زايد حمل الوطن بين جناحيه وحلق بـه في سماء المجد

العظماء لا يرحلون لأنهم يتركون من طيب ذكرهم ما يبقى خالداً أبد الدهر، وتتناقل الأجيال سيرتهم غضّة حيّة كما لو أنهم يعايشونها لحظة بلحظة..

والمغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، كان قامة إنسانية باسقة، يفوح عطره على كل من عاصره، فأصبحت يومياته معهم كنزاً ثميناً يتناقلونه بين أبنائهم وأحفادهم ميراثاً عزيزاً يستقون منه ما يهتدون به في الحياة..

هذه صفحة يومية لأناس عاصروا الشيخ زايد بن سلطان يروون أحاديث الفكر والقلب والوجدان ممزوجة بعبق المحبة الغامر.

حظيت وسائل الإعلام المختلفة من صحافة وإذاعة وتلفاز في دولة الإمارات بدعم واهتمام من المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حيث وفر كل الدعم لانطلاقة العمل الإعلامي لمواكبة بناء صرح الاتحاد، وشهدت الدولة إنشاء التلفزيونات والمحطات الإذاعية وإصدار الصحف اليومية التي تعبر عن آمال وطموحات المواطنين وتترجم رؤية حكيم العرب في ترسيخ قيم الاتحاد وتعكس الوجه المشرق لدولة الإمارات.

ويؤكد عبدالله محمد مراد، مؤسس استوديوهات عجمان الخاصة التي افتتحها الشيخ زايد، أن المغفور له حمل الوطن بين جناحيه وحلق به في سماء المجد، كما تميز بمتابعته الحثيثة في تطوير وسائل الإعلام وتشجيع الشباب المواطنين للانخراط في العمل الإعلامي في مجالاته المختلفة، وكان هذا الغرس الطيب خلف نجاح المؤسسات الإعلامية الإماراتية وبلورة رؤية واستراتيجية وسائل الإعلام.

يقول مراد: كنت شابا يافعا في بداية حياتي العملية حين افتتح الشيخ زايد استوديوهات عجمان في العشرين من شهر مايو في عام 1980، ومن هناك كانت الانطلاقة وبدأت عجلة الإنتاج الدرامي للمسلسلات العربية التي ما زالت في ذاكرة ووجدان الشعب العربي، حيث تم تصوير 3000 ساعة تلفزيونية تعد من أجود الأعمال في العالم العربي وبثت على خريطة المحطات العربية وأصبح اسم الإمارات وعجمان في كل بيت عربي وفاق انتشارها حتى وصلت البرامج المنتجة باللغة الانجليزية إلى تلفزيونات جنوب شرق آسيا، وأصبحت الآن مدينة اعلامية متكاملة وتقدم الدعم الفني والإداري لإذاعة وتلفزيون عجمان وأربع اذاعات (اف ام) عربية وإذاعتين هندية وانجليزية.

تحقيق الحلم

ويروي مراد فصول افتتاح الاستوديوهات على يد الشيخ زايد، طيب الله ثراه، يرافقه صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي، عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان، مشيراً إلى أن ذلك اليوم سيظل راسخا في ذاكرته، حيث كانت الاستوديوهات في بداية انطلاقتها والجميع منهمك في تصوير أول مسلسل مصري للمخرج عبدالله الشيخ وبطولة الفنان محمود يس وعدد من الممثلين، لافتا إلى أنه تلقى اتصالاً هاتفياً يخبره بحضور المغفور له الشيخ زايد لافتتاح الاستوديوهات الجديدة يرافقه صاحب السمو حاكم عجمان وعمّ الفرح المكان وسعد الجميع بالأمر. وذكر مراد بأن إنشاء الاستوديوهات كان حلمه الذي سعى إليه لحبه الكبير للكاميرا والتصوير وأراد أن يؤسس للإنتاج الدرامي المحلي والخليجي في الدولة وبذل كل حياته لهذا الأمر، ولدى حضور المغفور له الشيخ زايد بن سلطان لافتتاح الاستوديوهات أيقن بأن حلمه أصبح حقيقة وواقعا ملموسا، وكانت الفرحة كبيرة لتتويج اعماله واهتمام الدولة بمشروعه الإعلامي.

