أسعار بأعلى القمم وزبائن تواجه الحمم

لهيب ملابس "الفطر" تحرق جيوب الجزائريين

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

شهدت أسواق الجزائر إنزالا بالثقيل للعائلات لاقتناء ملابس عيد الفطر خاصة للأطفال، واتسمت «بورصة» الأسعار بسخونة فوق العادة لم تستثن لوازم إعداد الحلويات. وفي عدد من أسواق العاصمة الجزائرية وضواحيها، برز واضحا غليان الأسعار في عدوى انتقلت من المواد الغذائية إلى الملابس، ما عقّد مهمة أرباب البيوت في اقتناء ملابس مناسبة لأبنائهم، على نحو أكبر مقارنة بالسنوات الماضية، اذ لم يعد بالإمكان اقتناء طقم كامل للأطفال بأقل من ستة آلاف دينار «60 دولارا».

وفي محلات عادية بضاحيتي الدرارية والديار الخمس، وصولا إلى نظيراتها في أحياء حسيبة بن بوعلي، ومراد ديدوش وباب الوادي، كان المشهد متشابها، فقيمة القطعة سواء كانت تنورة، سروالا أو قميصا، لم تهبط عن 2500 دينار (25 دولارا)، ووصلت إلى 5 آلاف دينار بحسب الجودة والماركة. وإذا كان ما تقدّم شمل الملابس العادية، فإنّ الأخرى الراقية اقترنت بقفزة مهولة جعلتها تفوق بكثير قدرة محدودي الدخل، فطواقم أطفال تتراوح أعمارهم بين 3 و8 سنوات، ليست متاحة بأقل من 9 آلاف دينار «90 دولارا»، وملابس الصبايا فإنها أكثر كلفة، حيث لا يقل ثمن لباس متوسط ترضى به أي بنت عن سبعة آلاف دينار، فيما عرفت ملابس الرجال المفضلة في العيد وهي القمصان ارتفاعا أيضا، أما ملابس النساء فإنها تشهد صعودا أكثر حدة.

استنزاف وبدائل

دفع ذلك الوضع بالبسطاء إلى البحث عن حلول لمواجهة الغلاء سواء من خلال اقتناء السلع الصينية الأقل ثمنا أو متابعة محلات الملابس المستعملة المنتشرة محليا، وتشهد الأخيرة إقبالا مكثّفا لما توفره من ملابس عالية الجودة وبأسعار معقولة. واعتبر آخرون ما يحدث بـ«الاستنزاف الإضافي» بعد كل الذي تجرعوه في رمضان الحالي، وقال عبد الباقي مجيد حسين إنّ أسرنا صارت أمام وضع حرج قبل أيام من العيد، فالمال قليل والأسعار باهظة للغاية. ووصف تجار الملابس بأنهم على درجة كبيرة من المكر، اذ ضاعفوا الأسعار لعلمهم أنهم سيبيعون سلعهم مادام الآباء والأمهات سيشترون لإسعاد فلذات أكبادهم، حتى ولو كان ذلك على حساب جيوبهم.

وقالت المواطنة عائشة جندوبي وهي أم لثلاثة أطفال، إنّ حالتها المادية لا تسمح لها باقتناء الملابس المعروضة في الأسواق، لذا اضطرت للشراء من باعة الأرصفة، فأسعارهم معقولة وذلك أقصى ما تستطيع. وعلى النقيض، أطلق «حسان بوقرة زفرة ارتياح، لأنّه اشترى لبناته الأربع كسوة العيد قبل شهر من حلول رمضان، ما جنّبه الوقوع في مأزق المغالاة في الأسعار»، ويقول إنّ ذلك حال الكثير من أصدقائه الذين حصلوا على ما يريدون بعيدا عن حمى المضاربات.

مزايدات وتبريرات

وفي حديثه للبيان، كشف الناطق باسم اتحاد التجار والحرفيين الطاهر بولنوار، أنّ أسعار الملابس قفزت نحو عشرين في المئة مقارنة بالعام المنصرم، وحمّل مسؤولية ذلك إلى غياب الرقابة الحكومية ومزايدات الباعة الفوضويين الذين يريدون اغتنام فرصة العيد لكسب أكبر ريع ممكن، ونبّه إلى تداول سلع مقلّدة بأسعار منخفضة، مع كل ما يمثله ذلك من انعكاسات اقتصادية وصحية.

وعزا عدد غير قليل من التجار والباعة ارتفاع أسعار الملابس إلى تحكم المستوردين في الأسواق، وقال أحمد بن عاشور البائع بسوق الساعات الثلاث إنّ (متنفذين) يرفعون الأسعار ويخفضونها حسب الطلب والعرض، ما يضطر باعة التجزئة لعرضها بأسعار خاضعة لما فرضته الرؤوس الكبيرة. وأشار وسيم بوراس بائع لملابس الأطفال بزقاق علي ملاّح أنّ دور باعة التجزئة يقتصر على إيصال السلع للزبائن، ويحرصون على بيعها بأدنى سعر ممكن إلا أنّ الباعة يواجهون مشكلات عويصة في حال عدم تمكنهم من تصريف كميات الملابس الموجودة لديهم، ما يعرضهم لخسائر ضخمة، وعليه سيبذلون كل ما في وسعهم لتحقيق مبيعات أكبر قبل العيد.

أوجاع الحلويات

اصطدم حراك العائلات لتحضير حلويات العيد بشقيها التقليدي والعصري بالتهاب أسعار مستلزمات صناعة الحلويات بشكل غير مسبوق ما صدم المستهلكين، وكان ذلك لسان حال نساء التقينا بهنّ في سوق «باش جراح»، حيث أعربن عن دهشتهن من ارتفاع أسعار المكسرات خاصة الفول السوداني الذي وصل سعره إلى 350 دينارا للكيلوغرام، وهي زيادة فاقت 30 بالمائة مقارنة بالسنة الماضية. وسجلت أسعار اللوز رقما قياسيا بعد أن وصل سعرها إلى ألفي دينار، ما جعل الحاجة سعيدة رزق الله تبرز عجزها عن تحضير حلوى العيد، خصوصا مع ارتفاع أسعار السكر المسحوق والكاكاو والسمن النباتي، والأخير وصل سعره إلى 450 دينارا. ورأى بعض التجار تلك الزيادات طبيعية نظرا لأنّ أسعار المواد المعنية تعرف عدة تقلبات في الأسواق العالمية ما يؤثر بصفة مباشرة على سعرها في السوق المحلية، بينما شدّد الزبائن على أنّ التجار يستغلون فرصة حلول أيّة مناسبة من أجل ضبط الأسعار وفق ما يحلو لهم وسط لامبالاة فرق الرقابة، على حد تعبيرهم.

Email