نباتات في القرآن

الزيتون... شجرة مباركة

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

﴿وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآَكِلِينَ﴾ ويقول الله جلَّ جلاله في آية ثانية:

﴿يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ﴾.

وقف العلماء عند هاتين الآيتين أمام هذه الشجرة المباركة، شجرة الزيتون، وحيال زيتها الذي يُعدُّ المادة الدهنية الأولى في حياة الإنسان، ظن بعض العلماء لعدم اطلاعهم أو تحققهم من خيرية هذه الشجرة؛ أن المواد الدسـمة التي تنتجها مواد ضارة، لكن القرآن الكريم، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام ذكر خلاف هذا الظن، يقول عليه الصلاة والسلام، في الحديث الصحيح:

(كلوا الزَّيْتَ، وَادَّهِنُوا بِهِ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ) [أخرجه الترمذي في سننه]، وفي حديثٍ آخر، قال: (ائْتَدِمُوا بِالزَّيْتِ، وَادَّهِنُوا بِهِ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ) [أخرجه ابن ماجة في سننه].

وقود الإنسان

وأكدت البحوث العلمية الصحيحة التي ظهرت قبل سنوات، أن زيت هذه الشجرة وقودٌ للإنسان، بكلِّ ما تعنيه هذه الكلمة من معنىً، ففي كلِّ غرام من زيت الزيتون، ثماني وحدات حرارية، تعدُّ طاقةً مثلى للإنسان، وقال علماء التغذية: الحوامض الدهنية نوعان؛ مشبعة وغير مشبعة، فالمادةٌ الدسمة المشبعة تبقى عالقةً في الدم، وربما تراكمت على جدران الشرايين، فسببت تضيُّقها، وسببت تصلُّبها، وسببت ضعف القلب، فالمواد الدهنية المشبعة ضارةٌ بالإنسان، أما المواد الدهنية غير المشبعة فهي تتوازن حينما تلتهم بقية الأنواع الدُهنية، وصف العلماء زيت الزيتون بأنه حوامض دهنيةٌ غير مشبعةٍ تفيد الجسم، وتمنع الترسبات الدهنية في جدران الشرايين الدموية، بعكس الحوامض الدهنية المشبعة الموجودة في أكثر الزيوت الحيوانية.

الزيوت الحيوانية المشبعة تسبب تصلب الشرايين، وضعف القلب، لذلك ينصح الأطباء أن يتناول الإنسان ملعقةً من زيت الزيتون كلَّ يوم، يقي بها تصلُّب الشرايين، ويعالج بها تصلُّب الشرايين، وهذا الزيت يطلق البطن، ويسكِّن أوجاعه، ويخرج الدود، وأغلب الأدهان الحيوانية غير زيت الزيتون يزعج المعدة إلا زيت الزيتون، وهو مقوٍ للثة والأسنان، ملينٌ للجلد.

لكن الذي يعجب له الإنسـان! أن الأطباء، ولا سيما أطباء القلب اكتشفوا بعد حينٍ من الزمن؛ أن زيت الزيتون مفيدٌ جداً للشرايين، يليِّنها، ويدفع عنها تصلُّبها، وأن زيت الزيتون حمضٌ دهنيٍ غير مشبعٍ، لا يترسَّب على جُدُر الأمعاء، ولا يسبب تضيقاً في الشرايين، ولا تصلباً لها، هذا معنى قول الله عزَ وجل في الآيات السابقة.

غرس الأشجار

كلَّما تقدَّم العلم اقترب مما في القرآن والسنة، وكلما ابتعد عن القرآن والسنة، فهذا دليل تخلُّفه، ودليل نقصه وانحرافه عن الحقيقة التي جاء بها القرآن، وبما أننا نتحدث عن الأشجار، نتطرق إلى موضوع التشجير الذي حثنا عليه ديننا الحنيف، فالتشجير سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ففي مسند ابن أبي شيبة وفي مسند أحمد عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى أَنْ أَغْرِسَ لَهُمْ خَمْسَمِائَةِ فَسِيلَةٍ، فَإِذَا عَلَقَتْ فَأَنَا حُرٌّ، قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَغْرِسَ فَآذِنِّي» ، فَآذَنْتُهُ فَغَرَسَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ إِلَّا وَاحِدَةً، غَرَسْتُهَا بِيَدِي، فَعَلَقْنَ جَمِيعاً إِلَّا الْوَاحِدَةُ الَّتِي غَرَسْتُهَا، والفسيلة هي شجيرة النخل فقد غرسها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديه الشريفتين وعددها غير قليل وغرسها شاق ليبين لنا فضل غرس الأشجار وأهميته وسنيته.

ويأمرنا ويحثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبين لنا أجر هذا التشجير والزرع، كما أخرج الشيخان واللفظ لمسلم عَنْ جَابِرٍ وأنس رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَغْرِسُ مُسْلِمٌ غَرْساً، وَلَا يَزْرَعُ زَرْعاً، فَيَأْكُلَ مِنْهُ إِنْسَانٌ، وَلَا دَابَّةٌ، وَلَا شَيْءٌ، إِلَّا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً»، فما أعظم هذا الأجر وما أبقاه لصاحبه، فمن أحسن الصدقات الجارية التي يجعلها المسلم لنفسه ولوالديه غرس الشجر النافع في المكان المناسب .

قيام الساعة

بل أكثر من ذلك يوجهنا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى العمل والغرس، وإن لم نحصل على فواكه أو نتائج، ويأمرنا بالغرس الذي هو من أهم الأعمال الصالحة فقد ذكره صلى الله عليه وسلم في معرض ذكره لأعظم الأحداث وهي قيام الساعة، فدل ذلك على أهميته فقال كما جاء في مسند أحمد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا». فلا يقول مسلم ما الفائدة من الغرس والزرع بل يغرس ويعتني ويعمل ويترك النتيجة على الله، وهو إن شاء الله مأجور، وهو محاسب أمام الله على العمل وليس محاسباً على ثمار العمل.

ولا يقول المسلم لم أغرس وأنا شيخ كبير وقد لا أكون حيا حين إثمار الشجر، وليكن له عبرة في قول هذا الشيخ الكبير، فقد حكي أن كسرى خرج يوما يتصيد فوجد شيخا كبيرا يغرس شجر الزيتون فوقف عليه وقال له: يا هذا أنت شيخ هرم والزيتون لا يثمر إلا بعد ثلاثين سنة فلم تغرسه فقال: أيها الملك زرع لنا من قبلنا فأكلنا فنحن نزرع لمن بعدنا فيأكل فقال له كسرى: زه وكانت عادة ملوك الفرس إذا قال الملك منهم هذه اللفظة أعطى ألف دينار فأعطاها الرجل فقال له: أيها الملك شجر الزيتون لا يثمر إلا في نحو ثلاثين سنة وهذه الزيتونة قد أثمرت في وقت غراسها فقال كسرى: زه فأعطى ألف دينار فقال له أيها الملك شجر الزيتون لا يثمر إلا في العام مرة وهذه قد أثمرت في وقت واحد مرتين فقال له زه فأعطى ألف دينار أخرى وساق جواده مسرعا وقال: إن أطلنا الوقوف عنده نفد ما في خزائننا.

Email