شكّل جمعية لتأهيل وتوظيف الخريجين تضم 167 عضواً

مصطفى الهادي..الأمل بين ثمار الأرض

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

رغم بدايته المتعثرة في التخصص الأكاديمي الذي ينبغي أن يسلكه ويختاره منهجاً لحياته، إلا أن الشاب السوداني مصطفى الهادي عبدالله، وقف مع ذاته وانتصر لرغبته في دراسة الزراعة مقابل رغبة أهله في دراسة الصيدلة في ألمانيا، وقطع مشروع الصيدلة بعد أن درس اللغة الألمانية وأنجز فيها أربعة مستويات من ثمانية، وقرر العودة إلى تخصص الزراعة ليتخرج مهندساً زراعياً وتبدأ بعد ذلك رحلته في صناعة الأمل له ولأقرانه واستخراجه من باطن الأرض الخصبة التي يحيا عليها، واستطاع أن يبدأ مشروع إحياء الأراضي واستنهاض همم زملائه الخريجين حتى استطاع تكوين جمعية تعنى بشؤون الزراعة ولها اهتمامات اجتماعية يصل عدد أعضائها إلى 167 عضواً فعالاً.

يروي مصطفى قصته الملهمة، التي شارك فيها في مبادرة صناع الأمل، فيقول: «عملت في مجال الزراعة وأنا طالب ومعي 10 من زملاء الدراسة حيث زرعنا 30 ألف شتلة مانجو وكان مشروعاً ناجحاً جداً، وتخرجت من الكلية في عام 2012 وبدأت التفكير في كيفية الاستفادة من هذا التخصص وهذه الشهادة، فبدأت أولاً بأخذ الخبرات الزراعية وعملت في عدة مجالات زراعية لمدة عام وتكونت لدي خبرة في تنسيق الحدائق والاستزراع السمكي ومن ثم بدأت رحلة البحث عن مصدر دخل».

مصدر دخل

ويتابع: «بدأت قصة البحث عن مصدر دخل أولاً برفض الوظائف لأنها من منظوري ضيقة الأفق في هذا القرن وأنا آفاقي واسعة ولا أعتقد أن الوظيفة تتسع لها، فبدأت بالتفكير خارج الصندوق ودخلت السوق الزراعي الحر وطبقت ما درسته على أرض الواقع وفعلاً بدأت البحث عن إيجار أراضٍ زراعية إلى أن وجدت في 2014 جهة حكومية صندوق تشغيل الخريجين لديها عروض جميلة جداً، فهذا الصندوق لديه أراض زراعية يعطيها للخريجين لتتم زراعتها ويعطيهم التمويل للزراعة أيضاً والمطلوب فقط من الخريجين هو الإشراف على الأرض والتكفل بمصروفات العمالة، فأخبرت أصدقائي الزراعيين الذين تخرجوا معي وأعجبتهم الفكرة ووافقوا على الفور على أن نأخذ مساحة 50 فداناً ونزرعها بمحصول الحمص لأن عوائده الاقتصادية مجدية جداً، وكنا 10 خريجين (4 خريجات و6 خريجين)، أخذنا الأرض ولكن كانت مليئة بالأشجار الصغيرة (شجر المسكيت) وكان يجب علينا تنظيفها كلياً من هذا الشجر الضار حتى نتمكن من حراثة الأرض، وقررنا تنظيفها بأنفسنا لعدم توفر تكاليف تأجير من يقوم بتنظيفها، وكنا نعمل يومياً 8 ساعات في شمس حارقة جداً لمدة شهر كامل، فكنا نقطع الأشجار، نحن المهندسين، وتقوم المهندسات بإخراجها من الحقل، حقاً كان عملاً شاقاً جداً لأن المساحة كبيرة (210000 متر مربع) ولكن بحمد الله استطعنا بالعزيمة أن ننظف الأرض تماماً، كانت المفاجأة بعد أن انتهينا أن آبار المياه التي تسقي الأرض لم يتم صيانتها وكان قد تم وعدنا انه سيتم صيانتها أثناء تنظيفنا للأرض، ولم يسعفنا صندوق تشغيل الخريجين، فتركنا الأرض صدقة لمن يأتي بعدنا ويزرعها.

