50 ألف ليرة حدّاً أدنى لتكلفة مائدة الإفطار

الغلاء يسبق شهر الصيام في لبنان

عرض وافر وأسعار خارج الرقابة

ت + ت - الحجم الطبيعي

 كالمعتاد، شهد حلول شهر رمضان المبارك في لبنان ارتفاعاً في أسعار المواد الاستهلاكيّة، ما يدفع بالتاجر والمستهلك إلى السؤال عن السقف الذي يمكن أن تصل إليه الأسعار، في حال كان هناك سقف أصلاً، خاصة أن الارتفاع بدأ قبل بدء الصيام، في غياب الرقابة من الأجهزة المعنية.

وإذا كان لدى اللبنانيين ما يكفيهم من هموم معيشية تتراكم يومياً، في شتّى المجالات، فإن رمضان يفترض أن يحمل إليهم الخير، إلا أنه أتى للأسف بزيادة جنونية في الأسعار، وتحديداً المتعلّقة بالطعام، إذ تتراوح كلفة مائدة الإفطار بين 50 ألف ليرة لبنانية حدّاً أدنى للعائلة المؤلّفة من 4 أشخاص.

وقد تصل إلى 150 ألف ليرة وما فوق للعائلة نفسها إذا تغيّرت نوعية الطعام. وذلك الواقع ينعكس مباشرة على القدرة الشرائية لمستهلك يصبح، يوماً تلو الآخر، مضطراً للاستغناء عن معظم الكماليات، وجزءاً من الأولويات في قائمة مشترياته.

وفي ظلّ انقسام السوق في لبنان بين محتكرين وتجّار برقابة هامشية، معطوفاً على مشكلة الكهرباء المقطوعة والتقنين القاسي، الذي يحوّل الصيف إلى «فرن حقيقي»، تنبئ المعطيات المتداولة أن استعدادات التجار لزيادة منتوجاتهم سوف تستمر بشكل أكبر خلال أيام الشهر الفضيل.

والسبب الذي بات شائعاً، يكمن في أن التجار يسعون دائماً إلى تحقيق أرباح كبيرة على حساب طرفَي المعادلة، أي المنتج والمستهلك، فيشترون المزروعات بأسعار منخفضة لتُباع في سوق «المفرّق» بأسعار مرتفعة جداً.

والغلاء يطاول جميع المواد الاستهلاكية، لاسيما الأساسية منها، فتشمل الخضار والفاكهة، وصولاً إلى اللحوم والدجاج. وأسعار المواد الغذائية ترتفع فجأة، ثم تتضاعف، لتصل إلى ثلاثة أضعاف في أغلب الأحيان. والغريب أن صحن الفتوش الشهير، ترتفع أسعار كل مكوّناته، وكأنها أسهم في بورصة وليست خضراوات.

ربات المنازل لا يجدن بديلاً عن الأسواق الشعبية الأسبوعية، للبحث بين البسطات المتعدّدة عن بضاعة رخيصة، ولو أتت أحياناً على حساب النوعية. والارتفاع والانخفاض بالأسعار، لا يعرف المستهلك أسبابهما الحقيقية، تتحوّل الأسواق على بورصة تقلب فيها المقاييس التجارية، فتحافظ الأسعار فيها على ارتفاعها، مهما كانت حركة العرض والطلب.

إذاً هي حكاية «إبريق الزيت» تتكرّر هذا العام في لبنان، زيادات جديدة على الأسعار، مرفقة بتوجيه صرخة من المواطنين للمسؤولين في الإدارات المعنية بقطاعات المراقبة، من أجل أن يرفعوا نسبة الرقابة والدوريات على الغذاء تحديداً خلال رمضان، في بلد لا تشهد فيه الأسعار انخفاضاً، بل ثباتاً أو ارتفاعاً فقط، بسبب غياب تنظيم السوق. وذلك يعود إلى نغمة الاقتصاد حرّ، والوكالات حصريّة، ما يعزّز الاحتكارات ويؤدّي إلى ارتفاعات غير مبرّرة في الأسعار هي أقوى من لسعة النار.

Email