سارة.. إرادة صلبة في مواجهة الإعاقة واليتم

ت + ت - الحجم الطبيعي

في عام 2010 فقدت أم سارة زوجها الذي توفاه الله متأثراً بتدهور حالته الصحية، تاركاً لها 5 أبناء وبنات أصغرهم سارة التي تعاني من إعاقة جسدية متعددة، لكنها لم تفقد الثقة بقدراتها على تحمل المسؤولية من بعده، وتربية أبنائها التربية الصالحة التي تؤهلهم ليكون كل واحد منهم شريكاً في إدارة البيت، وتوفير متطلبات الحياة، ومواجهة التحديات التي قد تعترض طريقهم في المستقبل بعد رحيل والدهم، مثلما لم تفقد الأمل بمن حولها من المؤسسات والجمعيات الخيرية التي كانت ومازالت خير سند ومعيل للأيتام، بل ولكل محتاج.

ولأن الإمارات بلد الخير والعطاء والسخاء والتعاضد المجتمعي، ولأن مؤسساتها «أب» لمن لا أب له، و«أم» لمن لا أم له، فقد سارعت مؤسسة الأوقاف وشؤون القصر في دبي إلى احتضان هذه الأسرة، وإحاطتها بالرعاية والاهتمام، والكفالة المعنوية قبل المادية، وإشراك الأبناء في فعاليات متعددة من أجل دمجهم في المجتمع، ومنحهم الشعور بأنهم ليسوا وحدهم في مواجهة القدر وصعوبات الحياة بعد رحيل المعيل للأسرة، وهو كان بلسماً لقلب الأم التي أخذت نفساً عميقاً مع هذه اللفتة الإنسانية من قبل المؤسسة، وراحت تكرّس وقتها وجهدها لتربية أبنائها، ومساندتهم خلال مسيرة تعليمهم في المدارس والجامعات.

وحتى تكون عوناً وسنداً لأمها ولإخوتها زيادة على كفالة «شؤون القصر»، فقد حرصت الأخت الوسطى لسارة على التفوق في دراستها، بما يؤهلها لإكمال مشوراها الدراسي في الجامعة، وبالفعل جدّت واجتهدت، وتجاوزت الثانوية العامة، لتدرس فدرست العلوم السياسية في الجامعة التي تخرجت فيها قبل نحو عامين، وحصلت من بعدها على وظيفة في غير مجالها، من أجل توفير المزيد من الدخل الذي تؤمن الحياة الكريمة للأسرة.

أما سارة التي كانت تدرس في حياة والدها، في نادي دبي لأصحاب الهمم، فأضحت اليوم متميزة في حفظ كتاب الله عزّ وجل، حيث لاحظ مدرسوها في «النادي» تفوقها في الحفظ، مقارنة بزملائها الطلبة، وتمكنت بفعل التشجيع والمساندة من حفظ عدة أجزاء من القرآن، وشاركت في عدد من المسابقات ذات الصلة مثل «مسابقة مركز مكتوم لتحفيظ القرآن، ومركز الشيخة حصة بنت محمد لتحفيظ القرآن»، وحازت في كلتا المسابقتين على المركز الثاني، وتسعى من أجل إتمام حفظ كتاب الله عزّ وجل كاملاً مستمدة القوة التي تلزمها للتغلب على إعاقتها من والدتها وأخواتها والمجتمع الذي لا يرى بأن الإعاقة ليست في الجسد وإنما في الروح والفكر والهمة والإرادة.

Email