كثيرون يجدون في المكان ضالتهم بأحياء مصر الشعبية

حي الحسين.. ليال فلكلورية وعشق روحاني

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أدخنة الشواء تتصاعد من المطاعم الشعبية، ممتزجة بدخان الشيشة من مقهى الفيشاوي والعديد من المقاهي التي تزاحم عليها الساهرون من مختلف أرجاء مصر، وكذا من السائحين العرب والأجانب الذين داعبت أنوفهم رائحة بخور ذكية، في مشهد فلكلوري يندر أن يتكرر في مكان آخر سوى حي الحسين.

ومع نسائم ليالي رمضان الصيفية تكتسب باحة مسجد الحسين في قلب القاهرة الفاطمية زخمًا خاصًا.

وعشقًا أثيرًا لدى كثيرين ممن يجدون في المكان ضالتهم المحببة، بأجوائه الروحانية والشعبية، وتنساب الذكريات والحكايات من الساهرين مع ضجيج الباعة في خان الخليلي وأمام مسجد الحسين، ويجسد المكان حالة خاصة لآلاف البشر بين قاصدين للمسجد العتيق، وراغبين في قضاء سهرة رمضانية في أجواء روحانية، أو متسوقين للمصنوعات الكلاسيكية التي تشتهر بها المنطقة، خاصة خان الخليلي، ولا تستغرب وأنت تجلس في باحة المسجد أن تجد بعض المحال القريبة تبيع بدل الرقص، والتي تحظى بإقبال كبير من بين المترددين على المكان.

وعلى أنغام الربابة، وصوت نابع من أعماق الصعيد المصري، تجلس على كرسي خشبي بـ«مقهى الفيشاوي» أمامك كوب شاي بنكهة خاصة تفوح منه رائحة النعناع والحبهان، فتشعر وكأن لحظات الزمن توقفت.. ولم لا، فهذا المقهى الذي أنشئ في القرن الثامن عشر لصاحبه فهمي الفيشاوي، أحد فتوات الجمالية قديماً والذي كان يتخذه مقراً له لإدارة شؤون المنطقة تحول إلى مقصد للطلاب والحركات الثورية والتظاهرية لمناقشة أمورهم ووضع خططهم المستمرة في محاربتهم للاستعمار الأجنبي الذي عانت مصر منه طويلاً، إلى أن تحول المقهى للقاءات للمثقفين والمبدعين والفنانين على مدار الأجيال، بدءًا من كوكب الشرق أم كلثوم وحتى جيل النجوم أحمد السقا ومنى زكي.

ولا يكف الجالس على المقهى أو في باحة المسجد من التأمل في طوفان البشر الذي يموج به شارع «خان الخليلي»، وهو واحد من أعرق أسواق الشرق، يزيد عمره على 600 عام، وما زال يحافظ على ملامحه الأساسية منذ أن سكنه أحد مؤسسيه الأمير الفلسطيني جركس الخليلي وحتى الآن، حاملاً معه عبق التاريخ ومحافظاً على إرثه العربي من الاكسسورات والمشغولات العربية والمصرية التي اشتهر بها تجار هذا المكان.

سحر الزائرين

تحدثنا مع أحد العاملين بمقهى الفيشاوي، ويدعى عاطف محمود، الذي قال: «إن ما يميز المكان هو قدرته على سحر الزائر له، فيستحيل أن يأتي إليه إنسانٌ أياً كانت جنسيته إلا ويقرر أن يأتي إليه مرات أخرى بعد ذلك». وحي الحسين به نوع من الطاقة التي تُؤْثِر وتجذب كل من يقترب منه، ولا بد أن يعود إليه مرة أخرى مهما طال به الزمن.

رباط لا ينفصم

ويؤكد سائح كويتي ويدعى فيصل عبدالله، أنه منذ نحو 30 عامًا تلقى تعليمه الجامعي في جامعة الأزهر بمنطقة الدراسة التي تطل على مسجد الحسين، ومنذ ذلك التاريخ أصبح لديه رباط نفسي لا ينفصم عن المكان، لذا يحرص كل عام أو عامين على التردد على المنطقة خاصة في شهر رمضان، ويحرص على الالتقاء بأصدقائه القدامى سواء من المصريين أو العرب، أيضًا يؤكد أنه صديق دائم لأصحاب المكتبات التراثية التي تنتشر في المنطقة، مشيرًا أنهم يمدونه باستمرار بكل ما يحتاج إليه من كتب دراسية وثقافية، لاسيما أنه بات يتولى إدارة مهمة بوزارة الأوقاف في بلاده.

موروثات شعبية

أوضح الشاب مصعب الخير، أن للمكان خصوصية فريدة من نوعها لدى أبناء مصر لما يحتشد فيها من معالم مثل مسجد الحسين، وجامع الأزهر وسوق خان الخليلي ومقهى الفيشاوي، وبأجواء تتميز بروحانياتها وطقوسها وتقاليدها الفريدة من نوعها. ويضيف: شخصياً أتخذ يوم إجازتي فرصة للراحة وأسعد بلقاء الأصدقاء والأقارب في مقهى الفيشاوي، ونستمتع معاً بأطيب الأوقات، خاصة ونحن في رمضان؛ وبعد أداء صلاة التراويح بالأزهر نذهب إلى الفيشاوي ونقضي ليلتنا بالمقهى للاستمتاع بالأجواء والموروثات الشعبية الجميلة حتى السحور.

Email