علي المطروشي مستشار التراث والتاريخ المحلي في عجمان:

زايد أرسى دعائم الاتحاد بالحفاظ على التراث والهوية الإماراتية

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تكن زيارات المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، لإمارات الدولة جولات عادية بل كانت، كما يروي علي محمد المطروشي مستشار التراث والتاريخ المحلي بدائرة التنمية السياحية في عجمان، مهرجانات فرح يحتشد فيها الناس في كل زيارة لاستقباله بفرق الفنون الشعبية ويتسابق الشعراء في مديحه لحب الجميع له.

ويضيف المطروشي: حرص المغفور له على رعاية التراث الإماراتي منذ فجر الاتحاد بحماية وصون التراث الشعبي وذلك إيماناً منه بأهميته في الحفاظ على الهوية الوطنية، ونفذ العديد من المشاريع الثقافية التي تصب في عملية صون وحماية إرث الآباء والأجداد، حيث أمر بصيانة وترميم الحصون والقلاع التاريخية في إمارة أبوظبي كما افتتح متحف مدينة العين.

وحرص على متابعة الأنشطة التراثية الشعبية كافة من شعر شعبي وفنون ورياضة وفروسية وذلك حفاظا على مكونات الحياة الإماراتية، والاهتمام بالتراث في جميع أنحاء الدولة.

حيث شكلت لجنة في مطلع السبعينات أوكل لها عملية جمع التراث وتدوينه وطبعه، حيث طبعت الأشعار الشعبية في دواوين فاخرة الطباعة، وكونت فرق الفنون الشعبية وحظيت بالدعم من المغفور له بإذن الله حكيم العرب، وسخرت الإمكانيات المادية من اجل الحفاظ على الموروث لحماية الهوية الإماراتية الوطنية.

وشهدت إمارة عجمان العديد من الزيارات التي قام بها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، طيب الله ثراه، قبل وبعد مسيرة الاتحاد المباركة وعند كل زيارة تحتفل الإمارة بانطلاقة مشروع تنموي وافتتاح صرح منها كافتتاح المعهد العلمي ومقر استديوهات عجمان الخاصة، ومتحف عجمان والعديد من المشروعات التي تظل راسخة في وجدان الأهالي في إمارة عجمان.

متحف عجمان

يقول علي المطروشي: وسط أهازيج الفرح كانت زيارة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد لإمارة عجمان في تاريخ العشرين من شهر مايو عام 1991 .

حيث تفضل المغفور له بافتتاح متحف عجمان بحضور صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي، عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان، وصاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، عضو المجلس الأعلى، حاكم إمارة الفجيرة، وأولياء العهود وعدد من نواب الحكام، واحتشد الأهالي يحملون الأعلام مرحبين بمقدم حكيم العرب.

وتفضل المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بقص الشريط إيذانا بالافتتاح الرسمي للمتحف وتجول في جميع أقسام المتحف ورافقهم خلال الجولة عبدالوهاب محمد الخاجة مدير المتحف من مملكة البحرين وقدم لهم شرحا وافيا عن مقتنيات المتحف، كما قدم إبراهيم محمد صالح مستشار التراث، رحمه الله، وذكريات مرزوق مرشدة بالمتحف، تعريفاً للمغفور له عن مقتنيات المتحف التراثية.

وذكر المطروشي أن الشيخ زايد، طيب الله ثراه، أبدى إعجابه بالمتحف وطريقة العروض التراثية التي تجسد البيئة الإماراتية بأشكالها المختلفة من زراعة وبادية وبحر بكل مفرداتها وكان يسأل المرشدين عن بعض المعلومات ويصحح لهم ما يدل على فهمه العميق لجميع مكونات الحياة الإماراتية وحرف الآباء القديمة.

وأفاد المطروشي بأن متحف عجمان تميز بطريقة عرض التراث الشعبي بأسلوب جديد حيث توجد مؤثرات صوتية تبين الحرف الشعبية والسوق الشعبي بشكل فني تبين كيفية حياة الأمس ووجود مجسمات لشخصيات بالزي الإماراتي وأدوات الحرف القديمة التي كانت سائدة ويمارسها الأجداد قبل ظهور النفط.

ولفت المطروشي إلى أن المغفور له الشيخ زايد أعرب عن سعادته بإنجاز مشروع المتحف، وذلك لإيمانه الكبير بأهمية التراث الشعبي في مكونات الهوية الوطنية، وضرورة الحفاظ على العادات والتقاليد الموروثة من الآباء والأجداد.

وأدرك منذ تأسيس الدولة بأن هنالك نقلة نوعية ستحدث في تطوير الحياة لذلك رأى أهمية الحفاظ على التراث لحماية المجتمع الإماراتي، وأن عملية التطور دون وجود سند تاريخي وإرث عميق ستندثر ومن لا ماضي له لا حاضر ولا مستقبل له.

الهوية الوطنية

وأكد المطروشي اهتمام وحرص الشيخ زايد، طيب الله ثراه، على ترسيخ الهوية الوطنية مع تأسيس صرح الاتحاد وذلك بقيام وزارة الثقافة والإعلام في مطلع السبعينات بالاهتمام بوسائل الإعلام، وتقديم برامج تعنى بالتراث الشعبي واللوحات الفنية لفرق الفنون الشعبية وتنظيم لقاءات مع شعراء القبائل وكبار السن من أجل جمع التراث وإحيائه.

كما حرص على تشجيع شعراء القبائل ودعمهم والمساهمة في طباعة دواوين الشعر الشعبي ما أسهم في تطور الحركة الشعرية وإبداع الشعراء بالتغني بالوطن وأمجاده وإبراز أهمية الاتحاد في جمع الصف الوطني وتأسيس الدولة.

