الخيم الرمضانية.. إيجابيات كثيرة لا تخلو من السلبيات

ت + ت - الحجم الطبيعي

في رمضان، يود كثيرون الخروج من البيت، مستعينين بإفرازات الحداثة من الخيم المكيفة والمجهزة، وأخرى ذات النجوم المتعددة، البعض يرتضي خيماً سكنية أو شبابية اجتماعية بسيطة، وآخرون محكومون بسيطرة حس الذكاء التجاري، الذي يتسابق للظفر بالنصيب الأوفر من زبائن الشهر الفضيل، في خيم وسهرات «صباحية» في ما يُعرف بأمسيات رمضان. فقبيل الشهر المبارك، تغزو مسامعنا إعلانات تروّج للخيم بأبهى الجمل والكلمات، لتتركنا أمام تحفيز السهرات والبوفيهات، والكثير من الأفكار الاجتماعية الترفيهية المتوفرة أيضاً في خيم عصرية، تبتدعها المقاهي والمطاعم والفنادق وبقية المسميات السياحية.

بالطبع توفر هذه الخيم الرمضانية التجارية، أرقى وأبهى الخدمات والأفكار الاجتماعية، وتتيح لجمهورها الكثير من الامتيازات، بعضها إيجابي، ومنها بالتأكيد سلبي لا يتوافق ومكانة شهر رمضان، ففي كل الإمارات لدينا خيم رمضانية سكنية شبابية بسيطة، وأخرى تُعرف من «النجوم»، وسواها تقدم بوفيهات إفطار رمضانية مما لذ وطاب، وغيرها توفر للعائلات خصوصية تليق بالمناسبة الدينية، وهناك خيم للشيشة والحفلات الفنية، وما إلى ذلك من سهرات مفتوحة حتى ساعات متأخرة.

الخيم السكنية

لجمهور الصائمين رأي ونظرة حيال هذه الممارسات الرمضانية التي أمست واقعاً سنوياً يكاد يوازي، بل يتفوق على «موضة» المسلسلات الرمضانية، إذ يقول إبراهيم حسن مواطن مختص في علم الاجتماع، إن للخيم الرمضانية فوائد لا أحد ينكرها، لاسيما الخيم السكنية التي تجمع الأهل والأقارب والأصدقاء في شهر التواصل والتقارب، وهي تتيح الفرصة للتواصل في أجواء محفزة وغير روتينية، كما لا تخلو من الذكر، وتلاوة القرآن في كثير من الأوقات، وإن كان هناك خيماً تعج بالملهيات. في المقابل نجد سلبيات كثيرة للخيم التجارية، الجميع يدركها، والإنسان رقيب نفسه في ما يريد أن يجني خلال الشهر الفضيل، الذي يعد خير مناسبة للتزود بطاقة دينية واجتماعية ونفسية تدوم، وتحقق لأصحابها الاستقرار والطمأنينة في حياتهم، كما يقول حسن.

أما الدكتور أحمد بن عبد العزيز الحداد كبير المفتين ومدير إدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، فأكد أن الخيم الرمضانية ظاهرة جديدة لها إيجابيات كثيرة وسلبيات أكثر، أما إيجابياتها فهي الاجتماع في مكان واحد في هذه الخيم، بدلاً من التفرق والتسرب في طلعات وجيئات من غير هدف ولا فائدة، فإن كان الاجتماع في هذه الخيم على ذكر الله تعالى، وتلاوة القرآن ومدارسته فنعماً ذلك، فهذا من إحياء ليل رمضان بالذكر والعبادة، وقد صح عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قوله: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه».

شهر القرآن

وأضاف الحداد: قيام رمضان يصدق بالأولوية على صلاة القيام «التراويح»، وعلى قيامه بالذكر والعبادة، وأجلُّ الذكر والعبادة تلاوة القرآن؛ لأن هذا الشهر الكريم هو شهر القرآن، وقد كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يخصه بالقرآن زائداً عن سائر الشهور، ويخص لياليه بالقيام أعظم من سائر الليالي، كما روى ابن عباس رضي الله، تعالى عنهما، قال: «كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل، وكان جبريل عليه السلام يلقاه في كل ليلة من ليالي رمضان، فيدارسه القرآن، فلرسول الله، صلى الله عليه وسلم ،أجود بالخير من الريح المرسلة».

واختتم الدكتور الحداد: لو أن أهل الخيمة أو أهل المجلس جعلوا سمرهم على كتاب الله تعالى؛ مدارسة وتدبراً وتأويلاً لكان ذلك خيراً لهم، وكانوا على نهج السلف، الذين كانوا يحيون ليله بالطاعة والذكر كل لحظة وساعة. وإذا كانت هذه الخيم للسهر على المسلسلات والسوالف الفاضيات، والحكايات التي لا تخلو من التبعات، فإنها والله كارثة للمرء المسلم الذي ينبغي عليه أن ينافس في الخيرات، ويستغل شهر الطاعات بالقربات لا بالحكايات.

Email