مريم الشحي:مسيرة عامرة بالخير والعطاء.. وجـــهودها كسرت «روتين» التطوع

مريم الشحي

ت + ت - الحجم الطبيعي

على صفحة العطاء تركوا بصماتهم.. موقنين أن الخير مفتاح الذكر الحسن وإكسير الخلود، معاهدين الحياة ألا يتركوها كما جاؤوا إليها، ويسابقون الزمان بحثاً عن أبواب خير يطرقونها.. في هذه الصفحة اليومية وطوال الشهر الفضيل نتفيأ ظلال الخير في أصحاب البصمات العطرة في دولة الإمارات.

وسط قافلة الخير التي تتميز بها الإمارات تقف مريم عبدالله الشحي حاملة رايتها في العطاء والإنسانية ترفرف عالياً منذ ثمانينيات القرن الماضي، استشرفت المستقبل ولم تستكن.. وكثيراً ما كانت تعتز بلقب «المحاربة» كونها من أبناء المناطق النامية والبعيدة لإمارة رأس الخيمة.

فقد أولت للجيل المؤسس اهتماماً بالغاً، وأعطته حقه، نظراً للمشاق التي تحملها وكابدها، ووقفت مع الجيل الصاعد، أمسكت بيده، حفزته على العطاء، وكم من ندوة أو مؤتمر شاركت فيه وحثت أبناء الإمارات من الجيل الحالي على بذل مزيد من العطاء والحفاظ على تراث الإمارات المعماري والثقافي.

النشأة

مريم الشحي المولودة بمنطقة غليلة عام1967 وترعرعت في قرية «شعم» والتي تقع شمال إمارة رأس الخيمة، والحاصلة على بكالوريوس في التربية، حاملة شهادة دبلوم التأهيل الوظيفي حيث تعتبر من الرائدات في مجال عملها، وقد تدرجت في السلم الوظيفي خلال مشوار عملها بوزارة التربية والتعليم..

حاصلة على دبلوم الإدارة المتقدمة في ممارسات الأعمال التطوعية، والرائدة في الوسائل الإعلامية، والناشطة الاجتماعية في مجال المرأة المتطوعة في أكثر من جهة مجتمعية. بدأت مسيرتها في العمل التطوعي وهي على مقاعد الدراسة الثانوية، حيث كانت تشارك في النشاطات التطوعية المدرسية من حملات التنظيف في المدارس،.

فهي من الرعيل الأول الذي تولى مسؤولية حركة المرشدات والتي كان لها إسهامات في تقنين الأعمال التطوعية الرائدة، فهي رئيسة مفوضية مرشدات رأس الخيمة.

وعضو مجلس إدارة جمعية مرشدات الإمارات، الرئيسة الفخرية للجنة النسائية بجمعية شمل للفنون والتراث الشعبي والمسرح، عضو في اللجنة العليا للعرس الجماعي الوطني للرجال ورئيسة اللجنة المنظمة للعرس النسائي التراثي.

مساهماتها

شاركت في العديد من الدورات والدراسات المتخصصة في مجال التربية ومجال المرشدات وإعداد القائدات، وكذلك في خدمة وتنمية المجتمع، إلى جانب تطوير البرامج بجانب تنفيذها محاضرات مجانية في المحافظة على الهوية و«السنع» الإماراتي. حاصلة على أوسمة وشهادات تقديرية.

فقد كرمها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، على مشاركاتها الإعلامية والمجتمعية، فضلا عن تمثيلها للمرأة برأس الخيمة في انتخابات المجلس الوطني في دورته الأولى وحصولها على أعلى صوت للنساء برأس الخيمة.

إنجازاتها

بيتها العامر في منطقة «شعم» الذي لا يزال مقرا لاستقبال الناس الذين يتوافدون عليه للوساطة، حيث كانت تحمل هموم الآخرين وطلباتهم وأغلبها ما يتعلق بإصلاح ذات البين، والمساعدة في العفو عن المساجين وإطلاق سراحهم، وكذلك الإعفاء من الغرامات وغيرها، وبحث مبادرات تساعد على خدمة النزلاء داخل المؤسسات العقابية.

وقد أطلقت مبادرة بعنوان «السجين بخير بعام الخير» التي لاقت قبولا من رجال الأعمال وقدموا التبرعات المالية ثم ألحقت المبادرة في مبادرة «سلة الخير» التي أطلقتها القيادة العامة لشرطة رأس الخيمة مؤخرا، تستهدف جميع نزلاء إدارة المؤسسة العقابية والإصلاحية وبالتحديد المحكومين بقضايا مالية، والنزلاء المعسرين مادياً وأسرهم.

وكذلك المساهمة في تنظيم مشروع العرس الجماعي الوطني لعام ٢٠١٦، وما زال لها السبق الدائم في مساعدة المحتاجين عن طريق علاقاتها المتعددة بالجمعيات الخيرية والمؤسسات الخاصة التي تحرص على التواصل معها، وهي معروفة في كافة المحافل الاجتماعية على مستوى الدولة.

