الوسائل الذكية.. لا تصل الرحم

ت + ت - الحجم الطبيعي

ربما يجد البعض في وسائل التواصل الاجتماعي، أداة ذكية في اختصار الطريق، وتقليل الوقت والجهد والمشقة أيضاً، حتى وإن كان ذلك في سبيل تهنئة الأقارب والأصدقاء والجيران، عبر رسالة نصية قصيرة موحّدة، مرسلة من هاتف ذكي، توفر الجهد والوقت وتؤدي الغرض وتزيل العتب، من منظور البعض، لكنها في المقابل تظل مجردة من الخصائص التي تتطلبها صلة الرحم، والتي نص عليه ديننا، من خلال الزيارة شخصياً والحضور الاجتماعي والمشاركة المباشرة.

مجرد حائط

في هذا الإطار يخالف نادر الكتبي، موظف، جميع الذين يركنون إلى وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة لتهنئة الآخرين، فهو يعتبر التكنولوجيا الذكية والوسائل الحديثة، مجرد حائط ينشر من خلاله الناس رسائلهم العامة، وهي لا تتوافق مع المفهوم الإسلامي الصحيح لصلة الرحم، لأن الزيارة تتطلب أسساً ومعايير عدة، أهمها السلام باليد، وبشاشة الوجه، والمجاملة والسؤال والابتسامة، وتبادل الهدايا مع الجيران والأقارب، ونحو ذلك من السلوكيات التي لا توفرها وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة اليوم.

وذكر الكتبي أنه في رمضان وسواه من المناسبات الدينية، تبدو الزيارات بين الأقارب والأصدقاء أقل نسبياً من السنوات الماضية، نتيجة الكثير من الطفرات الذكية، والبرامج الحديثة والمتطورة التي تقنع الإنسان بالتهنئة، وعلى سبيل المثال، فقد انتشر أخيراً في برنامج «واتس أب»، ثقافة المجموعات الصغيرة للموظفين في العمل، أو الأصدقاء في الجامعة، أو حتى أفراد العائلة..

وبدا واضحاً اكتفاء البعض بتهنئة الآخرين عبر كتابة رسالة لجميع الأعضاء في المجموعة، وفي المقابل استخدم البعض هذه الوسائل بصورة إيجابية تخدم مسألة صلة الرحم، أو زيارة الناس عموماً، عن طريق اتفاق الأعضاء في المجموعة على وضع خطة معينة للزيارة، بحيث يذهب الجميع معاً، وهذا المشهد يبدو حاضراً لدى البعض، وإن قلَّ.

واقع سلبي

شاطره الرأي متعب الناصري، موظف، الذي أكد أن وسائل التواصل الاجتماعي لم تختصر الطريق على الناس، إنما قطعته أمامهم في جانب الرغبة بتهنئة الآخرين، وحتى أثناء الزيارة، يبدو واقع البعض سلبياً في المجالس، وهو يتمثل في الانشغال بالهواتف الذكية.

وما تحتويه من برامج تتعلق غالباً بوسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، وتبدو هذه العادة منتشرة على نحو كبير اليوم رغم أنها تخالف العادات والتقاليد، التي تحض على الإصغاء للكبار في المجلس، وعدم الانشغال بالأحاديث الجانبية أو العبث بأشياء أخرى.

وأضاف الناصري: الواقع اليوم يشكو قلة عدد الشباب المهنئين بحلول شهر رمضان، أو عيد الفطر المبارك، نظراً لانشغالهم بالكثير من الأشياء، ورضوخهم للتطور السلبي المتمثل في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، لتهنئة الأقارب والأصدقاء، عوضاً عن المبادرة بزيارتهم في البيوت والمجالس، وقد يبدو الكثير من الناس، نشيطين في تواصلهم مع الآخرين عبر هذه الوسائل الذكية، فيتحاورون ويتبادلون التهاني، في حين هم أقرب إلى الفشل في الواقع المعاش، خارج إطار المجتمع الافتراضي.

Email