إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً * قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ * قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾، كيف عرف الملائكة ذلك؟

ذكر ابن كثير في تفسيره (1/‏70) روايات كثيرة:

منها: ما رواه السُدّي في تفسيره أن الله تعالى لما قال للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة، قالوا: ربَّنا وما يكون شأن ذلك الخليفة؟ قال: يكون له ذرية يفسدون في الأرض. فقالوا: أتجعل فيها مَن يُفسِد فيها ويسفك الدماء.

ومنها: ما رواه ابن جرير عن ابن عباس أن أول من سكن الأرض الجن، فأفسدوا فيها وسفكوا الدماء، فقاس الملائكة هؤلاء على أولئك.

وهذا خبر ضعيف. وفي تفسير السُدي إسرائيليات.

وقال الزمخشري في الكشاف (1/‏93): عرفوه بإخبار من الله، أو من جهة اللّوح، أو ثبت في علمهم أن الملائكة وحدهم المعصومون، أو قاسوا أحد الثقلين على الآخر، حيث أُسكنوا الأرض فأفسدوا فيها.

وقوله من جهة اللوح (يقصد اللوح المحفوظ) بعيد، ولو علموه من هذه الجهة لعلموا ما أجابهم الله به، ولعلموا أن ذلك كائن لا محالة. نعم يحتمل أن الله تعالى أسكن الأرض بعض المخلوقات العاقلة قبل البشر فأفسدوا فيها، وشاهدَ الملائكةُ ذلك فقالوا ما قالوا.

والله أعلم بالصواب.

من كتاب «رسالة في التفسير» للمؤلف الأستاذ الشيخ عبد الكريم الدبان التكريتي

Ⅶ تحقيق الدكتور عبد الحكيم الانيس

إدارة البحوث- دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي

Email