عناوين وطنية

تعد الشحي ذات باع طويل في ابتداع العناوين الوطنية التي تجذب الرأي العام بعقلانية، وهي كذلك، كما فعلت في إصرار في إحلال مدرسة أحمد بن ماجد وإنشاء جديدة محلها، ومع مشروع حملة تنمية المناطق البعيدة عن الإمارة.

وهذا ما جعلها تحظى بثقة وتقدير حرم صاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة الشيخة هنا بنت جمعة الماجد، والتي أوكلت لها مهام مجتمعية في التعرف على احتياجات المجتمع وبالأخص من فئة النساء.

كانت رئيسة فريق نظافة البيئة في المناطق النامية في كل من شعم والجير، وغليله وما يجاورهم، أنتجت مبادرات وطنية، كما ان لها أنشطة إغاثية، حيث تعمل من خلال برامجها على المزاوجة بين العمل التربوي والتطوعي في آن معاً.

حافظت على أكبر قدر من التوازن السياسي والاجتماعي، طرقت معظم القضايا الوطنية والاجتماعية والاقتصادية والتاريخية والثقافية، تنقلت في أكثر من موقع وفي كل مكان لها بصمة، لم تكن عابرة سبيل، بل مؤثرة وفاعلة، تبحث وتلتقي مع الرائدات والرواد بحثا عن مستقبل أفضل ومجتمع منفتح ومتقدم ومعطاء.

المحطات

وحول من أثر على شخصيتها، تقول: «الشخصية هي بصمة خاصة يولد بها الإنسان تنطبع بها حياته، وحتماً تؤثر عليه البيئة المحيطة، من قراءته الثقافية المتنوعة والتربية الأسرية والمدرسية، ولكن تظل الفطرة التي خلقه الله عليها هي أهم ما يميزه عن غيره من الأشخاص.

وإن كان هناك تأثير في حياتي من أشخاص، فإن لوالدي -رحمه الله- عبدالله بن سعيد الشحي، ولوالدتي خلاصه بنت حسن -أمد الله في عمرها- أثراً كبيراً في صقل شخصيتي، كما أن لدعم ابني حميد وسلطان، أثراً كبيراً في بلورة شخصيتي، وتحفيزها لتكون الشخصية المستقلة المؤثرة».

وعن أهم المحطات في حياتها، تحكي: «كان زواجي وذهابي للإقامة في إمارة عجمان والدراسة هناك لفترة من الزمن من أهم محطات حياتي، فقد فهمت معنى الاتزان في الحرية، والأخذ من الثقافات الأخرى جوهرها وقيمها، ومحطة أخرى مهمة في حياتي هي العمل لخدمة الوطن، فشعرت بأن عظمة الإنسان هي بما يقدمه لوطنه من إخلاص وإنجازات وتضحيات».

ماذا قدمت لوطني وأمتي؟

تقول الشحي إن سؤالا يراودها يوميا هو: ماذا قدمت لوطني وأمتي ومجتمعي؟، وذلك بعد ما تبدأ يومها بالقراءة ثم العمل، وتنهيه بقراءة القرآن والتأمل والتقويم بما صنعته في ذلك اليوم، ثم تتساءل في نهاية اليوم كيف يكون غدي وحياتي أفضل.

وفي ضوء ذلك، تتمنى أن تكون قد استطاعت تقديم خدمة وطنية للأجيال عبر امتهان التطوع والمبادرة في عمل الخير. أمنيتها ورسالتها في الحياة أن تساهم في خلق وإيجاد الأمن والسعادة في المجتمع المحلي الإماراتي، وطموحها أن تعمل على وجود خطة عمل موحدة لجميع المؤسسات لعمل المرأة.

ويمكن ذكر بعض الإنجازات التي أسهمت فيها مريم الشحي ضمن مسيرتها التطوعية والتي كان أبرزها المساهمة في إنشاء مشاريع لنادي التعاون الرياضي بشعم ( صالة رياضيه متعددة الأغراض) على نفقة حرم حاكم رأس الخيمة.

وتنظيم العرس الجماعي للرجال والنساء، وتنظيم معارض تسويق منتجات الأسر المحتاجة، وتنظيم برامج تعليمية وترفيهية وتراثية، ومشروع جمع الأدوية المنتهية الصلاحية، ومشروع «ازرع ولا تقطع» ويقام سنويا، ومشروع الزيارة الأسبوعية للمرضى للترفيه عنهم وتقديم الاحتياجات الممكنة لهم، ومن إسهاماتها أيضاً، تسليط الضوء على بعض المكونات الثقافية بإمارة رأس الخيمة المؤثرة التي تستحق الدراسة، خاصة تلك التي غابت أو غُيبت عن الساحة.

 

Email