حي الحسين.. أجواء روحانية بنكهة قاهرية

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

 «من الفطور حتى السحور»، كلمات ومعان تصف بصدق وشفافية رحلة الزائر لحي ومسجد الحسين في قلب القاهرة، المدينة التي تسهر ولا تنام وتصحي النيام لسهرات لا يفارقها الابتسام، وتحرص العائلات على الخروج لقضاء يوم رمضاني بمذاق روحاني وإنساني، ولكل أسرة طقوس تمارسها وحكايات تتداولها..

وغالباً ما تبدأ الزيارة للحى الشهير بأداء صلاة العصر في المسجد الذي يكتظ بالمصلين ما يدفع البعض لأداء صلاته بجامع الأزهر المجاور، ومن ثم تبدأ ساعات الانتظار في أجواء روحانية لحين انطلاق المدفع في مشهد رائع ويتناول الجميع إفطاره وسط جموع غفيرة من المواطنين والوافدين من مختلف الجنسيات، تليها جلسة حاشدة بالمقاهي الشهيرة مثل الفيشاوي، ومن ثم التجول في أرجاء خان الخليلي، إلى حين تناول السحور وصلاة الفجر في الحسين. ليعود بعدها الجميع إلى بيوتهم للحصول على قسط من الراحة قبل التوجه إلى أعمالهم.

في تلك الأجواء الروحانية المضمخة بالبخور وعبق العطور، يجد كل إنسان ذوقه لحظة الإفطار، فهناك الكثير من المطاعم التي ترضي جميع الأذواق والمستويات، منها الفاخر الذي يقدم المشاوي المتنوعة، وهناك المطاعم الشعبية التي تفتح أبوابها وتجعل أرائكها متراصفة في الشارع.

ويتسم ذلك المشهد في عمومه بالحب والرحمة التي تجسده موائد الرحمن الكبيرة ذات المحارم البيضاء وعليها ما لذ وطاب من أطعمة ومشروبات. والسير على الأقدام السمة الغالبة عند زيارة الحسين إذ لا مجال لمرور السيارات، فالأضواء والضوضاء الجميلة متعة الزائر، والاستماع للأذكار الدينية ونغمات الربابة، التي تنسي هموم الدنيا ومشكلات الحياة، وتتجلى المتعة الحقيقية في جلسات المقاهي في صحبة جميلة ومزار مفتوح وفضاءات رحبة للقاهرة الإسلامية.

فلكلور

وسط المكان العتيق، تمتزج ملامح المصريين والعرب والأجانب، فالحسين من أهم مناطق الجذب السياحي، فالجميع يشعر بحالة الدفء والسعادة، وسط ملامح الفلكلور والأناشيد والأطعمة المصرية الأصيلة.. ولا يكتمل هذا الشهر دون زيارة أو «خروجة» للحسين، تشعر معها بطعم رمضان الحقيقي؛ بعيداً عن جمود الحياة والشوارع.

وروائح العطور تختلط بعبق البخور وتخترق دخان الشواء والشيشة، فرائحة النرجيلة أو«الشيشة» تنادي متعاطيها وروائح البخور المتنوعة المتسللة من خان الخليلي، ويصفه الناس بـ«الخان وجمال الخان»، فيتوافد الناس على هذا المكان ويشترون ما فيه من تحف واكسسوارات التي تتزين بها النساء، وملابس بطابع إسلامي وغيرها من الأشياء.

كذلك المشغولات اليدوية الجميلة التي لا مثيل لها، والتي تجد رواجاً واسعاً وقبولاً من الزوار. ويعد خان الخليلي قبلة للسائحين والراغبين في أن ينهلوا من عظمة التاريخ المصري، حيث يمتلئ بالعديد من البازارات السياحية والمطاعم كذلك التي تبيع أجمل المنتجات المصرية، وتماثيل ملوك الفراعنة وأدوات فنية وملابس تذكارية عن مصر، فيقصده جموع السائحين.

معالم مبهرة

الجميل في المكان أنه متصل بكل معالم القاهرة الإسلامية، فهناك من يُفضل الجلوس على المقاهي لقضاء سهرته ومنها «مقهى الفيشاوي» القائم على طراز العمارة الإسلامية الفريد، والذي يعود لعصر «الفتوات» كما وصفه الكاتب العالمي نجيب محفوظ، فصاحبه هو «فهمي الفيشاوي» أحد فتوات منطقة الجمالية، ذاك المقهى الذي كان ومازال قبلة المثقفين والمشاهير، ويستقبل زواره بكراسٍ خشبية متراصة.

كما يزخم مقهى الفيشاوى وغيره من مقاهي الحسين بالمطربين والموسيقيين الذين يسهرون يومياً حتى الصباح، يقتلون أوقاتهم في عزف ألحان مختلفة، فتصبح المقاهي أشبه بواحةٍ يهدأ عليها زوار المنطقة، لما يجدوا فيها الأمن والدفء والاستقرار مع المشروبات الدافئة كـ«الشاي والقهوة واليانسون وغيرها» أو المشروبات الباردة كالعصائر والمثلجات والمياه الغازية والمعدنية .

كذلك هناك من يفضلون الاستماع لحلقات الذكر ومشاهدة عروض التنورة والغوص في جمال الملكوت، فالذكر لا ينتهي بحي الحسين. ولا يجوز للزائر أن يغفل الأماكن الأثرية الموجودة بجوار الحسين، مثل وكالة الغوري، وبيت السحيمي، وبيت الهراوي، وغيرها، والتي تنقل زوارها لعالم من الجمال والتمتع بالتراث، فالتجول بهذه الأماكن والتقاط الصور أصبح سمة مهمة وتخليداً للذكرى.

كما يفعل الزوار. ويُغني علي الحجار قائلاً: «صلينا الفجر فين صلينا في الحسين»، فيختم الزوار جولتهم بصلاة الفجر بمسجد الحسين الذي يتوج الحي، فيمتلئ المسجد عن آخره لأداء صلاة الفجر، في هذا المسجد الذي بني في عهد الفاطميين سنة 549 هجرية الموافق لسنة 1154 ميلادية.

ويتميز مسجد الحسين بأنه يظل ممتلئاً ليل نهار بالمسبحين المستغفرين الداعين الله، في روحانيات مُنزهة من أية أغراض أخرى، حيث يجتمع المصلون كثيراً في حلقات ذكر يقرأون القرآن، ويذكرون الله كثيراً، يرحبون دوماً بكل من ينضم إليهم من الزائرين والمصليين.

قيمة اضافية

يتميز مسجد الحسين بأنه يظل ممتلئاً ليل نهار بالمسبحين المستغفرين الداعين الله، في روحانيات مُنزهة من أية أغراض أخرى، حيث يجتمع المصلون كثيراً ويقرأون القرآن، ويذكرون الله كثيراً، يرحبون دوماً بكل من ينضم إليهم من الزائرين والمصليين.

Email