الجزائريون يخزنون اللحوم كأنهم مقبلون على حرب

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أظهر بعض التجار الجزائريين وفاء قل نظيره لعادة قديمة متجددة، تتمثل في وضع أخلاق الممارسات التجارية النظيفة، جانباً كلما اقترب موعد شهر رمضان، فلا تحذيرات الحكومة منعتهم ولا نداءات الاستجداء التي أطلقها أئمة وخطباء المساجد دفعتهم للإبقاء على مسحة الحياء على الوجوه.

ورغم سلسلة إجراءات من وزارة التجارة بردع المخالفين، فإن أسعار المواد الأساسية والخضار واللحوم بنوعيها الحمراء والبيضاء تحلق فوق ما تحتمله القدرة الشرائية للسواد الأعظم من الأسر متوسطة الدخل، أما الفئات الهشة والفقيرة فمصيرها صدقات المحسنين أو مساعدات الهلال الأحمر العينية لنحو 1.5 مليون أسرة فقيرة.

وفي محاولة للحد من جشع التجار ولهفة المستهلكين في شهر »الرحمة« الذي ترتفع معه الأسعار، أطلق خطباء مساجد وعلماء دين وغيرهم نداءات عبر وسائل الاعلام باللغات المختلفة، يحذرون من الاستهلاك المفرط والاستعمال غير العقلاني للموارد خلال الشهر الفضيل وعدم تخزين المواد الأساسية والتبذير.

وعادة ما يتنصل التجار من مسؤولية ارتفاع الأسعار بإلقاء اللائمة على الحكومة التي لم تضبط قنوات التوزيع وتمنع الاحتكارات، ولم تردع المضاربين والوسطاء، مع شره الاستهلاك الذي يدفع الطلب والأسعار نحو الارتفاع، وغياب ثقافة الاستهلاك الصحي ارتفاع أسعار المواد الغذائية الذي يجب وقفه من قبل المستهلكين بسلوكاتهم، ولا يمكن لوم التجار على استغلال ما يعتبرونه فرصة سانحة لزيادة أرباحهم ما دام الجميع يضع الأخلاق التجارية على الرف خلال رمضان.

الأمين العام لاتحاد التجار والحرفيين الجزائريين حاج طاهر بولنوار، قال لـ»البيان« إن الوفرة لا تعني شيئاً بشهر الصيام، والاتحاد يرصد زيادات تتراوح بين 30 و50 % في أسعار المواد الغذائية المحلية أو المستوردة، وأغلب التجار لا يقدمون مبررات عقلانية لزيادة الأسعار سوى مجاراة لهفة المستهلكين، فأسعار اللحوم الحمراء بلغت 1900 دج للكيلو غرام، مقابل 1100 دج للكيلو غرام في بقية فترات السنة.

التهاب الموقف

وبينما تتحدث وسائل الإعلام المحلية يومياً عن التهاب الأسعار، تكتفي الحكومة بالحديث عن توفير كميات كافية من السلع ودعم جهاز مراقبة الأسعار وقمع الغش. ويعتقد السواد الأعظم من الزبائن أنهم ملزمون بشراء وتخزين كميات من مواد رمضان، وهو ما يستغله بعض التجار.

ومن يراقب سلوك الاستهلاك برمضان يعتقد أن الجزائر مقبلة على حرب بسبب العادات السيئة لتخزين اللحوم والدجاج والخضروات الطازجة.

وأعلن المدير المركزي للرقابة وقمع الغش بوزارة التجارة، عبد الحميد بوكحنون عن تعبئة 6000 مراقب أسعار، وهو رقم محدود جدا لمواجهة 1.2 مليون تاجر قانوني.

وكشف وزير الفلاحة الجزائري عبد الوهاب نوري، عن استيراد كميات إضافية من المواد الأساسية كاللحوم الحمراء المجمدة من البرازيل والهند.

مع تحديد سقف لأسعار اللحوم المستوردة بين 400 و600 دينار، علماً بأن الإنتاج الوطني من المواد الحمراء يغطي 95 % من الاحتياجات.

والاستهلاك السنوي 650 ألف طن من اللحوم الحمراء و460 ألف طن من اللحوم البيضاء. وشهدت أسعار الدواجن ارتفاعاً حاداً فقفزت من 220 للكيلو غرام إلى 400 دينار، كل ذلك والحد الأدنى للأجور 18ألف دينار.

وفشلت رئيسة الهلال الأحمر بن حبيلس في تحويل المساعدات الغذائية التي تمنح سنوياً لـ1.5 مليون عائلة فقيرة إلى مبالغ مالية.

ويمنح الهلال الأحمر سلة رمضان لتلك الأسر وتتضمن كميات من الدقيق والزيت والسكر والحليب ومعجون الطماطم أو بعض المعجنات.

قالت بن حبيلس، إنها ستسعى مستقبلاً لدى رئيس الجهورية لتحويل المعونة إلى مبلغ مالي يمنح للأسر الفقيرة حفاظاً على كرامتها وعدم إحراجها بالوقوف في طوابير أمام مكاتب الهلال الأحمر والبلديات ومراكز الدعم الاجتماعي للحصول على المعونة الحكومية.

قال الخبير الاقتصادي أمحمد حميدوش، إن ضعف مستوى المداخيل يدفع نصف الأسر الجزائرية لتوجيه 70 % من الدخل لتغطية تكاليف المواد الغذائية.

Email