ديناً قَيّماً

Eid al-Fitr prayers at the Sheikh Zayed Grand Mosque in Abu Dhabi, Aug 08 2013.

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكـمـلَ وأتَـمّ:

إنَّ أكْمَلَ الأَمْرَ: أنْهَـاهُ عَلى مَراحِلَ، بَيْنَهَا فَتَراتُ انْقِطاعٍ: (الـيَوْمَ أَكْـمَـلْـتُ لَـكُـمْ دِيْنَـكُـمْ) [المائدة 3]، أيْ: تمّ إكمـالُ الدين الحنيف خلال فترة 23 سنة، وعلى مـراحل مُتقطّـعة، فقدْ كان لآيات القرآن الكريم أسـبابٌ للنزول، بَيْنَمَا أتَمَّ الأَمْرَ: أنْهَاهُ عَلى مَرْحَلَةٍ واحِدَةٍ، دُونَ انْقِطاعٍ: (وَأتْمَـمْـتُ عَـلَـيْـكُـمْ نِعْـمَـتي) [المائدة 3]، وهذا منْ كـرَم الله وفضْلـه على هذه الأمّـة، أنّـهُ أكـمَلَ لهـا دينهـا على فتـرات امتدّت حتى 23 سـنة، لكنّ نعمته على هذه الأمّـة لـمْ تنقطـع أبداً وهي مُسـتمرّةٌ، لذلك استخدمَ كلمـة [أكمـل] مع الدين، وكلمـة [أتـمّ] مع النعمـة، ومن الأمثلة على ذلك الآيات الكريمة التالية: (ثُمَّ أَتِمُّـوا الـصِـيَامَ إلـى اللّـيْلِ) [البقرة 187]، (وَيَأْبى اللّـهُ إلاَّ أنْ يُتِمَّ نُورَهُ) [التوبة 32]، (كَـذَلِـكَ يُتِمُّ نِعْـمَـتَهُ عَـلَـيْكُـمْ) [النحل 81] (يُريدُ اللّـهُ لِـيُطَـهِّـرَكُـمْ وَ لِـيُتِمَّ نِعْـمَـتَهُ عَـلَـيْكُـمْ) [المائدة 6]، (وَيُتِمُّ نِعْـمَـتَهُ عَـلَـيْـكَ) [الفتح 2]، وبعْدَ أنْ أكـمَلَ الله سُبحانه لهذه الأمّـة دينهـا، فقد بيّن لهـا بشكلٍ واضح كلّ المُحرّمـات عليهـا: (ومَـا كانَ اللهُ ليُضـلّ قَـوْمَـاً بعْـدَ إذْ هـداهُـمْ، حتّى يُبيّنَ لَـهُـمْ مَـا يتّقـونَ) [التوبة 115].

الـعـبـادات والـمـعـامـلات:

الأَصْلَ في العِبَـادَاتِ فَهُوَ الحَظْـرُ، فَلاَ يُشَرَّعُ شَيْءٌ مِنْهَا، إلاَّ مَا أتى بِهِ الشَرْعُ، فَمَثَلاً الصَلاَةُ المَفْروضَةُ لَهَا أوْقَاتُهَا وَلاَ تَجُوزُ بِغَيْرِهَا وَلَهَا طَريَقَتُهَا، وَكَذَلِكَ الحَـجُّ لَهُ وَقْتُهُ لاَ يَجُوزُ بِغَيْرِهِ، وَلَهُ مَنَاسِكُهُ الخَاصّة بِهِ، فَكُلُّ طَاعَةٍ أوْ عِبَادَةٍ لاَ تَقُومُ عَلى [أمْرِالمَشِيئَةِ للخَالِقِ]، هيَ طَاعَةٌ مَرْفُوضَةٌ، وَالعِبـاداتُ التي تَقُومُ عَلى [أمـْرِ المَشـِيئَةِ] هيَ عِبـاداتٌ مَقْبُولَـةٌ.

