الميثاق والطور

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (63﴾.

ما المراد بالميثاق المذكور، وكيف رفع الله الطور فوقهم؟

هذا خطـاب موجـه إلى اليهـود يذكّرهم بمـا حصل لأسلافهم على عهد موسى، عليه السلام، وأَخْذِ الميثاق عليهم باتباع التوراة والعمل بما فيها. والطور الجبل.

وذكر كثيرون أنه الجبل الذي أنزل الله فيه التوراة على موسى، عليه السلام، والمرويُّ في ذلك أن سيدنا موسى جاء بني إسرائيل بألواح التوراة، وأمرهم أن يأخذوها بجدٍ واجتهاد، ولما علموا ما فيها من التكاليف الشاقة أبَوا أن يعطوا الميثاق على ذلك، فأمر الله تعالى جبريل، عليه السلام، فرفع الجبل فوقهم، وهدّدهم أن يُسقِطه عليهم إن لم يعطوا الميثاق على العمل بما في التوراة، فقبلوا وأعطوا ميثاقهم.

وقد ورد ذلك في سورة البقرة أيضاً، قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ﴾ [93]. وقال في سورة الأعراف: ﴿ وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (171) ﴾. والنَتق: الجذب، فمعنى نتقنا الجبل: جذبناه فقلعناه. أما كيف حصل ذلك، فالله أعلم.

ونحن نؤمن بحصوله، فقدرة الله سبحانه لا حدود لها، وهو تعالى لا يُعجِزه شيء في الأرض ولا في السماء.

والله أعلم بالصواب.

من كتاب «رسالة في التفسير» للمؤلف الأستاذ الشيخ عبد الكريم الدبان التكريتي

Ⅶ تحقيق الدكتور عبد الحكيم الانيس

إدارة البحوث- دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي

Email