معاني الابتلاء

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال تعالى: ﴿ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص ‏من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين))، (البقرة:155﴾، ما تفسير هذه الآية؟

موجز معناها -والله أعلم- لنمتحننكم بشيءٍ قليل من الخوف، والجوع، وذهاب بعض الأموال، وموت بعض الأفراد، ونقص المحاصيل الزراعية. والصابرون على ذلك لهم البشرى. أخبرهم الله تعالى بأنّ ذلك سيحصل لهم، ليوطنوا أنفسهم على الصبر عند الوقوع، بخلاف ما لو فاجأتهم الكوارث، فإنّ كثيراً من النفوس تنهار عند الصدمة الأولى.

وقد حصل للمسلمين الأولين كل ما وعدهم الله به، كالخوف في وقعة أُحد ووقعة الأحزاب، والجوع الذي حصل لهم في بداية الهجرة وفي بعض الغزوات من قلة الزاد، وكذلك في الصوم. وحصل النقص في النفوس بالقتل أثناء الحروب، ونقص الأموال لانشغالهم بالجهاد وانصرافهم عن تنمية أموالهم والمحافظة عليها.

والحياة فيها السراء والضراء، واليسر والعسر، والفرج والضيق، والفقر والغنى، والصحة والسقم. فلا بد من تربية النفوس بالصبر على الشدائد، وهذا أمر سار عليه الناس في كل زمان:

أما على مستوى الأفراد فالأب يدفع ابنه إلى عمل يشق عليه في بادئ الأمر، وقد يضطره إلى أكل الخشن من الطعام أحياناً ليدرِّبه على تحمل أعباء الحياة.

وهذه الأمم المتمدنة تدرِّب جنودها على التمارين الشاقة في الحر والبرد الشديدين، وقد تقطع عنهم الطعام يوماً أو يومين، ثم تقدم لهم الطعام الخشن.

من كتاب «رسالة في التفسير» للمؤلف الأستاذ الشيخ عبد الكريم الدبان التكريتي

Ⅶ تحقيق الدكتور عبد الحكيم الانيس

إدارة البحوث- دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي

Email