إنَّ الأَصْلَ في المُعَـامَلاَتِ هُوَ الإبَـاحَةُ، وَلاَ يُحَرَّمُ شَيْءٌ في المُعَامَلاَتِ إلاَّ بِـنَصٍّ، مِثَالُ: أَكْلُ الحَيَوانَاتِ مُبَاحٌ إلاَّ مَا حُرِّمَ بِنَصٍّ: (أُحِـلَّـتْ لَـكُـمْ بَهِـيْمَـةُ الأَنْعَـامِ إلاَّ مَـا يُتْلَـى عَـلَـيْكُـمْ ... حُـرِّمَـتْ عَـلَـيْكُـمُ الـمَـيْتَةُ وَالـدَمُ وَلَـحْـمُ الـخِـنْزيرِ وَمَـا أُهِـلَّ لِـغَـيْرِ اللَّـهِ بِهِ وَالـمَـوْقُوذَةُ وَالـمُـتَرَدِّيَةُ وَالـنَطِـيحَـةُ وَمَـا أكَـلَ الـسَـبْعُ إلاّ مَـا ذَكَّـيْتُمْ وَمَـا ذُبِحَ عَـلـى الـنُصُـبِ) [المائدة 1/ 3] .

وكذلك الزَواجُ مُبَـاحٌ مِنْ جَميعِ النِسَـاءِ، مَاعَـدا المُحَرَّمَـاتِ بالنَصِّ التـالي: (حُـرِّمَـتْ عَـلَـيْـكُـمْ أُمَّـهَـاتُكُـمْ وَبَنَاتُكُـمْ وَأَخَـواتُكُمْ وَعَـمـَّاتُكُمْ وَخَـالاَتُكُـمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْـتِ وَأُمَّـهَـاتُكُـمْ الـلاتـي أَرْضَـعْـنَكُـمْ وَأَخَـواتُكُـمْ مِـنَ الـرَضَـاعَـةِ وَأُمَّـهَـاتُ نِسَـائـِكُـمْ وَ رَبَائِـبِكُـمُ الـلاتي في حجـورِكُـمْ مِـنْ نِسَـائِـكُـم الـلاتـي دَخَـلْـتُـمْ بِهِـنَّ فَإنْ لَـمْ تَكُـونُوا دَخَـلْـتُـمْ بِهِـنَّ فَـلاَ جُـنَاحَ عَـلِـيْـكُـمْ وَحَـلاَئِـلُ أبْنَائِـكُـمْ الـذينَ مِـنْ أَصْـلاَبِكُـمْ، وَأَنْ تَجْـمَـعُـوا بَيْنَ الأُخْـتَيْنِ إلاّ مَـا قَـدْ سَـلَـفَ إنَّ اللّـهَ كَـانَ غَـفُـوراً رَحِـيْمَـا ً وَالـمُـحْـصَـنَاتُ مِـنَ الـنِسَـاءِ إلاّ مَـا مَـلَـكَـتْ أًيْمَـانُكُـمْ كِـتَابَ اللّـهِ عَـلَـيْكُـمْ وَأُحِـلَّ لَـكُـمْ مَـا وَرَاءَ ذَلِـكُـمْ) [النساء 23]، أمّا بالنِسْبَةِ للرَسُولِ الكَرِيْمِ صلى الله عليه وسلّم، فَجَميْعُ النِسَاءِ مُحَرَّمَاتٍ، إلاَّ الحَـلائِلِ الوَارِداتِ بالنَصِّ التالي: (يَا أَيُّهَـا الـنَبِيُّ إنَّا أَحْـلَـلْـنَا لَـكَ أَزْوَاجَـكَ الـلاتي آتَيْتَ أُجُـورَهُـنَّ وَمَـا مَـلَـكَـتْ يَمِـينُكَ وَمَـا أَفَاءَ اللَّـهُ عَـلَـيْـكَ وَبَنَاتِ عَـمِّـكَ وَبَنَاتِ عَـمَّـاتِكَ وَبَنَاتِ خَـالِـكَ وَبَنَاتِ خَـالاَتِـكَ الـلاَّتـي هَـاجَـرْنَ مَـعَـكَ وَامْـرَأَةٌ مُـؤمِـنَةٌ إنْ وَهَـبَتْ نَفْسَهَـا للـنَبيِّ إنْ أَرادَ الـنَبيُّ أَنْ يَسْـتَنْكِـحَـهَـا خَـالِـصَـةً لَـكَ مِـنْ دُونِ الـمُـؤمِـنِينَ) [الأحزاب 50].

