والقـمرَ قَـدّرنـاه مــنازلَ

ت + ت - الحجم الطبيعي

التاريخ الهجري هو تاريخ توقيفي: [التوْقيفيُّ هوَ مـَا جَـاءَ عَنِ اللهِ تعالى]، والشَهرُ القَمَريُّ 29 أوْ 30 يومـاً، لاَ أَكْثَرَ، فَعَنْ عبدِ اللهِ بن عمرَ رَضيَ اللهُ عَنْهُما أنَّ الرَسولَ صلى الله عليه و سـلّم قـَالَ: »الشَهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرونَ لَيْلَةً ... فَإنْ غُـمَّ عَليْكُمْ أكْمِلوا العِدَّةَ ثلاثينَ«.

وَبِشَكْلٍ أَدَقُّ: السَنَـةُ القَمَريَّةُ الخالِصَةُ، تَتَكَوّنُ مِـنْ 12 شَهراً قَمَريّـاً، وَكلُّ شَـهْرٍ قَمَـريٍّ 29 يومـاً، وَ12 سـاعَةً وَ44 دقيقَـةً وَ3 ثوانٍ، وَبِذَلِكَ تَكونُ السَنَةُ القَمَريّـةُ الخالِصَةُ: 354 يَوْمـاً وَ8 ساعاتٍ وَ48 دقيقـةً وَ36 ثانيـة، أي: »كل 33 سنـةً قمريّةً = 32 سنةً شَمسيّةً«.

وَالآيَةُ الكَريْمَةُ: »وَهـوَ الـذي جَـعَـلَ الـشَـمْـسَ ضِـيَـاءً وَالـقَـمَـرَ نُـوراً وَقَـدَّرَهُ مَـنَـازِلَ لـِتَعْـلـَمُـوا عَـدَدَ الـسِنيـنَ« (يونس 5)، تُقَـرِّرُ بِوُضُوحٍ أَنَّ القمَـرَ هوَ مِقْياسُ الزَمَـانِ، وَمِنْ رَحْمَةِ اللَّـهِ بِعِبادِهِ، أنْ جَعَلَ الشُهُورَ قَمَرِيَّـةً، حَتّى يَتَسنَّى للمَواسِمِ الدينيّةِ كالصيامِ وَالحَجِّ، أنْ تَأْتي عَلى مَدَارِ فُصُولِ السَنةِ كلِّها، وَكَذَلِكَ الأحكامُ الشرْعيّةُ، وَالأَشْهُرُ الحُرُمِ.

لِذَلِكَ كَانَ التَقْويمُ المُعْتَرَفُ بِـهِ عِنْـدَ اللَّـهِ، هُـوَ التَقْويمُ القَمَـرِيُّ: (إنّ عِـدَّةَ الـشُـهُـورِ عِـنْدَ اللَّـهِ اثْنَا عَـشَـرَ شَـهْـراً في كِـتَابِ اللَّـه، يَوْمَ خَـلـَقَ الـسَـمَـاواتِ وَالأرْضَ مِـنْهَـا أَرْبَعَـةٌ حُـرُمٌ، ذَلـكَ الـدينُ الـقَـيِّمُ فَـلاَ تَظْـلِـمُـوا فِـيهِـنَّ أَنْفُسَـكُـمْ) »التوبة 36«، إذَاً التَقْويمُ القَمَـريُّ الذي يَحْتَوي أَرْبَعَـةَ أشْـهُرٍ حُـرُمٍ، هُـوَ رَحْمَـةٌ مِنَ اللَّـهِ سُبْحَانَهُ لِعِبَـادِهِ كَيْ لاَ يَظْلِمُوا أنْفُسَـهُمْ عَلى الأقَلِّ في الأشْـهُرِ الحُـرُمِ: (ذي الحِجَّةِ، وذي القِعْدَةِ، ومُحَرَّمٌ، ورجَبٌ)، التي هِيَ نَفَحَاتٌ إلهِيَّةٌ يَجِبُ التَعَرُّضُ لَهَا، إضَافَةً إلى شَهْرِ رَمَضَانَ الذي فِيهِ لَيْلَةُ القَدْرِ التي هِيَ خَيْرٌ مِنْ ألْفِ شَهْرٍ.

