أشغال حاضرة بالشهر الكريم وتغيب معه

البطالة تزيد الارتباط بالحرف القديمة في غزة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

كثيرا ما ترتبط بعض المهن التقليدية في المجتمعات العربية بشهر رمضان المبارك، فكل مهنة لها حكاية وأصل قديم، وأيضا مرتبطة بالوضع الاقتصادي المتغير..

ففي فلسطين وتحديدا في قطاع غزة لم تنقرض بعض المهن القديمة المرتبطة بهذا الشهر المبارك، ومع تزايد تفشي نسبة البطالة وارتفاع الأسعار نتيجة الحصار وانهيار الوضع الاقتصادي أصبح الارتباط بها وثيقاً، فمن بيع القطايف إلى العصائر والمخللات والفوانيس وصولا إلى المسحراتي فاكهة شهر رمضان.

لا تخلو شوارع محافظات قطاع غزة من بائعي القطايف الذين اقتنصوا مساحة على الرصيف ليضعوا أدواتهم الخاصة بعمل القطايف استعدادا للبيع،

وعلى الرغم من انتشار محلات صناعة وبيع الحلويات الفلسطينية والعربية المختلفة إلا أن القطايف لها مكانتها لدى الأسرة الفلسطينية."القطايف أحلى مع رمضان" بهذه العبارة بدأ بائع القطايف الشاب احمد عودة حديثه وهو بالأساس عاطل عن العمل، ويرى أن شهر رمضان فرصة لكسب رزقه نظرا للإقبال الكبير على الحلويات من قبل المواطنين.

ويمارس أحمد المهنة منذ خمس سنوات واستطاع أن يجد مساحة صغيرة بالقرب من أحد المحال التجارية يضع بسطته الخشبية الصغيرة وبعض أدواته..

ومهنته هذه هي فقط خلال شهر رمضان فلا يوجد عليها إقبال في الأشهر الأخرى من السنة ولذلك يكون سعيدا بما يجنيه خلال هذا الشهر، على اعتبار أن القطايف سيدة الحلويات الرمضانية وتقليد وتراث من تقاليد رمضان المتوارثة من الأجداد والآباء .

مشروبات تقليدية

على مدخل سوق الزاوية أقدم أسواق مدينة غزة يقف البائع سامي كريم امام عربته الصغيرة يبيع عصير الخروب والتمر الهندي والعرقسوس ما قبل وبعد الإفطار، أملا منه بأن يستطيع أن يدفع ما عليه من التزامات مالية وتوفير حاجات أسرته المكونة من سبعة أشخاص..

ويقول: إن العصائر التي يقوم ببيعها رغم توفرها على مدار العام، إلا أن لها خصوصية في رمضان، ويحرص الصائمون على شربها عند الإفطار وبعده لذا يزداد الإقبال عليها، وأسعارها في متناول الجميع، ولا تزيد عن عدة شواكل أي ما يعادل نصف دولار للكوب مثلا، ويكون التهافت عليها كبيرا وخاصة في ظل ظروف ارتفاع درجة الحرارة فهي تخفف آثار العطش اليومي وجفاف الحلق بعد صوم يوم طويل .

مخللات ومقبلات

ووسط زحمة السوق في محافظة رفح جنوب قطاع غزة يجلس البائع أسعد الرازي أمام بسطته الخشبية الكبيرة وأمامه براميل المخلل بأنواعها، من الخيار والزهر والفلفل والباذنجان والجزر، تفوح رائحتها بحيث لا يستطيع الصائمون مقاومتها، فتدفعهم للشراء لتكون من أساسيات الموائد الرمضانية.

وأوضح أن المخللات يزداد الطلب عليها بشكل كبير في رمضان فلا تخلو منها أية مائدة إفطار، لقد قمت بالاستعداد لشهر رمضان قبل أسابيع من قدومه بتجهيز تلك البراميل في المنزل أنا وزوجتي لتكون مصدر رزق في الشهر الكريم.

اغتنام الفرصة

ونظرا لتأزم الوضع الاقتصادي في القطاع يحرص العديد من المواطنين على ترك مهنهم الأساسية بشكل مؤقت إلى أخرى بديلة في الشهر الفضيل خاصة وهي تدر عليهم ربحا أكثر، وترك المواطن سامر الكردي من شمال غزة، مهنة الدهان التي كان يعمل بها، ليقوم ببيع المواد الاستهلاكية..

ويقول: رمضان بالنسبة لي فرصة كبيرة انتظرها بأحر من الجمر، فهو موسم التجارة، فبعض المواطنين في غزة يتفننون في موائد الإفطار إلى درجة الإكثار من الأكلات والأطباق..

ونحن نغتنم هذه الفرصة حيث يكثر الطلب على منتجات ذات صلة مثل: السمبوسة، والقطائف والأجبان بأنواعها، علاوة على المكسرات والبهارات. ويقول: لا مجال للمقارنة بين دخل الدهان في رمضان وبيع تلك المنتجات، ومن الصعب أن أترك الفرصة تمر دون اغتنامها، ويجب أن نحاول تدارك الظروف الصعبة واستغلال المناسبات لنكسب رزقنا.

يشق الظلام

"اصحى يا نايم.. وحد الدايم.. رمضان كريم"، قوم أتسحر.. وحد الله.. وصلّ الفجر" بتلك الكلمات وعلى وقع طبلة صغيرة ينادي بها المسحراتي وهو يجوب الأحياء، فهي المهنة الموسيقية المرتبطة بشهر رمضان وشخصية المسحراتي لها حضورها التاريخي وبعمق في جميع أحياء قطاع غزة.

"المسحراتي" أحد مظاهر الشهر الفضيل بدأت أعماله منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم حينما كان بلال بن رباح يجوب الشوارع والطرقات لإيقاظ الرعية للسحور بصوته الندي، وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول: إن بلالاً ينادي بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم وكان ابن أم مكتوم هو الذي يتولى أذان الفجر. يرى أبو محمد أن رمضان من أحب الشهور لما فيه من خير وبركة..

ويضيف: "منذ عدة سنوات وأنا أتجول في الأحياء كمسحراتي أوقظ الناس ليتسحروا"،ويتابع: مهنة المسحراتي لم تعد كالسابق. التكنولوجيا الحديثة قللت من مهامه، فظهور الهواتف النقالة والساعات المتطورة والمنبهات ساهمت في خفوت بريقه لكنها مع ذلك مهنة لها وقع خاص وخصوصية كبيرة فصوت المسحراتي لا تعوضه الساعات الناطقة.

Email