غيابة الجـب أنقذت يوسف من القتل

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما نتطرق إلى كلمة »الجب«، كثيراً ما نتذكر قصة سيدنا يوسف عليه السلام، وتأويل الجـب في قوله تعالى »قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب«. وغيابة الجب، تعني ما غاب وأظلم من البئر، والجب بضمّ الجيم، البئر المطوية. ونعود إلى القصة، عندما اقترح أحد إخوة يوسف ألا يقتلوه وإنما يكتفون بإلقائه في قعر بئر عميقة، حتى يختفي عن عين الناظر، وعندما قالوا ضعوه في الجب فهي عملية أقل ضرراً.

وذكرت الآية كلمة السيارة، بمعنى جماعة سائرين، وهي التي تعرف دروب الصحراء، وتعرف مواقع المياه، أما السائر العادي، فلا يعرف شيئاً. أما الوارد »فأرسلوا واردهم« فهو الذي يرد الماء ليأتي به للقافلة. وتقع البئر في فلسطين في نابلس.

الرؤيا

كان يوسف عليه الصلاة والسلام، محبوباً عند أبيه يعقوب من بين إخوته، وقد رأى وهو غلام صغير، رؤيا قصّها على أبيه، وخلاصة الرؤيا أنه رأى أحد عشر كوكباً والشمس والقمر يسجدون له، فعرف يعقوب عليه السلام، ان هذه الرؤيا تتضمن تكريماً ليوسف، فدبّ في إخوته الغيرة، حينما رأوا أباهم يؤثره عليهم، فدبروا إلقاءه في الجب، فمرت قافلة، فأرسلوا واردهم إلى البئر، فأدلى دلوه فتعلق يوسف بالدلو، فأخذوه عبداً رقيقاً إلى مصر، وباعوه إلى عزيز مصر.

احتل سيدنا يوسف مكاناً حسناً عند عزيز مصر، فلما حصل ما حصل له مع زوجة العزيز أدخلوه السجن فأعطاه الله تعبير الرؤيا، وكان مع يوسف فتيان؛ أحدهما ساقي الملك والآخر خبازه، فرأى كل منهما في منامه رؤيا وعرضاها على يوسف، فرؤيا الساقي مضمونها أنه يعصر خمراً، وأما الخباز فقد رأى أنه يحمل فوق رأسه خبزاً والطير تأكل منه، فعبر للخباز بأنه سيصلب، وقال للساقي، إنك ستخرج من السجن وتعود إلى عملك، وأوصاه، أن يذكره عند الملك، ولكن نسي وصية يوسف.

ولبث سيدنا يوسف في السجن بضع سنين، وكان من قدر الله أن الملك رأى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف، وسنابل خضر وأخرى يابسات، فعرض رؤياه على السحرة والكهنة فلم يجد عندهم جواباً، عند ذلك تذكر ساقي الملك ما أوصاه به يوسف، فأخبر الملك بأمر يوسف، فأرسله إليه، فكان جواب يوسف، بأن البلاد سوف يأتيها سبع سنوات مخصبات، ثم يأتي بعدها سبع سنوات قحط ثم يأتي بعد ذلك عام تعم فيه البركة.

البراءة

أُعجب الملك بيوسف فدعاه للخروج، ولكنه رفض الخروج حتى تثبت له البراءة التامة مما حصل في قصره، فأقرت امرأة العزيز، بأنها هي التي راودته عن نفسه، فخرج يوسف من السجن وقربه الملك وجعله على خزائن الأرض، فأحسن تنظيم البلاد وأمرها وادخر في سنوات الخصب الحب في سنبله وقام بتوزيع القوت، ضمن تنظيم محكم فوفد إليه إخوته، ماعدا شقيقه، فلما رآهم عرفهم وهم لا يعرفونه، أعطاهم الميرة، ورد لهم ثمنها وجعلها في أوعيتهم وكلفهم أن يأتوا بأخيهم إذا جاؤوا مرة أخرى، ووعدوه بذلك.

الندم

ذكر إخوة يوسف لأبيهم ما جرى فطلبوا من أبيهم أن يرسل معهم أخاهم، فأذن بعدما أعطوه المواثيق من الله على أنفسهم، ولما وصلوا الى مصر، دبر يوسف أمراً يستبقي فيه أخاه، فكلف غلمانه أن يدسوا صواع الملك في رحل أخيه ولما حملوا طعامهم عائدين إلى بلادهم، أرسل يوسف الجنود للبحث عن الصواع، فوجدوه في رحل أخيه، فأخذه الجند، وكان أمراً شديداً عليهم، عادوا إلى يوسف يرجونه أن يخلي سبيل هذا وان يأخذ احدهم مكانه، إلا أن يوسف رفض.

ورجع إخوة يوسف إلى أبيهم إلا الكبير منهم، فأخبروه بالخبر، فظن بهم سوءاً، ثم أمرهم بالعودة إلى مصر والتحسس عن يوسف وأخيه، فعادوا إلى مصر وألحوا بالرجاء أن يمن العزيز بالإفراج عن أخيهم، وخلال المحادثة، عرّفهم يوسف بنفسه، فلما عرفوه ندموا والتمسوا منه العفو والصفح عما كان منهم، فقال لهم »لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم« وطلب منهم أن يأتوا بأهلهم أجمعين.

Email