مـنـازلُ الـقـمـر:

قال تعالى: (وَالـقَمَـرَ قَدَّرْنَاهُ مَـنَازِلَ ) »يس 39«

لا يَحْتَاجُ حِسَابُ القَمَرِ إلى عَمَلِيَّاتٍ مُعَقَّدَةٍ مِثْلَ حِسَابِ الشَمْسِ، لأنَّ لِلْقَمَرِ 28 مَنْزِلاً يَنْزِلُ في كلِّ لَيْلَةٍ بأحَدِها، وَيَقَعُ 14 مَنْزِلاً مِنْهَا في البُروجِ الشِـمَالِيَّةِ ، وَ14 مَنْزِلاً مِنْهَا في البُروجِ الجَنُـوبِيَّةِ، وَهَـذِهِ المَنَـازِلُ هي:

1- الشَرَطانِ (نَجْمانِ، قَرْنا الحَمَل)، 2- البطن (بَطن الحَمَل)، 3- الثريّا (مجموعَةُ نجومٍ شَهيرَة، آخر ذَيْلِ الثَوْرِ)، 4- الدَبَـران (قلبُ بُرْجِ الثورِ)، 5- الـهَقْعَة (ثلاثَةُ كواكب صغيرة في رَأْسِ الجَبَّارِ)، 6 - الـهَنَعَة (نَجمانِ قريبانِ منْ بَعْضِهمـا في بُرْجِ الحَمَـلِ)، 7 - الـذِراع (الذراع المبسـوطَة في برج الجـوزَاءِ)، 8 - النَثْـرَة (ثلاثَةُ نُجوم متقاربة في بُرْجِ السَـرِطَانِ)، 9- الطَرَف (عينا برج الأسد القريبتانِ مِن بُرْجِ السَرطانِ).

10- الجبْهَة (جبْهَةُ برجِ الأسَـدِ)، 11- الزَبَـرَةْ (نَجمان منْ برجِ الأسـدِ)، 12- الصَرْفَـةْ (نجمٌ واحدٌ مُضيء في بُرْجِ الأسَـدِ)، 13- العَـوّاء (برجُ العَـذْراءِ)، 14-السِـِماكْ (السِـماكُ الأعْزَلُ في بُرْجِ العَذْراء، وَليْسَ السِـمَاكُ الرامِحُ)، 15- الغَفـَرْ (ثلاثُ نُجومٍ في العـذْراءِ) 16- الزبـاني (قَرْنـَا بُرْجُ العقْرَبِ)، 17- الإكليلَ (إكليلُ العقْرَبِ)، 18- القلبُ (قلبُ العقربِ)، 19- الشولَة ( ذنَبُ العقرَبِ )، 20 - النَعـَايِمُ (ثَمـَانيةُ نُجومِ في الفرسِ)، 21 - البَلَـدة (منطِقَةٌ خالِيَةٌ بينَ النعايِم وسَـعْدُ الذابِح)، 22- سَـعْدُ الذابِحِ (في بُرْجِ الجَـدي)، 23 - سَـعْدُ بَلَعْ (في بُرْجِ الدلو)، 24 - سَـعْدُ السُـعُودِ (في بُرْجِ الدلو)، 25 - سَـعْدُ الأخْبيـَةِ (في بُرْجِ الدلو)، 26 - الفَرْع الأوَّل (الفَرْع المقـدّم في الفرَسِ)، 27- الفرعَ الثاني (الفَرْع المُؤخَّـرُ في الفرَسِ)، 28- الرَشَـاءْ (في السَمَكةِ)، وَفي اليَوْمَيْـنِ الآخَـرَيْنِ لاَ يَظْهَرُ القَمـَرُ، لِوقوعِـهِ بَيْنَ الأرضِ وَالشَـمْسِ على خَـطٍّ واحِـدٍ.

الـنـســيْء:

