البيت الحرام.. أول مسجد في الأرض

ت + ت - الحجم الطبيعي

ورد ذكر البيت الحرام في القرآن في قوله تعالى: «جعل الله الكعبة البيت الحرام قياماً للناس»، وفي قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَائِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلائدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ». كما ورد ذكر المسجد الحرام في آيات عدة منها: «وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ» (البقرة 149).

فالمسجد الحرام هو أول مسجد وضعه الله في الأرض، وقد اختلف أهل العلم في تحديد البيت الحرام قال بعضهم المقصود به الحرم كله بحدوده الواسعة التي جعلها الله تعالى أرضاً حراماً، وأول من نصب حدوده هو سيدنا إبراهيم عليه السلام أوقفه جبريل عليها من الجهات كلها، ثم جددها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جددت هذه العلامات في عهد سيدنا عمر بن الخطاب، ثم في عهد عثمان بن عفان، ثم في عهد معاوية ابن أبي سفيان، رضي الله عنهم.

وقال بعضهم إن البيت الحرام هو الكعبة الشريفة التي فيها الحجر الأسود، وهو أول بيت وضع للناس على وجه الأرض، ليعبدوا الله فيه، وهو أعظم وأقدس بقعة على وجه الأرض.

مائة ألف

والمسجد الحرام هو الفناء المحيط بها من كل الجهات، وهو أعظم مسجد في الإسلام، ويقع في قلب مكة المكرمة وتتوسطه الكعبة المشرفة. وقد اختلف أهل العلم في تضعيف الصلاة إلى مائة ألف الواردة في المسجد الحرام، هل المقصود بها ذات المسجد أو الحرم كله، قال بعض أهل العلم إنه نفس المسجد فقط، وبعضهم يقول حصول المضاعفة بالحرم كله.

وأهم خصائص البيت الحرام، أن الله قد جعل لهذا البيت خصائص كثيرة، أبرزها حرمة القتال فيه وسفك الدماء ولذا وصف بالحرام. والأمن فيه حتى للجماد الذي لا إحساس به، ولا يقطع شجره ولا حشيشه ولا تحلّ لقطته إلا لمن يريد أن يبحث عن صاحبها، وجعله الله تقويماً للسلوك المنحرف، يذكر القرطبي تعليقاً على قوله تعالى «قياماً للناس» أن أصلها «قواماً» قلبت الواو ياء لكسر ما قبلها والحكمة فيه أن الله تعالى جعل الكعبة معظمة في نفوس الناس ومهابة في قلوبهم وأن حرمتها عظيمة من لجأ إليها معتصماً بها كان في أمان، فهي إذاً تقويم لتلك النفوس الآدمية الطائشة. ولقد أضافه الله لنفسه في كتابه «وطهر بيتي».

إضافة تشريف وتعظيم وعناية وحماية، ما قصده جبار إلا أهلكه الله، إن همّ أحد بفعل سوء أو فساد أو إلحاد فيه، فله عذاب أليم، وإن لم يفعل ما همّ به: «ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم»، ولذلك بعض الصحابة رضي الله عنهم خرج من مكة حذراً من ذلك. كما تعتبر الكعبة قبلة المسلمين في صلواتهم ويطوفون حولها في حجهم وإليها تهوى أفئدتهم وإليها يتطلعون للوصول إليها من كل أرجاء العالم، خصوصاً أن الحرم أحب البقاع إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومن قصده لحج أو عمرة غفرت ذنوبه.

بناء الكعبة

أول من بناها الملائكة قبل آدم، ثمّ رفع إبراهيم القواعد أي الأسس التي اندثرت على ممر الدهور، وكانت من دون سقف، وتبّع وصنع لها سقفاً، وعبدالمطلب صنع لها باباً من حديد مرصعاً بالذهب، وهو أول من حلى الكعبة بالذهب، ولعل أشهر ملحقات الكعبة، حجر إسماعيل أو ما يسمى بالحطيم، وهو جزء أساسي من الكعبة. وقريش حينما جددوا بناءها اقتطعوا جزءاً، وبنوا بناءً غير مرتفع ليعلم الناس أنه من الكعبة المشرفة، وتذكر بعض الروايات أن سيدنا إسماعيل وأمه هاجر مدفونان في هذا المكان لهذا سمي بحجر إسماعيل.

أما بئر زمزم، فهي البئر المباركة التي فجّرها سيدنا جبريل حينما بلغ العطش بسيدنا إسماعيل وأمه، فأخذ الماء يجري فجعلت هاجر أمامه تراباً وهي تقول زم الماء زم الماء أي جرى، وفعلت ذلك خشية أن يفوتها قبل أن تأتي بوعاء لتأخذ منه وهو أشهر بئر على وجه الأرض، ثم طمس ذلك البئر فحفره عبدالمطلب.

ومقام سيدنا إبراهيم هو ذلك الحجر الذي وضعه تحته لينال جدار الكعبة حينما ارتفع فأثر قدمه في تلك الحجارة، وهذا الحجر قام عليه إبراهيم، فإذن حينما أمره الله تعالى «وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا» وهو الذي تؤدى عنده الركعتان لسنة الطواف وكان ملاصقاً للكعبة فأخره سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى هذا المكان الموجود حالياً.

Email