وأشار إلى أن المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان بعد أن تفضل بالافتتاح تجول في أروقة الاستوديو التي شملت قسم الديكورات والقسم الهندسي وشاهد جانباً من بعض المشاهد التي صورت لأول مسلسل ينتج في استوديوهات عجمان الخاصة والتقى بالممثلين والفنيين وكان سعيدا بإنشاء هذه الاستوديوهات التي تعد الأولى في الدولة متخصصة في مجال الإنتاج الدرامي.

كلمات راسخة

ويذكر مراد الكلمات التي قالها له حكيم العرب عقب الجولة في ردهات الاستوديوهات وهي بأن هذا العمل مشرف ونحن نشكرك عليه ونتمنى لك التوفيق والنجاح، وأبدى إعجابه الكبير بتجهيز الاستوديوهات والعمل الدرامي، مؤكدا بأن هذه الكلمات أسعدته وجعلته يمضي قدما في مواصلة مشواره لتجسيد أحلامه في مجال العمل الدرامي وإنتاج مسلسلات عربية وإحضار الممثلين والمخرجين والفنين وكتاب السيناريو إلى الدولة لتأسيس الدراما المحلية.

وأكد مراد بأن المغفور له كان صاحب رؤية إعلامية ثاقبة، حيث اهتم بتوفير كل الدعم لإنشاء المؤسسات الإعلامية ونشر وسائل الإعلام المختلفة من صحافة وإذاعة وتلفاز وقدم كل الدعم من أجل ترجمة فكره الاتحادي وجمع الصف وتأسيس الدولة، وحرص على مشاهدة ومتابعة الأعمال الدرامية وتميز برؤية إعلامية ثاقبة للأعمال الفنية كما كان ناقدا فنيا متميزا، حيث كان يوجه بأهمية انتاج اعمال درامية راقية تعبر عن القيم المجتمعية وتتميز بالجودة الفنية مع المراعاة المحافظة على العادات والتقاليد الاماراتية، كما أن افتتاح جامعة الامارات العربية المتحدة في مدينة العين وانشاء كلية الإعلام كان الداعم الأكبر لانطلاقة مسيرة العمل الإعلامي في الدولة وذلك بتخريج كوكبة من الشباب المواطن المؤهل للعمل الإعلامي في جوانبه المختلفة، ما أدى إلى تطور عمل وسائل الإعلام في الدولة خلال مسيرة الاتحاد المباركة وميز الاعلام الإماراتي بأن كرس جهده في سبيل التعبير عن آمال وهموم المواطن والمساهمة في دفع عجلة التنمية الشاملة.

البث المباشر

وقال مراد إن برامج البث المباشر التي تذاع اليوم عبر أثير المحطات الاذاعية الاماراتية في معظم مدن الدولة تعد قطرة من فكر المغفور له بإذن الله الشيخ زايد وذلك لتوجيهاته الدائمة للمسؤولين والإعلام بضرورة الاهتمام بقضايا الناس ونشرها ومتابعتها من اجل توفير الحياة الكريمة، وهذا ما تقوم به برامج البث المباشر في نقل مشاكل الناس للمسؤولين لتجد طريقها للحل بكل شفافية وصراحة. وأكد على اهتمام وحرص شبكة اذاعة وتلفزيون الرابعة على بث أقوال المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، التي يتعلم منها الجميع معاني الحب والعطاء ونشر الخير والاهتمام بالإنسان، لافتا إلى أنهم يحملون هذه الرسالة لنشرها بين الناس وتأكيدا بأن فكر حكيم العرب سيظل راسخا في وجدان الشعب.

