسْمَ اللهِ عَلى الطَعامِ أمْرٌ بالِغُ الأهَميَّةِ، فَذِكْرُ اسْم اللهِ يُعَقِّـمُ الطعامَ مِنَ الجَراثيمِ وَالفيروساتِ وَالكريّاتِ البَيْضَاءِ الالْتِهابيّةِ الخَطِرَةِ عَلى الصِحَّةِ الإنْسانيّةِ: (وَلاَ تَأْكُـلُـوا مِـمّـا لَـمْ يُـذْكَـرِ اسْـمُ اللّـهِ عَـلَـيْهِ وَإنَّهُ لَـفِسْـق)[الأنعام 121]، الفِسْـقُ هُوَ: الفاسِـدُ في أصْلِهِ، لأنَّ اسْمَ اللّهِ اسْمٌ مُبَارَكٌ: (تَبَارَكَ اسْـمُ رَبِّكَ ذِي الـجَـلاَلِ وَالإكْـرامِ)[الرحمن 78]، وَيُضْفي البَرَكَةَ عَلى الطَعامِ فَيَجْعَلَهُ نافِعَاً.

فَبَعْد إجْراءِ عَمليَّاتِ الاسْتِنْباتِ الجُرْثُوميِّ مِنْ قِبَلِ فَريقٍ طبّي وَصَيْدَلانيّ مُخْتَص لِمُدَّةِ 48 سَاعة، بَـدا لَوْنُ اللحْمِ المُكَبَّرِ عليْهِ زَهْريّاً فاتِحاً [مِمّا يَدُلُّ عَلى عَدَمِ نُمُوِّ الجَراثيمِ العُنقوديَّةِ عليْهِ]، وَاللحْمُ غَيْرِ المُكَبَّرِ عليْهِ أصبحَ أحْمَرَ قاتِماً يَميلُ للزُرْقَةِ [نُمُوٌّ غَزيرٌ للمُكَوَّراتِ العُنْقُوديّةِ وَالحَالّةِ للدَمِ]، وَالأمْرُ صَريحٌ بالأكْلِ مِمّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عليْهِ: (فـَكُـلُـوا مِـمَّـا ذُكَـرَ اسْـمُ اللّـهِ عَـلَـيْهِ إنْ كُـنْتُمْ بِآياتِهِ مُـؤمِـنينَ مَـا لَـكُـمْ لاَ تَأكُـلُـونَ مِـمَّـا ذُكَـرَ اسْـمُ اللّـهِ عَـلَـيْهِ)[الأنعام 118 / 119]، وَعَدَمُ ذِكْرِ اسْم اللهِ عَلى الذَبائِحِ هُوَ افْتِراءٌ عَلى اللهِ: (وَأنْعَـامٌ لاَ يَـذْكُـرونَ اسْـمَ اللّـهِ عَـلَـيْهَـا افْـتِراءً عَـلَـيْهِ)[الأنعام 138]، وَهيَ غَيْرُ قابِلَةٍ للتَزْكِيَةِ: (حُـرِّمَـتْ عَـلِـيْكُـمْ الـمَـيْتَةُ وَالـدَمُ وَلَـحْـمُ الـخِـنْزيرِ وَمَـا أُهِـلَّ لِـغَـيْر اللَّـهِ بِهِ وَالـمَـوْقُوذَةُ وَالـمُـتَرَدِّيَةُ وَالـنَطِـيحَـةُ وَمَـا أكَـلَ الـسَـبْعُ إلاّ مَـا ذَكَّـيْتُمْ وَمَـا ذُبِحَ عَـلـى الـنُصُـبِ)[المائدة 3]، (قُـلْ لاَ أَجِـدُ فـي مَــا أُوحِـيَ إلَـيَّ مُـحَـرَّمَـاً عَـلَـى طَـاعِـمٍ يَـطْـعَـمَـهُ إلاّ أنْ يَـكُـونَ مَـيْتَـةً أوْ دَمَـاً مَـسْـفُوحَـاً أوْ لَـحْـمَ خِـنْـزيرٍ فَـإنَّـهُ رِجْـسٌ أوْ فِـسْـقَـاً أُهِـلَّ لِـغَـيْرِ اللّـهِ بِهِ)[الأنعام 145]، (أُحِـلَّـتْ لَـكُـمْ بَهِـيمَـةُ الأنْعَـامِ إلاَّ مَـا يُتْلـى عَـلَـيْـكُـمْ)[المائدة 1]، (وَأُحِـلَّـتْ لَـكُـمُ الأنْعَـامُ إلاَّ مَـا يُتْلـى عَـلَـيْـكُـمْ)[الحج 30]، إلاَّ مَـا يُتْلـى عَـلَـيْـكُـمْ: إلاَّ مَا حُرِّمَ بِنَصٍّ صَريحٍ.