الأسُـــس الســبعـة:

إنَ الأسُــسَ السـبـعة التي بُنيَ عـليهـا هـذا الدينُ الحـنيفُ هي:

العِلْمُ وهو [واجبٌ]، والحِكْمَة وهي [مُثَـبّتةٌ]، والحَقّ وهو [ركـيْزةٌ]، القُوّةُ وهي [ضَـمـانٌ]، وَالعَدْلُ وهوَ [قَـانونٌ]، والرَحْمَةُ وهيَ [فضْـلٌ]، وَالحُسْبانُ وهوَ [تنظـيمٌ]. وَالشَرُّ هُوَ: عِلْمٌ بِلاَ حِكْمَة، ويؤدّي إلى الظـنّ: (إنَّ الـظَـنَّ لاَ يُغْـني مـنِ الـحَـقِّ شَـيْئَـاً) [يونس 36]، وَهو حِكْمَةٌ بِلاَ حَقّ، ويُؤدّي إلى الباطـل: (أَتَأْمُـرونَ الـنَاسَ بِالـبِرِّ وَتَنْسُـونَ أَنْفُـسَـكُـمْ) [البقرة 44]، وهو حَقٌّ بِلاَ قُوّة وَيُؤدّي إلى المَهـانة: (وَلاَ تَهِـنُوا وَلاَ تَحْـزَنُوا) [آل عِمران 136]، وَهوَ قُوَّةٌ بِلاَ عَدْل ويُؤدّي إلى الظُـلْمِ: (وَإِذَا بَطَـشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَـبَّارِيْن) [الشعراء 130]، وَهُوَ عَدْلٌ بِلاَ رَحْمَة، ويُؤدّي إلى الفتْـنة: (الفِتْنَةُ أَكْـبَرُ مِـنَ الـقَتْلِ) [البقرة 217]، وهوَ رَحْمَة بِلاَ حُسْبَانٍ، ويؤدّي إلى الإسـراف: (إِنَّهُ لاَ يُحِـبُّ الـمُـسْـرِفين) [الأنفال 141]، فالشـرّ في النهـاية هو: خَـْيرٌ ولكنْ لـمْ تُطَـبّق بنـودُهُ، وإصلاحٌ ولكن لـمْ تُتُنفّذ شُروطـه، فالذي نزَل منَ السماء كانَ خـيْراً بإطـلاقٍ: (وقيْلَ للّذينَ اتّقَـوْا مَـاذا أنْزَلَ ربّـكُـمْ قَـالوا خـيْراً) [النحل 30]، ولكن عندمـا لـمْ تُطّبق وتُنفّذ شُروط وبُنود هذا الخـير، ظـهَرَ كلَ هذا الشـرّ بين الناس.

