سحور وإفطار اليوم بنكهة الحداثة وطعم التغيير

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا تُختصر الحداثة بالتقنيات والأدوات، وبما آلت إليه المسميات المادية الكثيرة، بل طالت أيضاً السلوكيات والممارسات، فمن رحم التطور ولدت أفكار وقناعات لم تكن في قاموس الماضي شيئاً، واحدة منها مبادرة الأسر والشباب في رمضان للإفطار في المطاعم والبوفيهات المفتوحة أحياناً، وخروج الكثيرين من أجل السحور على وقع أجواء المتعة والاسترخاء، في ليل رمضان المفتوح من بعد التراويح وحتى الفجر.

في هذه المساحة نتوقف عند سلوك عصري من رمضان اليوم، بات مشتركاً بين المقيمين والمواطنين على حد سواء، وبين العزاب والمتزوجين أيضاً. عن ذلك تقول التربوية ليلى الزبدة، إن سلوك الإفطار في المطاعم وفي موائد مفتوحة، يبدو في تزايد مستمر بين مختلف الأسر التي يحرص عدد كبير منها على الظفر بيوم أو يومين للإفطار خارج البيت، من باب التغيير أحياناً، مضيفة أن السحور الفندقي أو في الخيم الرمضانية الفخمة، ربما يستهوي شريحة أوسع من الأسر والشباب بشكل عام.

خالد النعيمي مدير شركة للتصوير والدعاية، أكد أن هذا السلوك ربما يكثر لدى الأزواج الجدد ويكون غالباً من باب »الحجة والحاجة«، فكثير من الزوجات الشابات لا يجدن الطبخ وتحمل »أعباء رمضان المطبخية«، فيضطر الأزواج إلى اصطحابهن للإفطار مع الأسرة الكبيرة غالباً، وفي المطاعم أحياناً، وربما يكون مرد ذلك إلى التغيير في بعض المرات، كما يفعل أهل الذيد وخورفكان والمناطق البعيدة الذين يحرصون على الخروج إلى الطبيعة حينما تكون أجواء رمضان معتدلة من حيث الطقس، فيفطرون في جماعات في العزب أو المزارع من باب التجديد.

وقال إن شهر رمضان بالنسبة له مناسبة لصلة رحم؛ غالبية أيامه ولياليه تكون مع الأسرة والأقارب، وفي كل يوم جمعة يفطر مع جدته، والخميس مع الربع والأصدقاء، وبقية الأيام مع والديه، مع حفاظه على تقليد سنوي في رمضان، يتمثل في دعوة أصدقائه على مائدة إفطار تكون أحياناً في المطعم.

مهند حيدر مدير شركة للاستشارات التسويقية، أوضح أن عادات رمضان على مر السنوات ظلت محصورة في الإفطار مع الأسرة، وفي بعض أيامه لا بد من دعوة الآخرين للإفطار، ثم تلبية دعوة البعض، زاد عليها حديثاً، تخصيص يوم أو يومين للإفطار خارج البيت، في المطاعم والفنادق من قبيل الخروج عن الروتين.

هذه الصورة كما أوضح مهند، أمست هذه الأيام أقرب إلى مشهد »فيستيفال« احتفالي، يتشارك فيه المسلمون وسواهم في رمضان، في الخيم والمطاعم الفندقية، وقد أمست ضمن طقوس الليل الرمضاني الذي يبعث على المتعة والسرور.

وتطرق مهند حيدر إلى السحور في رمضان، إذ إن كثيراً من العزاب والمتزوجين، يفضلون الخروج إلى مطاعم الفنادق والوجهات الراقية، وإلى الخيم الرمضانية المتوافرة بكثرة، للاستمتاع بأجواء السحور الممتعة، باعتبار أن الوقت يسعفهم في السحور أكثر من الإفطار، حيث صلاة التراويح وقصر الوقت بين المغرب والعشاء.

المشكلة من وجهة نظر مهند، أن تلك الأجواء لا بد وأن تكون مصحوبة بـ»شيشة رمضان«، وهي سلوك آخر دخيل على الشهر الفضيل، ناهيك عن طقوس أخرى مثل الغناء والموسيقى. زد على ذلك التخمة التي تتسبب بها أمسيات رمضان الاحتفالية، بسبب قائمة الحلويات والمأكولات التي لا تنتهي.

واختتم أن غالبية الشباب والأسر الصغيرة، ينسجمون مع هذه الطقوس الرمضانية الحديثة لفترة ما قبل العشرة الأواخر، ففي ليل الثلث الأخير من رمضان يتجه الجميع إلى المسجد والعبادة والصلاة وتلاوة القرآن، وهو ما يجده لدى كثير من أصدقائه الذين يؤثرون »الشعائر الدينية« على »الطقوس الاحتفالية« في الأيام الأخيرة من الشهر الفضيل.

Email