البيوت أشبه بخلايا نحل تعمل بنشاط لتنتج أكثر

عدن.. مذاق خاص وعادات صوم سمحة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

«مرحب مرحب يا رمضان.. يا مرحبا بيك يا رمضان» كلمات ترددها ألسنة الأطفال هنا وهناك، ابتهاجاً بحلول شهر المحبة والتسامح والغفران، تصل لمسامع الناس فيستقبلونها بروح فياضة بالمحبة والصفاء.. وروحانية متماهية تغذي القلب فيزداد شوقاً وعبادة لله. وفي اليمن وتحديدا عدن، لم تغير الظروف القاهرة التي يمر بها الوطن طباع الناس في كيفية استقبال الشهر الفضيل..

ورغم الغلاء والمشاكل والحروب لا يزال الأمل ينير طريق كثيرين، والنفوس تواقة للأفضل، ورمضان بذكرياته وحكاياته يسجل حضوراً جميلا.

تحدثت التربوية نور فضل قائلة: إنه شهر فضيل تتنزل فيه الرحمة وكل ما فيه يشتهى وكل ما فيه تفضله النفوس، وتزخر فيه المائدة العدنية بشتى الأطباق، وتصبح البيوت أشبه بخلايا نحل تعمل بنشاط لتنتج أكثر وأكثر، والعادات فيه تعم المدن اليمنية الأخرى، فهي متوارثة أباً عن جد، فتتبادل الأسر الشاي المُلبن والقهوة المزغولة..

وتقديم الفيمتو البارد إلى السمار والموجودين أمام المنازل والجيران كنوع من التراحم وزيادة الألفة، وفي أيام الزمن الجميل كانت مقاهي عدن الشهيرة، تعج بالكتاب والشعراء وكبار المثقفين والمفكرين والسياسيين يستمتعون بقضاء سهراتهم فيها.

ولا تخلو من الشعر والفكاهات الأدبية والسياسية والموسيقى والدندنات والأغاني والرقصات الشعبية بالنكهة العدنية الأصيلة.

وعن المأكولات خاصة وجبة الفطور تتضمن التمر والشوربة والسمبوسة والباجية والخمير الحالي واللبنية والبدامي، ثم بعد صلاة التراويح يكون العشاء العدني من الأرز واللحم، أو أرز وسمك صانونة مطفاية وبسباس وعُشار أو شتني أو بسباس مع الحُمر، أو بسباس أخضر مع الجُبن.

وتضفي الألعاب الشعبية أجواء من الفرح وهي محببة للأطفال في الشوارع وللأسف غيبت ظروف المعيشة الصعبة ظاهرة مدفع الإفطار والمسحراتي الذي كان يطوف الحواري والشوارع مناديا «اصح يا نايم وحّد الدايم».

وطني غير

وعبرت رشا لقمان، وهي ربة بيت وتعيش في الخارج، عن حضورها لقضاء الشهر الفضيل مع أهلها فقالت: حقيقة لا أستطيع أن أتصور كيف سأقضي رمضان وأنا بعيدة عن عدن وقلوب ناسها البسطاء الطيبين، ونفوسهم الهانئة، ومشاعر العطف والحب والتعاون والتآزر بين الجميع، التي تتضاعف أكثر خلال هذه الأيام المباركة، أشتاق حقا لتلك الطقوس ابتداء من الاستعداد قبل حلوله بفترة..

ومع أولى مظاهره برؤية الهلال، إذ يتجمع الناس بفئاتهم الاجتماعية، واختلاف أعمارهم، ويخرج الأطفال حاملين شعلات النار والفوانيس والمصابيح المضاءة مرحبين بقدوم الشهر وتتعالى أصوات المساجد ترحيباً بقدوم الشهر ولأداء صلاة التراويح. والسعادة التي لا توصف ونحن نتبادل شتى المأكولات الرمضانية من الشوربة والباجية والسنبوسة والمدربش والشفوت وبنت الشيخ وقطائف العسل والكعك والكيك والمقرمش والخبز واللحوح وغيرها.

وقالت: شخصيا أشعر بسعادة بالغة عند اجتماعنا حول مائدة إفطار واحدة تجمع عائلتي من صغيرها إلى كبيرها بنفوس لا تحمل إلا المودة والتراحم، ومن الطقوس المحببة لقلوبنا ذهاب نساء الحارة معا لأداء صلاة التراويح وقراءة القرآن، وبعدها تبدأ الزيارات النسائية والاجتماعات العائلية التي نتبادل فيها الحكايات والذكريات حتى ساعات متأخرة، وعندما يقترب وقت السحور، لنجهز فتة الخبز وهي بالنسبة لنا وجبة السحور الرئيسية.

أمسيات وندوات

وعن دور منظمات المجتمع المدني في إثراء الشهر الفضيل قال رئيس مؤسسة فكر للتنمية علي محروق، دشنا برنامجاً شبابياً يحمل شعار "رمضان غير" ويتضمن عدداً من الأنشطة والفعاليات منها مسابقة ثقافية وأمسيات وندوات، وليلة سمر ترفيهية مع صغار دارالطفولة الآمنة وتوزع خلالها هدايا وتوزيع حقيبة تموين رمضانية تتضمن التمروالأرز والزيت والسكر.

والبرنامج يهدف لاشغال وقت الشباب، وتفعيل دورهم ودعوة المجتمع لتبني قضاياهم وأنشطتهم، ومساعدة الفئات الأشد فقرا، وتقديم المساعدة لهم.

مجالس قات

يقول الموظف الحكومي نائف عوض: في عدن وفي المساء وتحديدا بعد أداء صلاة العشاء والتراويح قي جماعة، ومع كثرة القناديل المضاءة في كل ركن من أركان المساجد، تستطيع أن تشعر بروحانية كبيرة تسري في المسجد، وبعدها نتجه أفرادًا وجماعات على تباين مستوياتنا الاجتماعية إلى سوق القات، ومنه نلتحق بمجالس المضغ والتخزين، لنتبادل الحديث والمبارزة في الأمور الاجتماعية والسير التاريخية والقراءات الشعرية والأمور الثقافية والسياسية حتى وقت متأخر من الليل، ومجالسنا الآن أشبه بصالونات الأدب قديما.

Email