مسجد »الفريج« قديماً.. صغير يسع الجميع

»مساجد زمان« المكان الذي يلتقي فيه الجميع أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

 بين رمضان الأمس واليوم، ملامح كثيرة مشتركة وأخرى مختلفة، واحدة منها حال المسجد وواقع صلاة أهل «الفريج» في الشهر الفضيل، نسلط الضوء على هذا الركن من زاوية رمضان الأمس، لنستجمع من تفاصيل البساطة وجوهاً إيجابية عدة، كانت بارزة قبل أن تطغى الحداثة على حياتنا، وتتشابك التقنيات في علاقات الأفراد، وينشغل الناس في أكثر من اتجاه. بالأمس كنا مع «رمضان اليوم» واليوم نعود إلى «رمضان الأمس»، لنجمل في السطور التالية شواهد جميلة من «زمان أول».

محطة حديثنا نتوقف فيها عند المساجد قديماً؛ وتحديداً في فترة السبعينات مطلع فجر الاتحاد، كيف كان حال المواطنين في رحاب المسجد؟ وما الدور الذي أداه بيت الله في رمضان الآباء والأجداد؟ حقائق نسردها على لسان من عاصروا تلك الأيام.

عبدالله المرزوقي تربوي في منطقة دبي التعليمية، من سكان منطقة الراشدية في دبي، وهي منطقة كما يقول حديثة العهد نسبياً، إذ بدأ المواطنون السكن فيها منذ فجر الاتحاد. ويضيف: في فترة السبعينات كان الجميع صغاراً وكباراً، يمضون الوقت الأطول في المسجد، وكافة الصلوات تؤدى جماعة، وفي صلاة الجمعة يضطر سكان الراشدية إلى التوجه إلى مسجد الشيخة لطيفة الكبير بالقرب من «بن سوقات سنتر» حالياً، وغالباً كان أفراد البيت الواحد يذهبون في سيارة رب الأسرة، أو مع الأقارب والجيران لمن لا يملك سيارة.

وأوضح المرزوقي أن الأسرة قديماً كانت تسكن في بيوت صغيرة جداً في الغرفة الواحدة أربعة أبناء معاً، وكان سهلاً على الأب أن يظل قريباً من أبنائه، بحكم قلة المؤثرات الخارجية وانعدام الملهيات، فلا «مولات» ولا «موبايلات»..

ولا سيارات كما هو الواقع اليوم، وبالتالي ظلت الأسرة أكثر قرباً وتماسكاً وحتى التزاماً دينياً واجتماعياً، مشيراً إلى أنه في هذه الأيام تجد بعض الآباء والأمهات لا يعلمون أين يكون الابن مدة يوم أو يومين، وتلك مفارقة توضح حالة التقارب اجتماعياً والالتزام بالمسجد والصلاة قديماً.

راية المحرزي ناشطة مجتمعية، أضافت أن المسجد قديماً ولا سيما في المناطق البعيدة، كان يُعمر بالصلاة، وتلاوة القرآن من بعد العصر حتى الغروب، وكذلك بعد صلاة التراويح، وحتى إن المجالس ظلت مكان التقاء الأقارب والأصدقاء للحديث في شؤون الحياة قليلاً، ولتلاوة القرآن والصلاة بقية الليل،..

مؤكدة أن مجتمع الإمارات والمواطنين تحديداً، لم يفقدوا هذه السمات الدينية والاجتماعية الجميلة رغم السنوات وما أحدثتها، وربما أن التأثر السلبي حصل نسبياً في المدن الرئيسية، أما المناطق البعيدة فلاتزال تتشبث بالصلاة والعبادة والتلاحم الاجتماعي والعادات القديمة والأصيلة.

وقالت: في السابق كان الشخص إذا أراد زيارة صديقه قصد بيته، وإن لم يجده توجه إلى المسجد وهو متيقن أنه سيلتقي به هناك، وكان الجار يصر على أبناء الجيران بالذهاب إلى المسجد. هذا الواقع الجميل لايزال متواصلاً في كثير من مناطق الإمارات؛ والحمد لله.

50 شخصاً

أيام الاتحاد، كان مسجد «الفريج» بسيطاً وصغيراً، يتسع في المتوسط لخمسين شخصاً في الداخل، وربما العدد نفسه في ردهة خارجية للمسجد تشبه «الليوان»، وكانت المساجد تغطى بمربعات خشب يُصب فوقها الإسمنت، وقبل ذلك كانت تُسقف بـ«دعن النخيل». أما اليوم فأصبحت المساجد علامة فارقة على أرض دولة الإمارات، في «الكم والنوع»، فهي مزودة بأحدث التجهيزات، وبهية بأجمل التصاميم، وهو ما يبهج القلب ويريح النفس، كما يوضح المرزوقي.

Email