(كَـانَ مَـيْتَاً فَأَحْـيَيْناهُ)[الأنعام 122]:

مَيَّزَ القُرْآنُ الكريْمُ بَيْنَ إنْسَـانٍ [يَحْـيَ] وَبَيْنَ إنْسَـانٍ [يَعِيْـشُ]، فالحَيَـاةُ تَكُونُ دَوْماً [طَيِّبَةً]، بَيْنَمَا المَعيْشَةُ لاَ تَكونُ إلاَّ [ضَنْكاً]، فالعَيْـشُ هُوَ نِظامٌ حَركيٌّ يَصْلُحُ لِلعَيْشِ وَلَيْسَ لِلحَيَاةِ: (أَمْـواتٌ غَـيْرُ أحْـيَاءٍ وَلَـكِـنْ لاَ يَشْـعُـرون)[النحل 21]، وَأصْحَابُ جَهَنَّمَ يَعِيْشُونَ دُونَ حَياةِ: (الـذي يَصْـلَـى الـنَارَ الـكُـبْرى ثُـمَّ لاَ يَمُـوتُ فِيْهَـا وَلاَ يَحْـيَ) [الأعلى 13]، لَكِنَّهُ يَعْيْشُ فيها وَيَأْكُلُ الزَقُّومَ وَيَشْرَبُ الحَميْمَ، وَقَدْ قالَ السَيِّدُ المَسيْحُ عليه السلام: [دَعِ المَـوْتى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ][إنْجِيْل مَتّى 22].

أمّا الحَيَـاةُ: هيَ أيْضَاً نِظَامٌ حَرَكيٌّ، لكِنْ مَعَ وُجُودِ [النُـورِ] الإلَهيِّ لِتَحْقِيْقِ هَدَفٍ سَـامٍ: (أ َوَمَـنْ كَـانَ مَـيْتَاً فَأَحْـيَيْناهُ وَجَـعَـلْـنا لَـهُ نُوراً يَمْـشِـيِ بِهِ في الـنَاسِ)[الأنعام 122]، وَتَكُونُ الحـيَاةُ بالعَمَلِ الصَالِحِ: (مَـنْ عَـمِـلَ صَـالِـحَـاً مِـنْ ذَكَـرٍ أوْ أُنْثَى وَهُـوَ مُـؤْمِـنٌ فَلَـنُحْـيِيَنَّهُ حَـيَاةً طَـيِّبَةً)[النحل 97]، وَاخْتارَ اللّهُ اسْمَ النبي [يَحْيَ]: (إنَّا نُبَشِّـرُكَ بِغُـلامٍ اسْـمُـهُ يَحْـيَ لَـمْ نَجْـعَـلْ لَـهُ مِـنْ قَبْلُ سَـمِـيّاً)[مريَم 7]، (وَإنَّ الـدارَ الآخِـرَةَ لَـهِـيَ الـحَـيَوانُ)[العنكبوت 64]، الحيوان: صيغة المبالغة من الحياة السامية.

(اسْـتَمْـتَعَ بَعْـضُـنَا بِبَعْـضٍ)[الأنعام 128]:

إنّ جهنم هي لإبْليسَ وَأتْبَاعَهُ مِنَ الجِنَّ وَالإنْسِ فَقَطْ، فُهُمُ المَجْمُوعَةُ الكافِيَةُ لِمَلْءِ جَهَنَّمَ: (وَيَوْمَ يَحْـشُـرُهُـمْ جَـمِـيعَـاً يَا مَـعْـشَـرَ الـجِـنِّ قَـدِ اسْـتَـكْـثَرْتُمْ مِـنَ الإنْسِ ... وَقَالَ أَوْلِـيَاؤُهُـمْ مِـنَ الإنْسِ رَبَّنَا اسْـتَمْـتَعَ بَعْـضُـنَا بِبَعْـضٍ وَبَلَـغْـنَا أَجَـلَـنَا الـذي أَجَّـلْـتَ لَـنَا قَالَ الـنَارُ مَـثْواكُـمْ خَــالِــدينَ فِـيْهَـا إلاَّ مَـا شَـاءَ اللَّـهُ)[الأنعام 128]، فَهيَ إذَاً لإبْليسَ وَأتْبَاعَهُ مِنَ الجِنِّ وَالإنْسِ فَقَطْ، اسْـتَـكْـثَرْتُمْ مِـنَ الإنْسِ: أي بالضَـلالِ، أَوْلِـيَاؤُهُـمْ: أي أوليـاءُ الشَـياطينِ مِـنَ الإنْسِ، اسْـتَمْـتَعَ: أي تَجَاوَبْنَـا مع شياطين الجنّ واتّبعناهم.

(قَـتْـلَ أوْلادِهِـمْ)[الأنعام 137]:

كان الإنْسَانُ القديم يَنْذُرُ ذَبْحَ أَحَـدِ أبْنَائِهِ [خَاصَّةً البِكْرَ مِنْهُمْ] كَقُرْبانٍ للآلِهَةِ، وَالقِصَّةُ الشَهِيْرَةُ عَنْ عَبْدِ المُطَّلِبِ، عِنْدَمَا نَذَرَ ذَبْحَ أَحَدِ أبْنائِهِ، إذَا رَزَقَهُ اللّهُ /12/ وَلَدَاً ذَكَراً، وَالتَضْحِيَةُ في الأسَاسِ هيَ التَخَلِّي عَنْ شَيْءٍ ذِي قِيْمَةٍ، وَقَدْ بنيت في السابق مَحَارِقَ لِحَرْقِ أوْلادِهِمْ أحْيـاء، وَكَانَتِ الطُبُولُ تُدَقُّ بِقُوَّةٍ، كَيْ يَطْغَى صَوْتُهَا عَلى صُراخِ الأَطْفالِ، وَهُمْ يُحْرَقُونَ أحْياء حتّى الموتُ: (وَكَـذَلِـكَ زَيَّنَ لِـكَـثِيْرٍ مِـنَ الـمُـشْـرِكِـيْن َ قَتْلَ أوْلادِهِـمْ ... فَذَرْهُـمْ وَمَـا يَفْتَرونَ)[الأنعام 137]، (الـذيْنَ اتَّخَـذُوا مِـنْ دُونِ اللّهِ قُرْبَانَاً آلِهَـةً)[الأحقاف 28]، وَعِنْدَ الشُعُوبِ القَدِيْمَةِ [الفينيقِيَّونَ] مَثَلاً، كَانَتْ التَضْحِيَةُ بِالوَلَدِ البِكْرِ، وَقَدْ وُجِدَ الكَثِيْرُ مِنْ عِظَامِ الأطْفالِ تَحْتَ أسَاسَاتِ المَنازِلِ وَالمَعَابِدِ، حَيْثُ كَانَ الأطْفالُ يُقَدَّمُونَ ضَحَايَا عِنْدَ تَأْسِيْسِ البِنَاءِ، وَفي قِرْطَاجَة أُحْرِقَ /200/ طِفْل في وَقْتٍ واحِدٍ، كَقُرْبانٍ للآلِهَةِ، مِنْ أَجْلِ فَكَّ الحِصَـارِ عَنْهَـا.

(مَـا مَـنَعَـكَ أَلاَّ تَسْـجُـدَ إذْ أَمَـرْتُكَ)[الأعراف 12]:

(وَإذْ قَالَ رَبُّـكَ لِلـمَـلاَئِـكَـةِ إنِّي خَـالِـقٌ بَشَـراً مِـنْ صَـلْـصَـالٍ مِـنْ حَـمَـأٍ مَـسْـنُونٍ فَإذا سَـوَّيْتُهُ وَنَفَخْـتُ فِيْهِ مِـنْ رُوحِـي فَـقَـعُـوا لَـهُ سَـاجِـدينَ)[الحجر 28]، (فَـسَـجَـدَ الـمَـلاَئِـكَـةُ كُـلُّـهُـمْ أَجْـمَـعُـونَ)[ص 71]، وَبِسُجُودِ جَميعِ المَلاَئِكَةِ بِلاَ اسْتِثْنَاءٍ، تَآلَفَتْ وَتَوافقَتْ طَـاقَةُ المَلاَئِكَـةِ الكِرامِ مَعَ طَاقَةِ وَرُوحِ الإنْسَانِ التي نَفَخَهَا اللهُ سُبْحَانَهُ فيـهِ، بَيْنَمَا بَقِيَتْ طَاقَةُ إبليس الشَيْطَانُ الجَنَّي مُتَنَافِرَةً مَعَ طَـاقَةِ وَرُوحِ الإنْسَانِ، عِنْدَمَـا رَفَضَ السُجُودَ لآدَمَ عليه السلام، حيث سأله الله تعالى: (قَالَ مَـا مَـنَعَـكَ أَلاَّ تَسْـجُـدَ إذْ أَمَـرْتُكَ) [الأعراف 12]، أَلاَّ تَسْـجُـدَ: وَضَعَ [ألاَّ] لِتَوْكِيدِ طَلَبِ السُجُودِ فلأنَّ التَوْكيدَ شَديدٌ اقْتَضى وُجُودَ [لاَ] المُؤكِّدَة، وَفِعْلاً ذَكَرَ مُخَالَفَةَ إبْليسَ للأمْرِ فَقَالَ: إذْ أَمَـرْتُكَ.

بَيْنَمَـا قَوْلُهُ تعالى: (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ) [ص 75]، أَنْ تَسْـجُـدَ: هُنَـا المَنْـعُ بِدُونِ وُجُودَ [لاَ] المُؤكِّدَة، وَكَأنَّ سَـبَبَاً مَـا مَنَعَ إبْليسَ مِنَ السُـجُودِ، وَهَذا السَبَبُ هُوَ: اسـتَـكْـبَرْتَ أَمْ كُـنْتَ مِـنَ الـعَـالِـينَ، فالسَبَبُ مِنْ دَاخِلِ نَفْسِ إبْليسَ وَلَيْسَ مُؤَثِّراً خَارجيّاً: (إلاَّ إبْلِـيسَ أبـى)[البقرة 34]، أبـى: أي امْتَنَعَ ذاتِيَاً دُونَ تأثيرٍ خارجيّ، أمَّا قَوْلُهُ تَعَالى (وَإذْ قُـلْـنَا لـِلْـمَـلاَئِـكَـةِ اسـجُـدُوا لآدَمَ فَـسَـجَـدوا إلاَّ إبْلِـيسَ)[البقرة 34] فَلاَ يَعْني أنَّ إبْليسَ كَانَ مِنَ المَلاَئِكَـةِ، لأنَّ عِبَارَةَ: (إلاَّ إبْلِـيسَ) هِيَ مُسْتَثْنى عَلى الانْقِطَاعِ، أيْ أنَّ [المُسْتَثْنى مِنْـهُ لَيْسَ مِنْ نَوْعِ وَجِنْسِ المُسْـتَثْنى].

أوقات الصلاة الخمسة أفضل مواعيد لتناول الطعام

 

(خُـذُوا زِيْنَتَـكُـمْ عِـنْدَ كُـلِّ مَـسْـجِـدٍ وَكُـلُـوا وَاشْـرَبوا)[الأعراف 31]:

إنَّ أفْضَلَ الأوْقاتِ لِتَناوُلِ الطَعَامِ هُوَ أوْقـاتُ الصَلاةِ الخَمْسَـةِ: (يَا بَني آدَمَ خُـذُوا زِيْنَتَـكُـمْ عِـنْدَ كُـلِّ مَـسْـجِـدٍ وَكُـلُـوا وَاشْـرَبوا وَلاَ تُسْـرِفُوا)[الأعراف 31]، يَا بَني آدَمَ: النِداءُ لِجميْعِ الناسِ وَليْسَ للّذيْنَ آمَنـوا فقطْ، إذَاً المُوْضـُوعُ يَهُمُّ جَميْعَ الناسِ، وَالزِيْنَةُ التي هيَ الراحَةُ النَفْسيَّةُ لَها ارْتِبـاطٌ وَثِيْقٌ بالطَعـامِ، عِـنْدَ كُـلِّ مَـسْـجِـدٍ: أيْ ارْتاحُوا وَافْرَحُوا وَتَخَلَّصُوا مِنْ ضُغُوطِ الحَيـاةِ، خَمْسَ مَرَّاتٍ في اليَوْمِ، التي هيَ أوْقاتُ الصَلاةِ الإسْلاميّةِ، وَكُـلُـوا وَاشْـرَبوا: أي في أوقات الصلاة حصْـراً، وَلاَ تُسْـرِفُوا: أيْ خَمْسَ وَجَبـاتٍ خَفيفَـةٍ في اليَـوْمِ: (قُلْ مَـنْ حَـرَّمَ زِيْنَةَ اللّـهِ الـتي أَخْـرَجَ لِـعِـبَادِهِ وَالـطَـيِّباتِ مِـنَ الـرِزْقِ)[الأعراف 33]، وَبَعْدَ الطَعامِ الطيِّبِ أيْ الحَلال وَغَيْرِ المُلَوّث، يَجِبُ تَنظِيم الطـاقَة وَالحالَةِ النَفْسيّةِ السَعيدة، وَذَلِكَ عَنْ طَريْقِ العَمَلِ الصَالِحِ: (يَا أَيُّهَـا الـرُسُـلُ كُـلُـوا مِـن الـطَيِّباتِ وَاعْـمَـلُـوا صَـالِـحَـاً)[المؤمنون 51]، (مَـنْ عَـمِـلَ صَـالِـحَــاً مِـنْ ذَكَـرٍ أوْ أُنْثى وَهُـوَ مُـؤْمِـنٌ فَـلَـنُحْـيِيَنَّهُ حَـيَاةً طَـيِّبَةً)[النحل 97].

(الـجَـمَـلُ فـي سَـمِّ الـخـِيَاطِ)[الأعراف 40]:

(إنَّ الـذينَ كَذَّبوا بِآياتِنا وَاسْـتَكْبروا عَـنْهَـا لاَ تُفَتَّحُ لَـهُـمْ أَبْوابُ الـسَـمـَاءِ وَلاَ يَدْخُـلُـونَ الـجَـنَّةَ حَـتّى يَلِجَ الـجَـمَـلُ في سَـمِّ الـخـِيَاطِ وَكَـذَلِـكَ نَجْـزي الـمُـجْـرِمِـيْنَ)[الأعراف 40]، سَـمِّ: ثقب، الـخـِيَاطِ: الإبرة.

[الجَمَـلُ]: في هَذِهِ الآيَةِ لَيْسَ الحَيَوانُ المَعْـروفُ، بَلْ هُوَ: حَبْـلُ السَـفينَةِ الغَليظ

لأنَّ الحيوانَ المَعْـروفَ يُسَـمّى البَعيـرُ: (وَلِـمَـنْ جَـاءَ بِـهِ حِـمْلُ بَعـيـرٍ)[يوسف 72]، (وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعيرٍ)[يوسف 65]، فَأصْبَحَ مَعْنى الآيَةِ: حتّى يَدْخُلَ حَبْلُ السَـفينةِ الغليظِ في ثُقْبِ الإبْرَةِ، وَجَمْعُ الجَمَلِ: جِمَـالةٌ (كَأنَّـهُ جِمَـالَةٌ صُـفْرٌ)[المرسلات 33]، بَيْنَما جَمْعُ البَعيرِ: إبِـلٌ (أفَـلا يَنْظُـرونَ إلى الإبِـلِ كَيْفَ خُلِقَـتْ)[الغاشية 17].

