الإمارات ورواندا.. علاقات مميزة ترتقي بمصالح البلدين

ترتبط دولتا الإمارات ورواندا بعلاقات مميزة، دفعتهما لبحث السبل الكفيلة بتطويرها بما يعود بالنفع على البلدين الصديقين، خصوصاً التعاون في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتعليمية، وكذلك تعزيز حركة التبادل التجاري والروابط المشتركة في قطاعات الأعمال المختلفة بين الجانبين.

 

تحققت النهضة الحضارية الشاملة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وبفضل رؤية قيادتها الرشيدة، أصبحت نموذجاً رائداً إقليمياً وعالمياً في إرساء ركائز التسامح، وذلك لإيمانها بأن التسامح دعامة أساسية لبناء مستقبل أفضل، هذا ما أكدته دليلا ياسمين عامري سود القائم بالمهام والأعمال داخل القنصلية العامة لدولة رواندا، التي تمنت للدولة المزيد من التقدم والازدهار، مؤكدة حرص رواندا على تعزيز التعاون المشترك مع دولة الإمارات في شتى المجالات والمضي بها قدماً نحو آفاق أرحب، وأن ثمة علاقات مميزة تربط رواندا بالإمارات، وترتقي بمصالح البلدين.

وترى دليلا ياسمين أن الإمارات حجزت مكانتها بين الدول الرائدة في نشر قيم التسامح والمحبة، إذ قدمت منذ تأسيسها نموذجاً حياً للتسامح، على النحو الذي يجعله جزءاً من شخصية الدولة ومواطنيها، ومن يقيمون على أرضها، لا سيما وأن الإمارات وضعت الأطر التشريعية والقانونية، التي تدعم هذا المعطى الإنساني والحضاري، وتجرم كل أشكال التعصب أو نبذ الآخر أو الإساءة إلى معتقداته.

وتوضح أن الجالية الرواندية التي تبلغ حوالي 600 نسمة الذين يعيشون ويعملون على أرض الإمارات يشعرون بقيم التسامح والإخاء وينعمون بالحياة الكريمة والاحترام، حيث تكفل قوانين دولة الإمارات للجميع، العدل والاحترام والمساواة، كما تجرم القوانين في الدولة الكراهية والعصبية، وأسباب الفرقة والاختلاف.

مشاريع مشتركة

وأشارت إلى أن رواندا تدرس العديد من المشاريع المشتركة التي تخدم الطرفين وتعزز مجالات التعاون السياحي المشترك بين البلدين، والمضي بها قدماً في المجالات التي تخدم جهود البناء والتنمية، خاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.

وتقول: إن عدد السياح الإماراتيين لرواندا في تزايد مستمر، آملة في زيادة العدد إلى الضعف خلال السنوات القليلة المقبلة، خاصة وأن رواندا تتمتع ببنية تحتية مؤهلة لاستقبال العديد من السياح حول العالم، كما أن لديهم عدة مطارات وفنادق مهيأة لاستقبالهم والترحيب بهم على الوجه الأكمل، فضلاً عن أنها تتمتع بحفاوة الترحيب.

وبفضل خطط التنمية الشاملة التي وضعتها رواندا لمختلف القطاعات، بما فيها القطاع السياحي الذي وفرت له الكوادر المهنية المدرّبة، وطورت البنية التحتية المناسبة، استطاعت أن تصل بأعداد السياح عام 2018 إلى أكثر من مليون سائح، حسب «المجلس العالمي للسفر والسياحة»، ما عزز الفرص الاقتصادية، وحوّل رواندا إلى وجهة عالمية جديدة تستقطب الزوار والسيّاح من أنحاء العالم.

ازدحام المساجد

وعن أجواء الشهر الفضيل في رواندا تتحدث دليلا ياسمين: يعتبر ازدحام المساجد بالمجالس الدينية أكثر ما يميز رواندا في رمضان الذي يزين شوارعها بغناء الأطفال لأناشيد الترحيب به، كما أن حيادية المسلمين في مذابح عام 1994 وراء تضاعف نسبتهم في رواندا، رغم أنهم ليسوا أغلبية لكنهم يعيشون حياة طيبة تحت ظل احترام الأديان.

وحول وصول الإسلام إلى رواندا تقول إنه جاء عبر التجار المسلمين والطرق الصوفية الذين توغلوا في قلب أفريقيا قادمين من شرقها.

