»رمضان أول«.. أمسيات للعبادة والتواصل والكرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

في ماضي رمضان القريب، لم يكن للأجواء الاجتماعية أن تخرج عن نطاق «الفريج» إلا في حالات استثنائية جداً، فقد ظلت الأحياء والمناطق السكنية مقر التواصل ومحور التواجد، بين السكان بالإجماع. الشباب في هذه المناطق كانوا أكثر حضوراً وتفوقاً من حيث صناعة الأجواء الرمضانية التقليدية و«الأصيلة» والتي لا تغادر الذاكرة، على عكس ما هم عليه اليوم من ارتباط عالمي فضائي «ذكي».

لتسليط الضوء على جانب من الحياة الاجتماعية الرمضانية، في أمسيات الشهر الفضل من الزمن الجميل، ولقاء السكان وتواصل المواطنين، كان اللقاء مع مجموعة من «شباب» السنوات الجميلة الماضية، للغوص في ذكريات ومواقف وممارسات لا تزال تترك أثراً طيباً في النفس.

الثرثرة والصمت

يوسف حسن بوعمر، مدير مدرسة، قال إن أمسيات رمضان الماضية والتي لم تعد قائمة اليوم، كانت مجردة من التلفاز والمسلسلات والأجهزة الذكية بالطبع، وعامرة بالعبادات والأجواء الاجتماعية الحميمية، مشيراً إلى أن ملعب كرة الطائرة كان الحاضر الأقوى في ليل رمضان، في منطقة رملية تعلوها الكشافات، وكان معظم أبناء «الفريج» يجتمعون هناك، فكان التواصل والتفاعل والانسجام القاسم المشترك بين الشباب، الذين انسلخوا هذه الأيام إلى الثرثرة في الخيم الرمضانية أو الصمت مع الأجهزة الذكية.

وقال يوسف: كنا نمضي معظم نهار رمضان وليله، في منطقة الشندغة على خور دبي، في صيد السمك وتجمعات الأصدقاء ولعب الكرة. وداخل الأحياء السكانية كانت تجمعاتنا في الغالب أمام البيوت وفي الساحات القريبة، ولم تكن لنا ممارسات خارج هذا النسق الجميل.

الأسرة محور رمضان

بدرية محمد سعيد الناشطة في المجال المجتمعي والتطوعي، أكدت أن الأسرة كانت محور رمضان سابقاً، في لقاءات أفرادها وتبادل الزيارات والتواصل مع المحيط، مشيرة إلى أن أمسيات رمضان قديماً كان فيها الوقت والفائدة، وبعيدة تماماً عن الملهيات التي أمست الشغل الشاغل لكافة أفراد الأسرة هذه الأيام، لذلك تجد المتعة حاضرة في كل تفاصيل اليوم الرمضاني، لدى الكبار والشباب المنتمين للأسرة والأقارب والجيران، والصغار أيضاً الذين يحظون بالأهمية المطلقة من الأسرة احتفاءً بصيامهم.

رمضان الشباب

أما خالد عبيد السويدي مشرف تربوي، فأوضح أن أيام رمضان الجميلة التي يحتفظ بها في ذاكرته، امتازت بالتواصل واللقاءات الشبابية في حدود «فريج المرر» حيث كان يسكن، مشيراً إلى أن لعبتي الكرة الطائرة والقدم، كانتا القاسم المشترك بين كافة أبناء الفرجان الأخرى في ليل رمضان من بعد صلاة التراويح غالباً.

وأكد خالد أنه كان يشارك أصدقاء العمر في أمسيات رمضانية بسيطة فوق تلة رملية قريبة من فندق «حياة ريجنسي» لساعات قريبة من منتصف الليل، ونادراً ما يتجاوز الشباب هذا التوقيت في السهر، أما اليوم فأصبح النوم قبل الفجر استثناءً، فالشباب يبددون متعة رمضان في ممارسات غير مجدية مثل الخيم والشيشة والألعاب الإلكترونية وما إلى ذلك.

وقال السويدي: في نهار رمضان كان الجميع يتسابق في تلاوة القرآن، وكان أغلب مَنْ في المساجد من الشباب، الذين يمضون الوقت من الظهر إلى العصر في تلاوة كتاب الله، بعد انتهاء وقت المدرسة أو العمل في الصباح، وبعد العصر يتفرغون لخدمة البيت وقضاء متطلباته، حتى وقت الإفطار، لتعود بعد ذلك وحبات العبادة والتواصل والرياضة ولقاء الأقارب والأصدقاء.

سابقاً أيضاً، كما يختتم خالد، كان الجميع يبادر بل يسابق في إرسال وجبات الطعام والأكلات التقليدية إلى الجيران، لدرجة أن البيت الواحد يستقبل أكلات من الجيران أكثر مما تطبخ الأسرة، وتلك سمة باتت على وشك الانقراض في مجتمعات الحداثة والمدنية والتطور، كما هو لسان حال الفريج ورماله وملاعبه قديماً، في مواجهة الخيم والفنادق والموبايلات الذكية حالياً.

Email