طارق يتجاوز ألم فقدان الأب إلى الإبداع وجوائز الذهب

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يكن يعلم ما تخبئه له الأقدار، فبعد أن تجاوز الطفل طارق عامه الأول، أصبح بين ليلة وضحاها يتيم الأب، إذ توفي والده في عام 2004 بسبب المرض، وترك خلفه ستة أطفال (ثلاثة ذكور وثلاث إناث)، أصغرهم طارق، لتحمل بذلك الأم راية المسؤولية لعائلة كبيرة العدد، وتتكبد عناء تربية فلذات أكبادها، وتعويدهم الاعتماد على الذات وتحدي المعوقات وتجاوزها.

بقيت الأم تصارع مصاعب الحياة، وتستمد صبرها من العناية الإلهية، ومن تلك الابتسامات الجميلة التي تزين وجوه أطفالها، إلى حين امتدت لها يد العون والمساعدة من خلال مؤسسة الأوقاف وشؤون القصّر بدبي لتكون بذلك اليد الحانية المساندة الداعمة للأسرة، والمعين لها في مسيرتها لتربية أبنائها الستة وتنشئتهم بشكل سليم يجعلهم أفراداً صالحين يعملون لخير المجتمع ونهضة الوطن.

وعندما بلغ طارق السادسة من عمره، لاحظت عليه والدته وإخوته اضطراب فرط الحركة، ليواجهوا سلسلة من التحديات والمعوقات، أبرزها صعوبة إلحاق طفلهم بالمدرسة، فبادروا إلى عرضه على الطبيب لتقييم حالته، ونصحهم أحد المشافي بأن يعرضوا حالته على مؤسسة الأوقاف وشؤون القصّر بدبي كونها تعنى بحالات القصّر، ويمكنها أن تكون لهم معيناً يخفف عنهم وعن ولدهم هذه المعاناة.

تمكنت مؤسسة الأوقاف، وبفضل خبرتها في التعامل مع هذه الحالات الإنسانية، وعلاقاتها الواسعة مع العديد من الجهات، من مساعدة طارق على الالتحاق بالمدرسة، شأنه شأن أقرانه الآخرين في هذا العمر الصغير، ليواصل بعدها تعليمه، بعد أن وفرت له المؤسسة إلى جانب الأقساط المدرسية، دورات التقوية في بعض المواضيع الدراسية، إضافة إلى تطوير مهاراته في الحاسب الآلي.

استمر طارق في التحصيل العلمي ليصبح الآن في الصف السادس، مظهراً تفوقه في العديد من المجالات، من بينها الرياضة البدنية (مثل السباحة، والكاراتيه، وكرة القدم)، حيث حاز أخيراً على شهادة تقدير وميدالية ذهبية لتفوقه في السباحة.

وتسعى مؤسسة الأوقاف وشؤون القصّر إلى تعزيز وصقل مهاراته في هذا المجال بإشراكه في عدة نوادٍ رياضية كان منها أخيراً نادي دبي الرياضي.

طارق، ابن الرابعة عشرة، نموذج إماراتي مشرّف لأولئك الذين لا تمنعهم كثرة مصاعب الحياة ولا ارتفاع حواجز تحدياتها، عن شموخ الهمة، وقوة الإرادة، والإصرار على التميز، فهو يواصل سعيه للجمع بين التفوق في صروح الدراسة وميادين الرياضة، ليصبح بذلك قدوة للعديد من الأفراد في المجتمع.

Email