مواصلة الأمل

ويضيف: لم نفقد الأمل فانتقلنا إلى أرض أخرى بنفس المساحة وبها أشجار أيضاً ولكن المياه موجودة فيها، وكررنا نفس العملية ونظفنا الأشجار في 20 يوماً فقط بعد أن اصبحنا محترفين في النظافة، وتمت الحراثة بعد ذلك وجاءت مواعيد الزراعة وفي نهاية الشهر الثالث حصلت كارثة إصابة المحصول بأمراض لم نستطع مكافحتها لقلة خبرتنا في ذلك الزمن وكذلك كانت مياه الآبار ذات ملوحة أثرت على المحصول، وبسبب ذلك فقدنا كل المحصول ولم نجنِ منه ولا قرش، دخلنا حالة من الإحباط لمدة أسبوع ثم اجتمعنا بعد ذلك وكلنا أمل اننا سننجح، فبحثنا عن خطط لمعالجة الخسائر خاصة وأنه علينا تمويل يجب إرجاعه، فوجدنا حلاً سريعاً بأن نزرع الأرض بعلف نجيلي (ابوسبعين) يتحمل الملوحة ولا يحتاج رعاية كثيرة، وهناك اكثر من شخص جربه ونجح، حرثنا الأرض وزرعنا البذور وتمت السقاية وأخذ حوالي 3 اشهر ونجح وحقق لنا عوائد غطت لنا جزءاً كبيراً من خسائرنا السابقة.

ويؤكد مصطفى أنه بعد هذه التجربة نفذ عدداً من المشاريع الزراعية وتمكن وأصدقاؤه الخريجون من زراعة الطماطم الصيفية داخل البيوت المحمية وارتفع عدد المشاركين في المشروع إلى 20 شخصاً واجهوا العديد من التحديات ولكن بالرغم من ذلك لم يفقدوا الأمل وحققوا أرباحاً عوضت خسائرهم السابقة.

يضيف مصطفى: «تلك التجارب أكسبتنا خبرة وأخذنا منها دروساً في كيفية إدارة الزراعة وتوقع الأحداث وبعد ذلك اصبحنا ندخل المشاريع الزراعية بقلب قوي وبدأت النجاحات تظهر وفهمنا السوق وأصبح لدينا انتاج وفير من الخضر بكافة انواعها وكذلك ننتج الأعلاف».

نقلة نوعية

ويواصل مصطفى حديثه: بعد هذه المرحلة التي وصلنا إليها انتقلنا نقلة نوعية فقررنا أن نكوّن جمعية تعاونية تضم كافة التخصصات الزراعية وغير الزراعية، وبدأنا بنشر الفكرة بين معارفنا وفي مواقع التواصل ولاقت رواجاً حتى اكتمل العدد إلى 112 شخصاً وفي فبراير 2016 قمنا بتسجيل الجمعية وكوّنا مكتباً تنفيذياً من 10 أشخاص لإدارة شؤون الجمعية وأصبحنا نحن حلقة الوصل ما بين الخريجين وبين صندوق تشغيل الخريجين والجهات التمويلية نساعد الشباب في اعداد دراسات الجدوي الاقتصادية وفي اختيار الأراضي القابلة للزراعة وكذلك يتم تدريب وتأهيل الكوادر سواء كانوا زراعيين أو من مجالات اخرى، وحالياً وصل عدد الأعضاء الى 167 عضواً فعالاً، وأطلقنا على الجمعية اسم «جمعية غرسة خير التعاونية» عملاً بحديث الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم: «إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا».

ويقول مصطفى: «يتم محليا اعفاء الجمعيات التعاونية من الضرائب المحلية ومن الزكاة كذلك، ومن منطلق مسؤوليتنا تجاه المجتمع اطلقنا مبادرة سميناها «فكرة» لمساعدة الأطفال المصابين بمرض السرطان وعملنا شراكة مع منظمة تأوي الأطفال مصابي مرض السرطان وأهاليهم القادمين من ولايات السودان وقمنا بزراعة خضر عضوية خاصة بالأطفال وكذلك نأخذ 10% من أرباح أي مشروع ناجح لصالح الأطفال، كما نقوم بجمع اشتراكات شهرية من أعضاء الجمعية لعمل أيام ترفيهية وشراء هدايا وألعاب للأطفال».

Email