أطباق عامرة ومتنوعة تشبع العين قبل المعدة

العراقيون.. محاذير بين الإسراف والتقتير

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتميز رمضان بخصوصيته بكل بلد في العالم الإسلامي، إلا أن هناك قاسماً مشتركاً بين الجميع، وهو انه شهر للعبادة والتقرب اكثر إلى الله تعالى، بينما يراه آخرون أنه لا يختلف عن غيره من الشهور والأيام، باعتبار أن المسلم من شأنه التمسك بالتعاليم والأخلاق الإسلامية، في كل وقت، ويتفرد الشهر الكريم، بأداء فريضة الصوم وهو شهر أنزل فيه القرآن الكريم على الرسول الكريم ــ صلى الله عليه وسلم ــ، ما يجعل نكهته خاصة وطقوسه عامرة من مكان إلى آخر.

وتلك الطقوس لا تزال موضع جدل، ليس بين حسن وغير ذلك، بل بين الحسن والأحسن، خاصة المائدة الرمضانية.

ويرى باحثون اجتماعيون، أن الرجال والنساء كثيراً ما يتبادلون اتهامات التبذير، عندما يتجاوز الإنفاق الشهري الخط الأحمر، لكنهم لا يجرؤون على ذلك حين يحل شهر رمضان، لاقترانه - اضافة إلى العبادة -، بالإقبال على الشراء والاستهلاك لمختلف أنواع الأطعمة. ورغم ما عانته وتعانيه العراقية من متاعب وعوز، إلا أنها تحب الاحتفاء برمضان، بتوسيع مائدة الطعام، وزيادة عدد وأنواع أطباقها، حتى لو اختارت أبسطها.

اتفق زوجان جديدان هما »عامر ك« و»فرح ق«، على أن تكون مائدتهما بسيطة، ولا تختلف عن الأيام العادية، لأنهما لا يحبذان الإسراف، والدين نهى عنه. وينتقد عامر الإقبال غير الطبيعي للناس على المحال والأسواق خلال الشهر الفضيل وكأنهم »يخشون حدوث مجاعة«، مع أن جميع المواد الغذائية متوفرة، وبكثرة، ولا حاجة لتخزينها.

وتقول فرح، إن شهية الصائمين للطعام تتناقص مع مرور أيام الصوم، ولا داعٍ للإكثار من الأصناف عند وجود ضيوف، وبالطبع ذلك ليس بخلاً، بل الحرص واجب حتى لا ترمى الكميات المتبقية في براميل القمامة.

مائدة مختلفة

وتحاول كريمة جاسم وهي ربة بيت، الإمساك بالعصا من الوسط، وتقول إن مائدة رمضان لا يمكن أن تكون عادية، لأن الصائمين ينتظرون الشهر الكريم بفارغ الصبر، والاستمتاع بمأكولاته الشهية، ولابد أن تحظى المائدة بأصناف متنوعة تشبع العين والمعدة.

وذلك لا يعني أن تعد الزوجة كميات كبيرة من الطعام ويكون مصيرها مكب النفايات. خاصة والبعض يفضل تناول الأطعمة الطازجة يومياً، وذلك نوع من التبذير.

ويشكو اكرم غازي من حالته المادية المتواضعة التي تجبره أحياناً على عدم الاحتفاء برمضان، فهو يسكن في منطقة لم تتسلم مفردات الحصة التموينية كاملة منذ اشهر، ما يدفعه لشراء ما ينقصه بما يكفيه بالشهر الكريم، وبالنسبة للحوم الحمراء أو البيضاء فلا يمكنه توفيرها كوجبة رئيسية لارتفاع أسعارها، فيكتفي بأبسط أنواع المأكولات وأقلها ثمناً.

ويقول اكرم انه يرى نداءات تعذبه في أعين أفراد عائلته، فهم يرون معروضات السوق التي تثير شهيتهم، ويتمنون شراءها، لكنهم مجبرون على الاقتصاد في الإنفاق.

القناعة كنز

وتختلف الحاجة أم هيثم مع أكرم في الفكرة، لأنها تعدّ الشهر مخصصاً للعبادة، وليس التفكير في الطعام، إذ لابد أن يعوّد الصائم نفسه على القناعة فهي كنز. وأغلب الناس يواجهون ظروفاً صعبة بسبب قلة فرص العمل وتأثير الظروف السياسية والأمنية على التحاق الناس بأعمالهم، بجانب ارتفاع أسعار كل شيء، ابتداء من الوقود، وحتى الخبز والفواكه والخضراوات.

ويشير فائز الحمداني إلى تمسكه بعادته في الإنفاق، ليس في شراء الطعام فقط، بل بتوزيع الصدقات على الفقراء والمحتاجين، واعتاد على إطعام صائم يومياً من إفطاره وخاصة من أقربائه الفقراء، ويرسل أيضاً طبقاً إلى الجامع القريب من بيته.

أهم الأكلات

 يفضل الصائمون العراقيون في وجبة الإفطار، تناول الحساء بما يعوض الجسم عما يفقده من سوائل، ولأن الجو لايزال حاراً جداً، فأفضل ما يجب يتناوله العصائر واللبن، والجوع الحقيقي يبدأ عند الصائم بعد ساعات من الإفطار، فيعاود البحث عن أكلات تشبع العين والمعدة.

وترى حنان الجابري أن لإعداد المائدة دوراً كبيراً في إشباع الصائم، وتجميلها وزيادة عدد أطباق المقبلات والسلطات تشبع عين الصائم، والاقتصاد بكمية الأطعمة وتوزيعها بشكل متناسق على المائدة، يجنب الصائم تناول الطعام بشراهة، ويوفر له كل ما يحتاجه من مواد غذائية.

Email