القُـرآن الكـريمُ

إنّ القرآن الكريمَ يتكوّنُ منْ أجْزاءَ وعددهـا [30]، وعَدَدُ الأحْـزابِ [60]، وعَـدَدُ السُــوَرِ: [114 منهـا 86 مكّـيةٌ وَ28 مَدنيّـةٌ]، وعَـدَدُ الآيَــاتِ: [6236 آيةً منهـا 4613 مكيّـةٌ وَ623 مَدنيّـةٌ]، وعَـدَدُ الكلمـات [323671] كلمـة، (فَآمِـنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُـولِـهِ وَالـنُورِ الـذي أنْزَلْـنَا) [التغابن 8]، فَفي القرآنِ الكريمِ آلاَفُ الآيَاتِ العِلْـميّةِ، وَإنْ كانَتْ ذاتُ صِبْغَةٍ دينيّةِ، هَذِهِ الآياتُ تَحْتاجُ لِلكثيرِ مِنَ البَحْثِ العِلْميِّ المُرَكّـزِ، لاسْـتِنْباطِ مَـا فيهَا مِنْ عُلومٍ بَحْتَةٍ تُفيدُ النـَاسَ، كُلُّ النَـاسِ: (لَـعَـلِـمَـهُ الـذينَ يَسْـتَنْبِطُـونَهُ مِـنْهُـمْ) [النسـاء 83]، وَتَأْويلُ القُرْآنِ أيْ: معْرفَةُ حَقائِقِ مَا وَرَدَ فيهِ، لاَ يَعْلمُهُ إلاّ اللهُ وَحْدَهُ (وَمَـا يَعْـلَـمُ تَأْويلَـهُ إلاَّ اللَّـهُ) [آل عمران 7]، وَسَيَكْشِفُ اليَوْمُ الآخِرُ حَقائِقَ التأْويلِ: (يَوْمَ يَأْتي تَأْويلُـهُ) [الأعراف 53]، حَيْثُ يَنْتَهي الحَالُ بِالأحْداثِ التي سَمِعْنا عَنْهَا مِنْ خِلاَلِ القُرْآنِ الكريمِ، إلى أنْ تُصْبِحَ حَقَائِقَ مَلْمُوسَةً: (بَلْ كَـذَّبُوا بِمَـا لَـمْ يُحِـيطُـوا بِعِـلْـمِـهِ وَلَـمَّـا يَأْتِهِـمْ تَأْويلُـهُ) [الأعراف 53]، (قَالَ يَا أَبَتِ هَـذا تَأْويلُ رُؤْيَايَ مِـنْ قَبْلُ قَـدْ جَـعَـلَـهَـا رَبِّي حَـقَّـاً) [يوسف 100]، وَيَقُولُ صَاحِبَيْ يُوسُفَ (نَبِّئْـنَا بِتَـأْويلِـهِ) [يوسف 36]، وَقَوْلُ العَبْدِ الصَالِحِ لِموسى عليه السَلام: (ذَلِـكَ تَأْويلُ مَـا لَـمْ تَسْـطِـعْ عَـلَـيْهِ صَـبْراً) [الكهف 82]، حيثُ كانَ مُوسى عليه السَلام يُفَسّرُ الأحداثَ، لأنّهُ لاَ يَعْلَمُ تأويلَهَا وَحقيقتَهَا، فَقَدْ فَسّرَ مَثَلاً قَتْلَ الغُلاَمِ عَلى أنَّهُ جريمَةُ قَتْلِ نَكْراءَ، أمّا العَبْدُ الصَالِحُ فَكَانَ يَعْلَمُ تَأويلَهَا وَحقيقتَهَا، فالتَأْويلُ هُوَ مَعْرِفَةُ حَقائِقِ الأُمُورِ، بَيْنَمَا يَبقى التَفْسيرُ مَعْرِفَةَ الأُمورِ نسْبيّاً.

يُوجَـدُ عَشْـرُ سُـوَرٍ تَبـدأُ بالنِـداء هـيَ: (يَا أَيُّهَـا الـنَبـيُّ): سُـوَرُ الأحْزابِ، الطَـلاقِ، التَحْـريمِ، (يَا أَيُّهَـا الـذينَ آمَـنُوا): سُـوَرُ الحُجُراتِ، المُمْتَحِنةُ، المَـائِدةُ، (يَا أَيُّهَـا الـنَاسُ): سُـوَرُ النِسَـاءِ، الحَـجّ، (يَا أَيُّهَـا الـمُـزَّمِـلُ): سُـوَرَةُ المُزَّمِـلِ، (يَا أَيُّهَـا الـمُـدَّثِرُ): سُـوَرَةُ المـدّثِرِ، ويوجد أرْبَـعُ سُوَرٍ تَبْدأُ بِعِبَارَة: (الـحَـمْـدُ لِلّهِ) هيَ سُوَرُ: الأنعَامِ، الكهْفِ، سَبَأ، فَاطِرْ، بَيْنَمَا الفَاتِحَةُ فَتَبْدَأُ بالبَسْمَلَةِ، حَيْثُ البَسْمَلَةُ هيَ الآيَةُ رقم 1 في الفَاتِحَةِ، ويُوجَدُ ثَلاثُ سُـوَرٍ تَبْدأُ بِعِبَارَةِ (سَـبَّحَ لِلّـهِ) هيَ سُوَرُ: الحَديدِ، الحَشْرِ، الصَفِّ، وَالسُـوَرُ السَـبْعُ الطِوالُ هيَ: البـقرةُ أطْوَلُ سُورة مدنيّة، الأعْرافُ أطْوَلُ سُورَةٍ مكيّةٍ، آلِ عِمران، النسَـاء، المـائدة، الأنعـَام، الأنْفَـالُ التوبـة [لِعَدَمِ وُجُـودِ بَسْـمَلَةٍ بَيْنَهُمـا].

Email