(أفيضـوا علـينا منَ الـمـاء)[الأعراف 50]:

إنَّ الجِنـَانُ مُشْـرِفَةٌ عَلى النـَارِ، والتَخاطُبُ بَيْنَ أَصْحَاب الجنّـةِ وَأَصْحَابِ النـَارِ مُمْكِنٌ وَحـاصِلٌ فِعْـلاً: (وَنَادى أَصْـحَـابُ الـنَارِ أَصْـحَـابَ الـجَـنَّـةِ أَنْ أَفـيضـوا عَـلَـيْـنَا مِـنَ الـمَـاءِ أوْ مِـمَّـا رَزَقَكُــمُ اللَّـهُ قَالُـوا إنَّ اللَّـهَ حَـرَّمَـهُـمَـا عَـلـى الـكَـافِـرينَ)[الأعراف 50]، (وَنَادى أَصْـحَـابُ الـجَـنَّـةِ أَصْـحَـابَ الـنَارِ أَنْ قَـدْ وَجَـدْنَا مَـا وَعَـدَنَا رَبُّنَـا حَـقّـاً فَـهَـلْ وَجَـدْتُمْ مَـا وَعَـدَ رَبُّكُـمْ حَـقّـاً قَـالـوا نَعَـمْ)[الأعراف 44]، (قَالَ قَائـِلٌ مِـنْهُـمْ إنّي كَـانَ لـِي قَـرينٌ فَأطَّـلَـعَ فَرآهُ في سَـواءِ الـجَـحـيمِ)[الصافات 51].

(الـبَلَـدُ الـطَـيِّبُ يَخْـرُجُ نَبَاتُهُ)[الأعراف 58]:

إن عَلاَقَةُ النَبَـاتِ وَالطَاقَةِ التي يَحْتَويهَا، عَلاَقَةٌ وَثِيقَةٌ جِـدَّاً مَعَ الطَاقَةِ الخَيِّرَةِ لَدى سُكَّانِ البَلَدِ الذي يَنْبُتُ فـيهِ، وَمَدى قِيَامِ السُكَّانِ بِتَلْويثِ البِيئَـةِ وَبالتَالي تَلْويثِ الطَعَامِ خَاصَّةً بالمُرَكَّباتِ الكيميائِيَّة: (وَالـبَلَـدُ الـطَـيِّبُ يَخْـرُجُ نَبَاتُهُ بِإذْنِ رَبِّهِ وَالـذي خَـبُثَ لاَ يَخْـرُجُ إلاَّ نَكِـدَاً)[الأعراف 58]، فَيَجِبُ الانْتِبَاهُ حَتَّى عِنْدَ التَداوي بِالأعْشَابِ الطَبيعِيَّةِ لِحَالِ سُكَّانِ البَلَدِ وَمَدى تَلْويثِهِمْ لِلبيئَةِ.

(اعْبُدوا اللّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إلَهٍ غَيْرُه):

مِمّا يُقَوّي العَقيدَةَ الصحيحة، الخَبَرُ الصَادِقُ الذي يَتَجلّى في وِحْدَةِ الرِسالاتِ، فَجميعُ الرُسُلِ على اخْتلافِ أزْمِنَتِهِمْ وَألْسِنَتِهِمْ وَشُعُوبِهِمْ وَأماكِنِهمْ، قالوا عِبارَةً واحِدَةً هي: (اعْبُدوا اللّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إلَهٍ غَيْرُه)، أوضحتهـا سورة الأعراف:

نوحٌ: (لَـقَـدْ أَرْسَـلْـنَا نُوحَـاً إلـى قَوْمِـهِ فَقَالَ يَا قَـوْمِ اعْـبُدُوا اللَّـهَ مَا لَـكُـمْ مِنْ إلهٍ غَـيْرُهُ) [الأعراف 59].

هودٌ: (وَإلـى عَــادٍ أَخَـاهُـمْ هُــودَاً قَالَ يَا قَـوْمِ اعْـبُدُوا اللَّـهَ مَـا لَـكُـمْ مِـنْ إلـهٍ غَـيْرُهُ) [الأعراف 65].

صالحٌ: (وَإلـى ثَمُـودَ أَخَـاهُـمْ صَالِـحَاً قَالَ يَا قَـوْمِ اعْـبُدُوا اللَّهَ مَا لَـكُـمْ مِـنْ إلـهٍ غَـيْرُهُ) [الأعراف 73].

شُعَيْبٌ: (وَإلـى مَدْيَنَ أَخَاهُـمْ شُـعَـيْباً قَالَ يَا قَـوْمِ اعْـبُدُوا اللَّـهَ مَـا لَـكُـمْ مِـنْ إلـهٍ غَـيْرُهُ) [الأعراف 85].

كل هـذا واللـه أعـلم.

Email