ومشاركة وزارة الثقافة والإعلام في المعارض والمنتديات الأدبية وتنظيم الأمسيات الأدبية التي رسخت أهمية الشعر الشعبي والفنون الشعبية وحظيت فرق الفنون الشعبية باهتمام من الدولة وخصصت لها الدعم المالي الذي قدم إلى جميع المنتسبين للفرق الفنية ما أوجد بيئة للإبداع الفني وتطور أداء الفرق.

وتطرق المطروشي إلى مساهمة اللجنة العليا للتراث والتاريخ التي شكلت مع فجر الاتحاد في جمع الموروث الشعبي الشفوي وتسجيله وحفظه وإنشاء مركز زايد للتراث والتاريخ في مدينة العين، حيث أسهم المركز بتنظيم المحاضرات والندوات الخاصة بالتراث الشعبي.

حفظ التراث

وأشار المطروشي إلى أن التراث الشعبي حظي بعناية واهتمام من المغفور له بإذن الله الشيخ زايد وكان عند زياراته إلى إماره عجمان يستقبل الشعراء ومنهم الشاعر ربيع بن ياقوت، إذ يلقون الشعر ويتغنون بالوطن والاتحاد ومنجزات الدولة التي تحققت مع قدوم حكيم العرب، بوجود فرق الفنون الشعبية وتنشد «العيالة» إضافة إلى تنظيم سباقات الهجن والتجديف، وشهد المغفور له بإذن الله أول سباق للتجديف سنة 1974 تم تنظيمه في عجمان.

وأكد أن هذا الاهتمام من القيادة أسهم في ترسيخ أشكال التراث الشعبي كافة من فروسية تمثلت في سباقات الخيول والهجن والصيد بالصقور والفنون الشعبية، ما أوجد إبداعاً في هذه المجالات لما حظيت به من دعم واهتمام من الحكومة وانتشار المتاحف في جميع إمارات الدولة، وتميزت في كل إمارة عن الأخرى وأصبحت قبلة للزوار الأجانب للاطلاع على الموروث الشعبي الإماراتي للتعرف عن كثب على الهوية الإماراتية.

وذكر أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان قدم كل أوجه الدعم من أجل عكس الموروث الشعبي وتعريف العالم به والاعتزاز بالهوية الوطنية وحضارتنا القديمة ونجحت المتاحف في تجسيد هذه الصورة، والاهتمام بتنظيم مسابقات الخيول ومسابقات جمال الخيول وأصبح في كل إمارة «مربط خيل» لتربية الخيول العربية الأصيلة وتشجيع سباقات الهجن .

ومشاركة أبناء القبائل وتشجيعهم برصد الجوائز القيمة الأمر الذي أسهم في حضور التراث الشعبي في جميع المناسبات الشعبية والوطنية. وقال المطروشي إن ما أسسه حكيم العرب وغرسه في نفوس الأبناء هو الفخر بتراث الآباء والأجداد وماضي الدولة مع انفتاح الدولة على العالم.

إلا أن خصوصية الدولة تظل حاضرة وتاريخها المجيد وما غرسه زايد أصبح جدارا حاميا للهوية الوطنية، وما شيده من صروح ثقافية تعنى بالتراث الشعبي سيظل حاضراً وفاعلاً وسط الجيل الحالي.

الزي الوطني

وأشار المطروشي إلى اهتمام المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، وتوجيهاته للمواطنين بارتداء الزي الوطني للرجال والنساء الأمر الذي ميز الإماراتي في كل مكان يزوره، وأصبح مكوناً أساسياً للشخصية الإماراتية ليتربى عليه الأبناء منذ الصغر واستمرار الاحتفالات الشعبية القديمة مثل الاحتفال بليلة النصف من شهر شعبان «حق الليلة» وفرحة الأطفال بهذه الاحتفالات التي تجسد موروث الآباء والأجداد في الاحتفال بقرب حلول شهر رمضان المبارك.

كما تجسد اهتمام وحرص القيادة الرشيدة في الدولة ودعمها للتراث الشعبي في جميع احتفالات الحكومة في المناسبات الوطنية عبر فرق الفنون الشعبية التي تتغنى وتشكل لوحات فنية تطرب الجميع، ما عزّز مسيرة التراث في الحياة وأصبح الجيل الجديد يعرف أشكاله كافة.

وقال المطروشي: شخصية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان شخصية قيادية من الطراز الفريد. فقد أحب شعبه ووطنه وأمته العربية بماضيها وحاضرها وحلم بمستقبل زاهر عمل من أجله، وغرس الخير وحصد الجميع اليوم ثماره.

حصن عجمان

متحف عجمان الذي حظي بافتتاح الشيخ زايد هو حصن عجمان ومقر الأسرة الحاكمة عبر السنين وشيد في مطلع القرن التاسع عشر على يد الشيخ راشد بن حميد الأول الذي حكم خلال الفترة من عام 1903 إلى 1938،.

انتقل المغفور له الشيخ راشد بن حميد، رحمه الله، ثامن العائلة الحاكمة إلى قصر الزاهر في عام 1970، وأصبح الحصن مقراً للشرطة، وجاءت فكرة تأسيس المتحف بعد أن عثر عمال البلدية خلال عملية الحفر لتمديد أنابيب على رفات قبر أثري.

الاهتمام بتراث الآباء والأجداد لحماية المجتمع من تيار الحداثة

أعجب حكيم العرب بمقتنيات وطريقة العرض بمتحف عجمان

الدعم للأدب الشعبي والفنون أثمر تنمية الإبداع الفني في الدولة

افتتاح متحف عجمان ضمن اهتمام الدولة بالحفاظ على تراث الآباء

غرس زايد جدار حامٍ للهوية الوطنية بتشييد الصروح الثقافية

Email