هُوَ نَوْعٌ مِنَ التَلاعُبِ بِتَوْقيتِ الأشْهُرِ الحُرُمِ القَمَريّةِ، وَكانَتِ العَرَبُ قَدْ تَلاعَبَتْ في حِسَابِ الأشْهُرِ حَسْبَ أهْوائِهَا، فَمنْهُمْ مَنْ يُسَمّي المُحـرّمَ: صَفَراً فَيَحِلُّ فيهِ القِتَالَ، وَمنهمْ مَنْ حَرَّمَ القِتَالَ في سَنَةٍ وَأحَلَّهُ في أُخْرى، وَبعْضُهُمْ جْعَلُ سَنَتيْنِ حَلالاً وَسَنَتَيْنِ حَراماً، حَتَّى إنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ جَعَلَ السَنةَ ثلاثَة عَشَرَ شَهْراً، أي تَلاعَبوا بالسنواتِ وَالأشْهرِ كَمَا يَحلو لَهم، وَأرادَ بَعْضَهُمْ أنْ يَتَلاعَبَ بِطُولِ السَنَةِ القَمريّةِ مِنْ أَجْلِ أنْ يَبْقى مَوْعِدُ المُناسَـبَةِ الدينيّة ثَابِتَـاً في فَصْلٍ واحِدٍ مِنَ الفُصُولِ، كَأَنْ يَبْقى رمضـانُ مَثَلاً في فَصْلِ الشـتاء، وَيَتَحَقّقُ ذَلِكَ بِإِضَافَـةِ فَرْقِ الزَمَنِ بَيْنَ السَنَةِ الميلاديّةِ (المَدَنِيّـةِ) وَالسـنَةِ القَمَريّـةِ، وَهَـذا الفَرْقُ هُـوَ: (902، 10) يوْمَـاً، تُضَافُ كُلَّ عَامٍ لِلسَنَةِ القَمَريّـة كَيْ تُسَـاوي السَـنَةَ الميلاديَّـةَ.

وَبِذَلِكَ يَتَغَيّرُ عَامَاً بَعْدَ عَامٍ تَوْقيتُ الأشْهُرِ الحُرُمِ، وَ لِهذا كَانَ النَسيءُ نَوْعاً مِنَ الكفْرِ: (إنَّمَـا الـنَسِـيْءُ زِيَادَةٌ في الــكُـفْرِ يُضَـلُّ بِه الـذينَ كَـفَروا يُحِـلُّونَهُ عَـامـاً وَ يُحَـرّمُـونَهُ عَــامَـاً لـِيُواطِـئُوا عِـدَّةَ مَـا حَـرَّمَ اللَّـهُ) »التوبة 37«.

الـحـديث الشـريف :

أوَّلُ مَا أَوْضَحَ صلى الله عليه وسلّم، في خُطْبَةِ حِجَّةِ الوداعِ مَوْضُوعَ الزمَانِ وَالأشْهُرِ، إذْ قَالَ: »السنَةُ اثْنا عَشَرَ شَهْراً منْها أرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلاثٌ مُتَوالِياتٌ: ذو القعْدَةِ وَذو الحِجّةِ وَالمُحَرَّم، وَرَجَبُ مُضَرَ الذي بَيْنَ جمادى وَشَعْبانَ) »رواه البخاري في بدْءِ الخَلْقِ عَن أبي بُكْرَة رضي الله عنه«، فَتَمَّ بِذَلِكَ إلْغاءُ النَسيءِ، حَيْثُ أوْضَحَ في بِدايَةِ الخطبةِ: (في هَذا اليوْمِ عادَ الزَمَنُ كَهيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السماواتِ وَالأرْضِ«.

** شـهر رَمَضَـانْ معـنـاه: شِدَّةُ الحَـرِّ، وَكَانَ اسْمُهُ نَـافِقْ أيْ: مَيِّـتْ، لأنَّ: نَفَقَ الحَيَوانُ أيْ مَاتَ.

حساب الهجري والميلادي

 يُمْكِنُ بِسُهولَةٍ إجْراءُ التحْويل بَيْنَ التَقْويمَيْنِ الهجْري وَالميلادي، وَذَلِكَ وفْقَ العلاقَـة التَاليـة:

- الميـلاديُّ = 622 + (الهجـريّ 32/ 33). مثـالٌ: في أيِّ عَـامٍ ميلاديٍّ تَقَعُ بِدايَـةُ عَـام 1418 هجريـّة؟. الجـوابُ: 622 + (1418 32 / 33) = 1997 ميلاديـّة.

- الهجـري = (الميـلادي _ 622) 33 / 32. مثـالٌ: في أيّ عـَامٍ هجـريّ تَقَعُ بِدايَـةُ عـَام 1997 ميلاديّـة؟. الجـوابُ: (1997 _ 622 ) 33 / 32 = 1417 هجريّة.

الرقم »622«، لأنّ التاريخ الهـجريّ بـدأ في عـام 622 مـيلاديّة. والرقمين (32 و33)، لأنّ كل 32 سنة ميلادية = 33 سنة هجـريّة.

Email