الأهالي يعانون شبح العنف والانفلات الأمني

صوم العراقيين حلاوة روحية رغم مر الأيام

ت + ت - الحجم الطبيعي

وشهر رمضان المبارك يطوي سجل أيامه توطئة للمغادرة بعد أن استقبلته العائلات كضيف عزيز، بما يليق عند زيارته كل عام، فالأسواق التي تغص بالمتبضعين قبل حلوله ومع معايشة ايامه، وقبيل مغادرته وكثرة الطلبات على مواد تموينية معينة منها الرخيص وبينها الغالي، وآخرون لاقدرة لهم على امتلاك هذا أوذاك فيتجاهلون السلع كافة. وعلى الرغم من الوضع الاقتصادي الصعب، الذي تعاني منه معظم الأسر، إلا أن ذلك لم يقف حائلا أمامها، لكي تمارس عادات متوارثة وطقوساً خاصة في الشهر الفضيل، ولاخشية سوى من شبح عنف يتمثل، وضباب انفلات أمني يتشكل.

ولرمضان الكريم عند العراقيات عادات ما انفكت باقية تقول عنها السيدة أم طه، من بغداد الجديدة: الكثير من ربات البيوت، وانا منهن، نحاول جهد الامكان استقبال الشهر بشراء المواد الضرورية، ونستبعد من قائمة المشتريات المواد التي تؤثر على الوضع المادي للعائلة.. فالكبة مثلا أقوم بأعداد حشوتها من الحمص والبطاطا والبصل والخضروات وكمية قليلة من اللحم، اما الأغذية الأخرى مثل الحساء والحلويات، فلدينا ما يكفي لسد الحاجة منها.نحن نحاول ان نوهم أنفسنا وصغارنا اننا نعيش كالميسورين إلاأن جلساتنا طعمها مر والأيام تمرومعها يمضي العمر.

وتقول ام محمد من حي الجهاد في بغداد:لقد اعتدنا خلال السنوات الأخيرة على توفير مبلغ من المال اقتطعه من المصروف اليومي لستة أشهر تسبق رمضان ، حتى اتمكن من تهيئة كل الاحتياجات، دون التأثير على ميزانية العائلة، وأحرص على إعداد المعجنات والمخللات في البيت، لتكفي ثلاثين يوما، ولا تكلفني سوى مبلغ بسيط،وكله على الله.

وتؤكد السيدة أم جعفر من حي الخضراء: التبذير عادة مذمومة وحرمها القرآن الكريم، والوضع المادي الذي تمر به البلاد سئ للغاية وغير ما كان عليه في السابق، فبإمكان كل سيدة أن تحضر الفطور للصائمين بأقل كلفة ممكنة، وتناول ما تبقى منه في السحور. وعلينا أن نتدبر الأمر، ونعيش وفق المقسوم والمقدر لنا من المولى عز وجل.

سعادة غامرة

يقول شاكر حسن من محلة الطوبجي: في رمضان، استقبل عادة عائلات أولادي للإفطار معا، ونعد لهم ماتيسر من أطعمة ،وهم ايضا يجلبون معهم مأكولات، والهدف تجمع العائلة الذي يفتح شهية الكل من أولادي وأحفادي الذين يتحلقون من حولي لتناول الأطعمة المعدة لهم، ما يجعلني بسعادة غامرة لا أشعر بها في الأشهر الأخرى. ويضيف الآن الشهر الكريم مضى وانقضى وبمثلما استعدت زوجتي بشراء المواد الغذائية مثل الطرشانة والنومي بصرة، الذي نعمل منه عصيرا لتناوله مع الافطار، وهو دواء شاف لآلام المعدة، التي يعاني منها كبار السن. وهي تستعد حاليا لأيام عيد الفطر بصنع الكعك والحلويات ، لكي تتجنب عناء الذهاب إلى الأسواق أو التسوق من هناك.

محبة للجميع

ومن عادات الناس في العراق عند استقبال أو وداع الشهر الكريم ارتياد الاسواق المخصصة للمواد الغذائية، وتؤكد ام حاتم انها عادة ما تقوم بتحضير قائمة للمشتريات تكفي حتى نهاية الشهر، بضمنها لوازم تحضير «الكليجة» الخاصة بالعيد، ورغم أننا كنا في السابق نتسوق أكثر من الآن، الا اننا نحاول أن لا ننقطع عن عاداتنا، وقد نجد أن البعض لا يكتفي بتحضير الافطار له ولعائلته فقط، بل نراه لايزال يواظب على الثواب، بتقديم فطور كامل للصائمين كل يوم خميس، في الجامع القريب من منزله.

ويقول فاضل كامل انه لايزال حريصا على أن يفطر كل يوم خميس من شهر رمضان في المسجد مع المصلين، ويحرص ايضا أن تكون مائدة الافطار متنوعة ومتكاملة، وأن لا تفرق كثيرا عن المائدة التي تعدها زوجته في المنزل، طلبا للأجر و الثواب.. ومثل هذه الامور مازالت منتشرة بصورة كبيرة مجسدة أروع صور التآلف والترابط الاجتماعي، ولاسيما في المناطق الشعبية، إذ جرت العادة على تبادل المأكولات بين الجيران حتى تتحول مائدة الافطار إلى وجبة تعددت أصنافها، و تنوعت طرق طبخها.

تبادل الصحون

تقول السيدة ام محمد من منطقة الفضل:شهر كريم يستعد للرحيل زرع فينا كيف تتصافى فيه النفوس وتترسخ العلاقات الاجتماعية، ومنها ما اعتدنا عليه من تبادل صحون الأكل و قوارير العصير، ومساعدة المحتاجين وابن السبيل ،وسنواصل العادة في العيد بتبادل أطباق الحلوى والكعك.

وسوف يستمر تبادل الزيارات بين الجيران ويكون الامر بالتوالي بينهم، ولكن هذا لا يعني أن ربة البيت التي تستضيف جيرانها تقوم بإعداد مائدة الفطور لوحدها.

حر قائظ

تقول أم علي : نتبادل الزيارات مع الجارات قبل وقت كاف من موعد الفطور للاتفاق على ما سنقوم بإعداده، ونتشارك في وضع قائمة الأطعمة

والعصائر ، وذلك الامر يزيد سعادتنا دائما بالشهرالفضيل ،ويخفف عنا أثار حدة الصيام الذي أتى شهره في حر قائظ .

Email