دولة العز

ويرى مراد بأن نهج وفكر المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، طيب الله ثراه، أرسى دعائم الاتحاد وأنشأ دولة العز والفخر بوضع يده في أيدي إخوانه الحكام وأحال أحلام الوحدة إلى حقيقة بجهده وشخصيته الفريدة التي وجدت القبول من الجميع وأن ما قام به من أعمال يصعب حصرها وأن الاتحاد قام على الحب والولاء والتلاحم ما بين الشعب والقيادة في الدولة هو من غرس زايد الخير.

وأشار إلى أهمية مشاركة جميع المؤسسات الإعلامية والأفراد في الدولة بالاحتفال بعام زايد وإطلاق المبادرات التي تجسد فكره وحبه للعطاء ووقوفه إلى جانب الحق ومساعدة الفقير وزرع الأمل في النفوس وأن يعمل الجميع من أجل دفع عجلة التنمية الشاملة في الدولة في ظل القيادة الرشيدة التي تسير في نهج المغفور له من أجل إسعاد شعبها.

وأكد أن المغفور له كرس مفاهيم الحب والتعاون وجمع الصف ومساعدة الآخرين وأن على جميع المواطنين الاجتهاد والعمل الجاد في سبيل رفعة الوطن وتحقيق الطموحات وأن النجاح الحقيقي لا يأتي دون عمل جاد وأن الشباب يجب أن يستلهم فكر زايد في العطاء والعمل، لافتا بأنه حول الصحراء إلى واحة غناء وجعل الإمارات دوحة مزدانة بالجمال والخير والنماء.

وأكد أن الشباب هم زهرة الوطن والسواعد التي يجب أن تعمل لرفعته وإعلاء رايته في المحافل في ظل توجيهات القيادة الرشيدة التي تعمل جاهدة من أجل الوصول إلى أرقى المستويات في جميع المجالات.

الإنتاج الدرامي

وذكر مراد بأنه بذل جهوداً حثيثة من أجل الاستمرار في الإنتاج الدرامي ورفد المحطات التلفزيونية العربية بأعمال ذات محتوى وجودة فنية عالية، إلا أن عدم الالتزام من قبل أصحاب المحطات التلفزيونية العربية والتأخر في دفع قيمة الأعمال المنتجة لسنوات، تصل أحيانا إلى أربع سنوات أدى إلى تعثر عملية الانتاج وإيقاف العمل بالإنتاج الدرامي بأسباب التكلفة العالية، وتعمل الاستوديوهات حاليا في إنتاج البرامج المحلية وتساهم في تقديم إنتاج فني يعزز مسيرة الإعلام في الدولة.

وأضاف: كان هدفي وطموحي وهوايتي هي الكاميرا والتصوير، كما أن الدراما أخذت حيزا كبيرا من تفكيري، لذلك سعيت لافتتاح استوديوهات للإنتاج الدرامي والفني وذهبت إلى مصر وافتتحت مكتبا لتوزيع الإنتاج الدرامي وخلال فترة تفوقت بإنتاج في أشهر مسلسلين في حين بعض المحطات العريقة تنتج كل 6 أشهر عملاً واحداً، لافتاً إلى أن إنتاج استوديوهات عجمان شاهدها كل العالم العربي، وأصبح اسم دولة الإمارات عموماً وعجمان خصوصاً في كل بيت عربي، معرباً عن فخره واعتزازه بهذه الأعمال الفنية التي ما زالت راسخة في وجدان الشعب العربي.

تحمل المسؤولية

دعا مراد الشباب إلى أهمية تحمل المسؤولية والاستنارة بفكر زايد واتباع توجيهاته السديدة الرامية إلى بناء وطن شامخ ركيزته الإنسان، مشيراً إلى أهمية التعليم والمعرفة لمواجهة الحياة والاجتهاد من أجل خدمة المجتمع والوطن والنظر دائماً للمستقبل المزهر للوطن، مؤكداً أن الدولة وفرت كل شيء من أجل انطلاقة الشباب في جميع المجالات لتحقيق أحلامه، وأن يعمل في القطاع الخاص ويستثمر الفرص لتحقيق طموحاته في الحياة.

الأكثر مشاركة