تبادل الأطباق بين الجيران

ت + ت - الحجم الطبيعي

إلى اليوم لا تزال مناطق كثيرة من إمارات الدولة السبع، تعيش ماضياً رمضانياً جميلاً مستمراً بلا حواجز أو تمثيل، إنه سلوك يومي ممتد من الساحل الشرقي إلى المنطقة الغربية والعين وحتا وأبوظبي ودبي، وصولاً إلى الإمارات الشمالية كافة، قوامه أطباق وأكلات شعبية وتقليدية إماراتية، يتبادلها الأقارب والجيران في كل رمضان، وإن بدت هذه العادة ضعيفة أو شبه مختفية في بعض المناطق السكنية الحديثة، التي تضم خليطاً غير متجانس من المواطنين والمقيمين.

سلوك حاضر

أحمد البدواوي ابن منطقة حتا، شاعر إماراتي وأحد المهتمين بالتراث، قال إن بيوتاً إماراتية كثيرة في المناطق البعيدة، وفي أحياء سكنية داخل المدينة، لا تزال تطبخ الثلث ويأتيها الثلثان من الأكلات والأطباق التقليدية اليومية، التي يتبادلها الجيران في رمضان..

مشيراً إلى أن هذا السلوك يظل حاضراً في كل مناطق حتا، التي يتسابق أهلها في توزيع أكبر قدر ممكن مما تطبخه الأسر على الأقارب والجيران بصورة يومية، وذلك لسان حال غالبية مناطق الإمارات.

هذا ما قالته المواطنة راية المحرزي الرائدة في العمل الوطني والمجتمعي، مضيفة، إنها تقضي الشهر الفضيل مناصفة بين أبوظبي وكلباء، وفي كلتيهما تعيش أياماً رمضانية جميلة، من حيث التواصل والتبادل في الأطباق والأكلات التقليدية، مشيرة إلى أن هذا النهج الرمضاني الأصيل يمتد في كثير من مناطق الدولة البعيدة، وفي داخل المدن أيضاً، لاسيما الأحياء السكنية التي لا تزال محافظة على تجمعات قريبة للأهل والأقارب والأنساب.

قبل رمضان تستعد الأسر الإماراتية، كما تضيف راية، عبر تموين البيوت بما يلزم لإعداد الأكلات الشعبية التقليدية، من أجل طبخ المزيد وتوزيع أكبر قدر منها على المحيطين، في سلوك تبادلي جميل يتواصل عن حب وقناعة منذ سنوات طويلة، من هذه الوجبات الراسخة على المائدة الرمضانية، والمتبادلة بين الجيران: الهريس والثريد »سيد المائدة الرمضانية«، والمجبوس أو الجابسة.

أكلات رمضانية

أضف إلى ذلك أكلات رمضانية تقليدية لا تزال حاضرة على موائد رمضان التقليدية، وبشكل أكبر في المناطق البعيدة نسبياً، مثل: الخبز المحلي وخبز الرقاق والخمير والجباب واللقيمات، والخبيص والعصيدة والبلاليط وخبيصة الطحين النثرة، علاوة على اللبن المحلي المصنوع منزلياً من حليب البقر الطازج، والكستر والفرني والجلي، وسواها من المسميات التي تُنعشها المائدة الرمضانية كل عام.

عبد الله الحمادي تربوي من دبي، أوضح أن عادة تبادل الأطباق والأكلات التقليدية لا تزال قائمة في كثير من مناطق الدولة، رغم توقفها في بعض الأحياء السكنية الجديدة، وتحديداً تلك التي تجمع مواطنين شباباً من مناطق مختلفة، لافتاً إلى أنه يسكن في منطقة القوز وسط أقاربه وأهله وأصدقائه، لذلك فهو حريص على المضي في هذا السلوك الرمضاني الذي لا يزال متوارثاً في كثير من المناطق السكنية داخل المدن، وفي المناطق البعيدة على حد سواء.

عادة جميلة

وأكد الحمادي أن هذه العادة الرمضانية الجميلة تأثرت نسبياً بالتطور والحداثة، لكنها والحمد لله، لم تندثر في قلب المدن الرئيسة وفي وسط الأحياء السكنية..

كما تستمر بكل قوة وثقة في مناطق أخرى من الدولة مثل الساحل الشرقي، داعياً إلى أهمية إحياء مثل هذه السلوكات الحميدة، التي تُورّث العطاء والتعاون والتواصل بين أفراد المجتمع، خاصة في الأحياء الجديدة التي تحوي خليطاً من المواطنين الشباب مثل البرشاء، وهو ما يستوجب وجود مبادرة وطنية يكون مركزها المسجد، وترعاها جهة حكومية، بغرض تفعيل التواصل بين الجيران الجدد، وإنعاش ملامح أصيلة في حياتهم.

Email