الإحسان والتزوّد بالخير في شهر التقوى

ت + ت - الحجم الطبيعي

نحـنُ الآن في شــهر التقــوى والعــبادة، فعلـينـا الإكثــار مـنَ التـزوّد بهــذه الـتقــوى، وأنتُمُ المقصودون بالدرجة الأولـى، حيْثُ ضَـرَب اللـه المـثلَ في »يـحيى« ابن زكـريّا عليهمـا السـلام، الذي كان »تقيّـاً« وهـو في سـنّ الصـبا وقمّـة الـشـباب، فقال تعالى عـنـه: (وَآتـيـناهُ الـحُـكْـمَ صــبيّاً وحـناناً منْ لـدُنّـا وزَكـاةً وكـانَ تقـيّاً، وبرّاً بوالـديْه) »مـريم: 13« .

والحصول على هذه الـدرجـة يـُنجي الإنسـانَ في الـدنيا والآخـرة، فتتابع الآيات الكريمة عن يحْيىَ: (وسـلامٌ عليْه يومَ وُلِـدَ ويومَ يَـموتُ ويـوْمَ يُـبْعَـثُ حَـيّاً) »مريم: 15«. وكـذلك يوسُفُ علـيه السلام الذي وَصـل لمـرتبة المُحسـنين وهـو في أوْج شـبابه (ولـمّـا بَلَـغَ أشُـدّهُ آتيْنـاهُ حُكْـماً وعـلْمـاً، وكـذلك نجـزي المُحـسـنين) »يوسف: 22 «، والإحسـانُ هو: أنْ تعبُد الله كأنّك تـراه، حسـبَ مـا وَرَد عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلّم، ورواه الإمام البخاري. وسـنوضِحُ لـكُم أعـزّاءَنـا الشـبابُ مَنْ هـمُ: الصـالحون والمُحـسنونَ والأبـرارُ والمُـخـبتون، أرجـو أن تكون كلّ هـذه الصـفات بكم وعلى الأقلّ إحـداهـا.

الصــَالـحـونَ

وَصِفَاتُهُمْ: (يُؤمِـنُونَ بِاللَّـهِ وَالـيَوْمِ الآخِـرِ وَيَأْمُـرونَ بالـمَـعْـروفِ وَيَنْهَـوْنَ عَـنِ الـمُـنْكَـرِ وَيُسَـارِعُـونَ فـي الـخَـيْـراتِ وَأُولَـئِـكَ مِـنَ الـصَـالِـحِـينَ) »آل عمران: 119«، (وَمَـا لَـنَا لاَ نُؤْمِـنُ بِاللَّـهِ وَمَـا جَـاءَنَا مِـنَ الـحَـقِّ وَنَطْـمَـعُ أَنْ يُدْخِـلَـنَا رَبُّنَا مَـعَ الـقَـوْمِ الـصَـالِـحِـينَ) » المائدة: 84«، وَرَحْمَـةُ اللّهِ هيَ التي تُدْخِلُ الإنْسَانَ في الصَالِحينَ: (وَأَدْخِـلْـني بِرَحْـمَـتِـكَ فـي عِـبَادِكَ الـصَـالِـحِـينَ) »النمل: 19«، وإسماعيل وإدريس وذا الكفْل عليهم السلام: (وَأَدْخَـلْـنَاهُـمْ فـي رَحْـمَـتِنَا إنَّهُـمْ مِـنَ الـصَـالـحِـينَ) »الأنبياء: 85 «، وإبراهيمُ عليْه السلام (وَإنَّهُ فـي الآخِـرَةِ لَـمِـنَ الـصَـالـحـينَ) »البقرة: 130«، (وَزَكَـريّا وَيَحْـيَ وَعِـيسـى وَ إلْـيَاسَ كُـلٌّ مِـنَ الـصَـالـحِـينَ« »الأنعام: 85«.

وَكُلُّ الذينَ آمَنوا وَعَملوا الصالحَاتِ لَهُمْ هَذِهِ الميـزَةُ: (وَالـذينَ آمَـنُوا وَعَـمِـلُـوا الـصَـالِـحَـاتِ لـنُدْخِـلَـنَّهُـمْ فـي الـصَـالِـحِـينَ) »العنكبوت: 9«، وَالله وَليُّهُـمْ: (وَهُـوَ يَتَوَلّـى الـصَـالـحِـينَ) »الأعراف: 196«. وَمِنَ الجِنِّ صَالِحُونَ (وَأَنَّا مِـنّا الـصَـالـِحُـونَ وَمِـنّا دُونَ ذَلِـكَ) »الجن: 11«. وَالأَهَمُّ في المَوْضُوعِ أنَّ المسيحيّينَ مِنْهُمْ صَالِحُونَ: (مِـنْ أَهْـلِ الـكِـتَابِ أُمَّـةٌ قَائِـمَـةٌ يَتْـلُـونَ آيَاتِ اللَّـهِ آنَاءَ اللَّـيْلِ وَهُـمْ يَسْـجُـدونَ يُؤْمِـنُونَ بِاللَّـهِ وَالـيَوْمِ الآخِـرِ وَيَأْمُـرونَ بالـمَـعْـروفِ وَيَنْهَـوْنَ عَـنِ الـمُـنْـكَرِ وَيُسَـارِعُـونَ فـي الـخَـيْراتِ وَأُولَـئِـكَ مِـنَ الصَـالِحِـينَ) »آل عمران: 114«.