وتضيف: «لدينا طرق لإحياء شهر رمضان قد تختلف عن تلك التي تحدث في الدول العربية، فعندما يقترب شهر رمضان، نبدأ بالاستعداد له بالمجالس في المساجد، فيما يغني الأطفال بعض الأناشيد الرمضانية، لاستقبال هذا الشهر الكريم، فضلاً عن الدروس والحلقات الدينية التي تلقيها وفود الأزهر من الدعاة والمشايخ في المساجد. ولا يوجد أي مشاكل في إقامة صلاة التراويح وما نحوها من الشعائر الدينية الأخرى، سواء في رمضان أو في غير رمضان، فدولة رواندا تحترم سيادة الأديان، إذ اعترفت الدولة بالإسلام، ويوجد للمسلمين عدة جمعيات، ولهم نشاطات خيرية واجتماعية ودعوية وثقافية، ويقوم المسلمون بجهود واجتماعات ولقاءات لتعريف الشعب الرواندي بسماحة الإسلام ودعوته للسلام والتعايش والعفو ورفضه للعنف، ومن الجمعيات الإسلامية في رواندا «جمعية مسلمي رواندا» و»جمعية خريجي الجامعات الإسلامية» و»مجلس العلماء المسلمين».

كما توجد للمسلمين محاكم شرعية وجمعيات نسائية، وقد عقدت مؤتمرات للحوار الإسلامي - المسيحي، شارك فيها المسلمون بفاعلية، وساهم المسلمون في المصالحة الوطنية بعد الحرب الأهلية، وقامت المساجد وأئمتها بدور طيب في ذلك، من منطلق رفض الإسلام للعصبية القبلية والتفرقة العنصرية .

كما تؤكد أن التعليم هو المنقذ الوحيد لرواندا ولكل أفريقيا من شبح الإرهاب والتطرف، لأنه يهدم الأسس الفكرية المنحرفة التي يستند إليها الإرهابيون.

المائدة الرواندية

كما تسلط ياسمين الضوء على أبرز أهم الأطعمة التي تميز المائدة الرواندية، خلال الشهر الكريم، فتقول: يعتبر الموز المهروس وخبز الأوغالي المصنوع من دقيق الذرة، وسمك البلطي الذي يتم اصطياده من المياه العذبة، والماندازي وهي أشبه بالسمبوسة المقلية، وطبق من اليقطين بجانب البطاطس والفاصوليا، من أكثر الوجبات المحلية التي تميز المائدة الرواندية في رمضان، وغيره من شهور السنة، بالإضافة إلى وجبة «أوثومبي» والتي تصنع من أوراق الكسافا المهروسة، و»البوجلي» وهي عبارة عن عجينة مصنوعة من الذرة والماء ، لتشكيل تناسق يشبه العصيدة ، إلى جانب عصائر الفواكه الطازجة. كما تنتشر في العاصمة كيغالي مجموعة من المطاعم العالمية، يتناول فيها السكان المحليون والمقيمون تشكيلة متنوعة من المأكولات، بما في ذلك الهندية والصينية والإيطالية والأفريقية.

إنجازات نوعية

حققت رواندا إنجازات نوعية سبقت فيها العديد من الدول، نتيجة استراتيجيات وسياسات استطاعت من خلالها تبني فكر استشراف المستقبل، حيث بلغ معدل النمو الاقتصادي فيها عام 2018 نحو 8.2%، حسب إحصاءات صندوق النقد الدولي، وتقلص الوقت اللازم لإنشاء نشاط تجاري فيها من 43 يوماً إلى أربعة أيام فقط، وتصدرت عام 2016 الدول الأفريقية في استقطاب رجال الأعمال، وفقاً لتقرير السوق الأفريقية المشتركة.

علاقات ثنائية

أسهم افتتاح مقر سفارة دولة الإمارات في كيغالي العام الماضي 2018، في تعزيز العلاقات الثنائية المشتركة وتنمية أوجه التعاون مع رواندا في المجالات كافة، ما من شأنه دعم التواصل بين البلدين والشعبين الصديقين والحفاظ على العلاقات الثنائية المتميزة التي تجمعهما وتعزيز أوجه التعاون المشترك والتطوير في شتى المجالات، فرواندا تمضي قدماً نحو استخدام التقنيات المالية لتعزيز الاقتصاد الذكي اللانقدي، ونجح البرنامج الوطني لتنظيم حيازة الأراضي بتحسين إجراءات تسجيل الأراضي.

طبيعية خلّابة

على الرغم من قربها من خط الاستواء فإنها بسبب ارتفاع سطحها تتميز بمناخ معتدل الحرارة، إذ يبلغ معدل درجة حرارة العاصمة كيغالي 19 درجة مئوية، وتشتهر رواندا بالتضاريس الجميلة والمناظر الطبيعية الخلّابة، والتلال البديعة.

وكانت العاصمة كيغالي حازت لقب أنظف عاصمة أفريقية، كما أن رواندا تعد واحدة من أكثر 10 وجهات سياحية أماناً في العالم، وتصل نسبة المسلمين فيها إلى 30% من تعداد سكانها.

فلاش

لا تتجاوز مساحة رواندا 27 ألف كيلومتر مربع، ويقترب عدد سكانها من 12 مليون نسمة، ما يجعلها واحدة من أكثر الدول الأفريقية كثافة بالسكان، بمعدل 290 شخصاً للكيلو متر المربع الواحد، وتحوّلت إلى واحد من أهم الاقتصادات الناهضة في العالم بمتوسط معدل نمو 7.5% من عام 2015 إلى عام 2017.