تكافل الجيران يتعزز في رمضان لكن الأمس أجمل

ت + ت - الحجم الطبيعي

 الحديث عن ماضي الأيام في رمضان، فيه من المتعة الكثير، وفيه أيضاً شجون لا تغيب، طالما أننا نصور الماضي والحاضر بالفكرة والممارسة، ففي القديم القريب ظلت الأجواء اجتماعية حد الإشباع، تبعاً لطبيعة الحياة وتفرعاتها النفسية والمادية والاجتماعية، والسكنية أيضاً. بيوت الماضي لا تختلف عما هي عليه اليوم في جانب التطور والحداثة وحسب، وإنما في تفاصيل الحياة، والروح الاجتماعية التي ظلت تحيط بها سابقاً، وهي معتلة نسبياً في السنوات الأخيرة.

الأسرة الممتدة

حديث اليوم عن ماضي الجيران بدأته بدرية محمد مطر الناشطة في المجال التطوعي والوطني، بالإشارة إلى الأسرة الممتدة وما كانت تجسده من ترابط وتواصل ووئام على صعيد العلاقات الاجتماعية بين السكان، مشيرة إلى أن اختلاف طبيعة المعيشة وتباين متطلبات الحياة التي باتت تتسم بالحداثة، فرضا على المجتمع اللجوء إلى نمط سكني مختلف يتمثل في الأسر النووية، ناهيك عن التباعد بين المناطق السكنية، بفعل تطور المدينة وامتدادها على أطراف أوسع، وذلك بالتأكيد له ضريبة اجتماعية، والجميع يدرك هذا الواقع.

رغم ذلك؛ أكدت بدرية أن المجتمع الإماراتي بطبيعته، لاسيما في «الفرجان» التقليدية المعروفة التي ما زالت تحتفظ بنسبة مقبولة من ساكنيها الأولين المواطنين، يحرص على ترسيخ علاقات إيجابية واستثنائية مع الجيران، بغض النظر عن الجنسية وحتى الديانة أحياناً، موضحة أن أجواء الجيرة الإيجابية في رمضان، تنعكس بين السكان في هيئة حميمة من التواصل والتقارب..

يبدو المشهد عموماً في حالة مثالية على مستوى كافة إمارات الدولة، وتزداد هذه الحالة وضوحاً في المناطق الأبعد عن المدينة، حيث الترابط والتعاضد سمة المجتمع هناك.

منذ شعبان

وأوضحت أن السؤال عن أحوال الجيران، وتقديم الهدايا والمساعدات يبدأ منذ وقت مبكر في شعبان. وعلى الرغم من قوة المشهد الاجتماعي في هذه الزاوية تحديداً؛ في رمضان الأمس، إلا ان رمضان اليوم لا يزال يتشبث ببعض تلك السمات الإيجابية، وهو ما يجعلنا منشرحين وإيجابيين وفي حالة تفاؤل وفرحة سنوية بقدوم شهر الصوم.

هذا الواقع الجميل أكده أحمد خلف البدواوي ابن مدينة حتا، مضيفاً ان الأمس دائماً أجمل، تلك صيغة مشتركة في كثير من المواقف المعاشة، لكن المتمعن في الحاضر يجد إيجابيات لا تقل كثيراً عما كان سابقاً، واحدة منها حالة الشعور المفعمة بالعطاء التي تخص الجيرة في الشهر الكريم، إذ تجد الأسر بكافة أفرادها في حالة حراك دائم من بيت إلى بيت، والتواصل يطال أدق تفاصيل اليوم، والسؤال لا يغيب عن ألسن الأقارب والجيران وأبناء «الفريج»، والكل يبادر إلى تقديم المساعدة.

خلية نحل

ذلك ما يتكرر في منطقة رأس الخيمة أيضاً، حيث يؤكد أحمد الشحي أن رمضان يضاعف حضور الملامح الجميلة بين الأهل والجيران، لدرجة أن يصبح «الفريج» خلية نحل لا تهدأ وقت الصوم وبعد الإفطار، وهذه السمات متوارثة منذ أمد بعيد، وما زالت حاضرة في مناطق كثيرة من الدولة، منبعها الخير والعطاء والإيمان والسكينة التي تفرضها أجواء رمضان.

علاء عودة واحد من المقيمين الذين كرهوا حالة الجفاء بين الجيران في البنايات متعددة الطوابق، فآثر السكن في منطقة بيوت شعبية، ليتذوق طعم الجيرة التي ألفها في بلاده منذ سنوات، على حد قوله، مؤكداً أن المقيمين يعانون في جانب العلاقات الاجتماعية في رمضان وبقية شهور العام، نظراً لانعدام المبادرة والرضا بواقع العزلة، حتى وإن كان «الباب على الباب». وتلك شهادة أكدها كنان أبو صلاح الذي يحرص على الصلاة في المسجد أملاً في لقاء الجيران والتعرف على بعضهم، إذ لا يجد في الشقق العمودية مدخلاً للحصول على مبتغاه الاجتماعي والنفسي، الذي يخفف عن المغترب كثيراً من الأعباء الحياتية.

Email