الـمُـحـسـنون

يَأتي الإحْسَانُ مَعَ التَقْوى: (إذا مَـا اتَّقَـوْا وَآمَـنُوا وَعَـمِـلـوا الصَـالِحَـاتِ ثُمَّ اتَّقَـوْا وَآمَـنُوا ثُـمَّ اتَّقَـوْا وَأَحْـسَـنُوا وَاللَّـهُ يُحِـبُّ الـمُـحْـسِـنينَ) »المائدة: 93«، (هُـدَىً وَرَحْـمَـةً لِلـمُـحْـسِـنينَ الـذينَ يُقِيمُـونَ الـصَـلاَةَ وَيُؤتُونَ الـزَكَـاةَ وَهُـمْ بِالآخِـرَةِ هُـمْ يُوقِنُونَ أُولَـئِـكَ عَـلـى هُـدَىً مِـنْ رَبِّهِـمْ وَأُولـَئِـكَ هُـمُ الـمُـفْـلِـحُونَ) »لقمان: 3، 5«.

وَاللَّـهُ مَعَهُمْ في الدُنْيَا وَالآخِرَةِ: (إنَّ اللَّـهَ لَـمَـعَ الـمُـحْـسِـنينَ) »العنكبوت: 69«، وَيُحِبُّهُمْ: (وَاللَّـهُ يُحِـبُّ الـمُـحْـسِـنينَ) »المائدة: 93«، وَيَرْحَمُهُمْ: (إنَّ رَحْـمَـةَ اللَّـهِ قَـريبٌ مِـنَ الـمُـحْـسِـنينَ) »الأعراف: 56«، وَيُبَشِّرُهُمْ بالجَنَّاتِ التي تَجْري مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ: (جَـنَّاتٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهَـارُ خَـالِـدينَ فـِيهَـا وَذَلِــكَ جَـزاءُ الـمُـحْـسِـنينَ) »المائدة: 85«، (وَلَـهُـمْ مَـا يَشَــاؤونَ عِـنْدَ رَبِّهِـمْ ذَلِـكَ جَـزاءُ الـمُـحْـسِـنينَ) »الزمر: 34«.

الأبــرار

(إنَّ الأَبْرارَ لَـفـي نَعِـيمٍ) »الانفطار: 13«، وَنَرْجُو اللهَ أنْ يَتَوَفَّنـَا مَعَهُمْ: (رَبَّنا إنَّنَا سَـمِـعْـنَا مُـنَادِيَاً يُنَادي لـلإيْمَـانِ أَنْ آمِـنُوا بِرَبِّـكُـمْ فَآمَـنَّا رَبَّنَا فَاغْـفِـرْ لَـنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَـنَّا سَيِّئاتِنَا وَتَوَفَّنا مَـعَ الأَبْرارِ) »آل عمران: 193«، (كَــلاَّ إنَّ كِـتَابَ الأَبْرارِ لَـفِـي عِـلِّـييِّنَ) »المطففين: 18«، وَلَهُمْ ميزَاتٌ خَاصَّةٌ في الجَنَّةِ: (إنَّ الأَبْرارَ يَشْـرَبُونَ مِـنْ كَـأْسٍ كَـانَ مِـزَاجُـهَـا كَـافُوراً عَـيْنَاً يَشْـرَبُ بِهَـا عِـبَادُ اللَّـهِ يُفَجِّـرونَهَـا تَفْجِـيراً يُوفُونَ بِالـنَذْرِ وَيَخَـافُونَ يَوْمَـاً كَـانَ شَـرُّهُ مُـسْـتَطـيراً وَيُطْـعِـمُـونَ الـطَـعَـامَ عَـلـى حُـبِّـهِ مِـسْـكِـيْنَاً وَيَتِيْمَـاً وَأَسِـيْـراً) »الإنْسَان: 5، 8«، رضيَ اللّه عمّنْ نزلتْ فيهِمْ هذه الآيات.

الـمُــخــبِـتـونَ

هُمُ الذينَ يَعْبُدونَ اللَّهَ بِصَمْتٍ وَبِتَواضُعٍ كَامِلٍ، دونَ اعتِراضٍ وَلَوْ بالنَفْسِ، وَهيَ أرْقى أنْواعِ العِبـَادةِ: (وَبَشِّـرِ الـمُـخْـبِتينَ، الـذينَ إذا ذُكِـرَ الله وَجِـلَـتْ قُـلُـوبُهُـمْ والصـابرينَ عَـلى مَـا أصـابـهُـمْ والـمُقيـمي الـصـلاةَ ومِمّـا رزقْـنـاهُم يُـنفقـونَ) »الحج: 24«، (إنَّ الـذينَ آمَـنُوا وَعَـمِـلُـوا الـصَـالِـحَـاتِ وَأَخْـبَتُوا إلـى رَبِّهِـمْ أولَـئِكَ أَصْـحَـابُ الجـنّةِ) »هود: 23«، وهُـمُ الـذين يتمـتّعُـون بقـدْرٍ كـبيرٍ منَ العِـلْم: (ولِـيَعْـلًمَ الـذينَ أوتُـوا الـعِـلْـمَ أنّـهُ الـحـقّ مِـنْ ربّـكَ ، فـتُخْـبِتَ لـهُ قُـلُـوبُــهُـمْ)» الحج: 54«.

 

Email