الكافور طهور الحي والميت

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال تعالى: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا﴾ (الإنسان/5) والمقصود في هذه الآية شجرة الكافور التي هي الفصيلة الغارية، وهي شجرة كبيرة معمرة دائمة الخضرة يصل ارتفاعها إلى 50 متراً .

ويكون جذعها مستقيماً في الجزء السفلي من الشجرة لكنه ما يلبث أن يتفرع إلى أفرع كبيرة بعقد كبيرة، وأوراقها كبيرة ولها أعناق طويلة ومتبادلة يصل طولها إلى 11 سم وعرضها حوالي 5 سم، وأزهارها صغيرة ذات لون أبيض وتتجمع في مجاميع من دون أعناق، أما الثمار فهي عنبية بلون بنفسجي إلى أسود وتحتوي كل ثمرة على بذرة واحدة.

منع الأورام

يستخرج الكافور ضمن زيت يستحصل عليه بالتقطير من الأزهار والأوراق ولكن الجزء الأعظم يستخرج من القشور وخشب الساق والجذر، وقال عنه ابن سينا «الكافور يمنع الأورام الحارة ..

ويسرع في شيب الرأس ويمنع من الرعاف مع الخل أو مع عصير البسر أو مع ماء الأس أو ماء الباذروج، وينفع الصداع الحار في الحميات الحادة، ويسهر، ويقوي الحواس من المحرورين وينفع من القلاع شديداً، ويقطع في الباه، ويولد حصاة الكلية والمثانة ويعقل الخلفة الصفراوية».

وصرحت بعض الدول الأوروبية باستخدام الكافور النقي لعلاج أمراض الكحة والتهاب الشعب الهوائية والربو، حيث يؤخذ بجرعات ما بين 06 - 13 غراماً ثلاث مرات في اليوم، وتؤخذ كما هي أو في مزيج مصنع يتواجد في الأسواق..

ويمكن وضع الكافور الصلب النقي في وعاء به ماء يغلي ثم يزاح من على النار ويشم البخار المتصاعد بمعدل ثلاث مرات في اليوم وتكون مدة شم البخار المشبع بالكافور حوالي 10 دقائق، ويمكن دهان الصدر بمرهم يحتوي على الكافور في بعض الحالات.

علاج متعدد

ويستخدم الكافور أيضاً ضد عدم توازن الجملة العصبية للقلب ويستخدم بنفس الطريقة السابقة، كما يستخدم في عدم انتظام وتناسق دقات القلب، ويستخدم الكافور على هيئة مرهم أو مستحلب للتخفيف من آلام الروماتيزم وذلك عن طريق دهن الجزء المصاب ثلاث مرات يومياً، كما أنه يستخدم لعلاج هبوط ضغط الدم إما عن طريق الفم أو الاستنشاق ولعلاج آلام الظهر وخاصة آلام الفقرات القطينة حيث تدهن المناطق المصابة بمرهم يحتوي على الكافور.

علاقة الكافور بغسل الموتى

من سنن الله تعالى في خلقه أن جعل نهاية كل جزء منهم الفناء والموت، والموت انتقال المرء من حياة إلى حياة، انتقاله من الدنيا إلى البرزخ، وفرض سبحانه علينا تجهيز الميت وتغسيله وتكفينه والصلاة عليه فرض كفاية متى ما قام به البعض سقط الحرج عن الآخرين، لأنه وحتى بعد موته مازال مكرماً مثل الأحياء.

ومن هنا نستطيع أن نتكلم عن بعض سنن تغسيل الميت، فمن حقوق الميت علينا التعجيل في غسله، ولذلك هناك آداب وسنن جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد روي أَنَّ طَلْحَةَ بْنَ الْبَرَاءِ ، مَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ ، فَقَالَ: «إِنِّي لاَ أَرَى طَلْحَةَ إِلاَّ قَدْ حَدَثَ فِيهِ الْمَوْتُ فَآذِنُونِي بِهِ وَعَجِّلُوا فَإِنَّهُ، لاَ يَنْبَغِي لِجِيفَةِ مُسْلِمٍ أَنْ تُحْبَسَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَهْلِهِ». رواه أبوداود

صفة غسل الميت

ذكرت لنا ذلك أُمِّ عَطِيَّةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا في حديثها الذي قالت فيه: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَغْسِلُ ابْنَتَهُ فَقَالَ: «اغْسِلْنَهَا ثَلاَثاً، أَوْ خَمْساً، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُوراً فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي». فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ فَقَالَ أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ.

فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ: أَيْ: إِزَارَهُ الْمَشْدُودَ بِهِ خَصْرُهُ، وَالْحَقْوُ: فِي الْأَصْلِ مَعْقِدُ الْإِزَارِ، ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الْإِزَارُ لِمُجَاوَرَتِهِ.

أَشْعِرْنَهَا: اجْعَلْنَهُ شِعَارَهَا، وَالشِّعَارُ الثَّوْبُ الَّذِي يَلِي الْجَسَدَ لِأَنَّهُ يَلِي شَعَرَهُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: أَيِ: اجْعَلْنَ هَذَا الْحَقْوَ تَحْتَ الْأَكْفَانِ بِحَيْثُ يُلَاصِقُ بَشَرَتَهَا.

ومن خلال النظر في هذا الحديث يتحصل لنا جملة من السنن الواردة في غسل الميت وهي كالتالي:

استحباب السدر ويدخل فيه ما يحصل به التنظيف مثل الصابون، واستحباب الكافور في الأخيرة؛ لأنه يطيب الميت ويصلب بدنه ويبرده ويمنع إسراع فساده، وأن يكون الغسل وتراً، والبداءة باليمين من اليد والجنبِ والرِّجل، وتوضئة الميت، تضفير شعر المرأة وجعله ثلاث ضفائر.

غض البصر

ومن السنن أن يغض الغاسل بصره.. فعَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُبْرِزْ فَخِذَكَ، وَلا تَنْظُرِ إلَى فَخِذِ حَيٍّ وَلا مَيِّتٍ». رواه أحمد

الستر على الميت

أن لا يفشي الغاسل السر وأن يستر ما رأى: عن أبى رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من غسل ميتاً فكتم عليه غفر الله له أربعين مرة». رواه الحاكم وينبغي أن يكون الغاسل ومن يعينه من أهل الديانة، والأمانة، لأن الميت قد يتغير حاله بعد موته فيتغير لونه وهو الغالب، فإذا رآه أحد فقد يُخَّيل إليه أن ذلك من شقاوته، بل وبعضهم يسأل المغسل، كيف رأيت الميت؟ وهذا كله من الجهل فينبغي للمغسل أنه إن رأى خيراً إن شاء ذكره، وإن شاء تركه، وإن رأى غير ذلك سكت عنه ولا يبوح به لأحد.

Email