عمران محمود: رمضان الإمارات له مذاق خاص

عمران محمود

ت + ت - الحجم الطبيعي

خرج إلى الدنيا ضريراً، ولم يذق حلاوة النظر إليها، فغابت عنه تفاصيل كثيرة، لكنه لم يفقد لذة العيش أو التعلم أو العبادة، أسوة بالمبصرين..

وقد كرس حياته لدينه وآخرته وأسرته، فحفظ القرآن وعمره 9 أعوام، وتابع دراسته الثانوية والجامعية في الأزهر الشريف، وتخصص في علوم الفقه، وعمل مدرساً في المعاهد الأزهرية مدة عشرة أعوام قبل مجيئه للإمارات عام 1981 للعمل في الإمامة والخطابة والوعظ والإرشاد.

عمران محمود عمران، إمام وخطيب مسجد بلال بن رباح في منطقة مردف في دبي، حُرم نعمة البصر لكنه تفرّد بإرادة صلبة، وعزيمة عالية، وقدرة كبيرة على التعلم والحفظ، فلم يجزع لابتلائه، ولم يضجر، بل رضي بقسمة الله، واستجاب لقضائه وقدره، وهادن الظلام، وتصالح معه، حتى صار مؤنسه، ورفيقه في الدروب، وبات يشعر أن إبصاره قد يكون مشكلة لو عاد إليه، بعدما قضى سنين عمره السبعين كفيفاً، وبرمج حياته بكل مفرداتها من غير بصر.

بالاقتراب قليلاً إلى تفاصيل حياة عمران، نجده قد التحق بالأزهر الشريف عام 1957، بعدما حفظ القرآن الكريم، فدرس الثانوية فالجامعة، إلى أن تخرج بتخصص أصول الفقه عام 1971، ثم عمل في مجال التدريس مدة عشرة أعوام، قبل أن يشد رحاله قادماً إلى الإمارات عام 1981..

حيث استهل مسيرته العملية والدعوية في خدمة أحد مساجد الشارقة، واستمر في ذلك مدة 13 عاماً، إلى أن تحول للعمل في مجال الوعظ، وظل في وظيفته حتى 1996، وهو العام الذي قرر فيه العودة إلى بلده الأم مصر.

«ولأن الحياة في الإمارات أفضل، وأيسر، وأهلها طيبون، ومتسامحون، عدت إليها بعد نحو سنتين من ابتعادي عنها» يقول الإمام والواعظ عمران، الذي حاز وظيفة واعظ في مسجد بلال بن رباح الواقع في منطقة مردف، وهو الآن واعظ أول، يؤم الناس ويعظهم، ويخطب بهم الجمعة، ويشرف على تدريب الأئمة والخطباء، ويقوم على إعداد البحوث الدينية، بمساعدة أولاده الذين يقودونه إلى المسجد، ويقرؤون له من أمهات الكتب الفقهية والشرعية التي يحتفظ بها داخل مكتبته الخاصة في بيته.

شعب طيب

يرى عمران أن لرمضان في دولة الإمارات مذاقاً خاصاً مصدره شعبها الطيب، والأمن والاستقرار اللذان تتمتع بهما الدولة، إلى جانب قيم المحبة والتعاون والتكافل الاجتماعي الشائعة بين الناس.

وأضاف: عندما تعيش وسط شعب كريم، وطيب، ومسامح، ويسارع الى الخيرات، ويحترم ضيوفه الوافدة من بلاد أخرى، فإن ذلك يحببك فيه، ويجعلك راضياً، ومستقراً، وآمنا في حياتك، ولا تخشى المرض أو الفقر أو ضنك العيش، كما يعينك على صيام شهر رمضان، وأداء شعائره براحة واطمئنان، فالنفس إذا أحرزت قوت يومها اطمأنت واستقرت، فلله الحمد والمنة أن أهل الخير في هذا البلد كثيرون، أياديهم البيضاء توصل عطاءهم إلى كل مكان داخل الدولة وخارجها.

وتابع إمام وخطيب مسجد بلال بن رباح: ثمة شيء آخر يميز هذه الدولة عن غيرها، هو احتضانها لجائزة دولية لحفظ كتاب الله، واستقطاب كبار العلماء والأئمة والمقرئين لتقديم الدروس والمواعظ الدينية، وإمامة الناس في صلاة التراويح، إلى جانب موائد الرحمن المنتشرة في المناطق والأحياء السكنية، ثم إن وسائل الإعلام المحلية عامرة بالموضوعات الدينية والاجتماعية التي تعين على العبادة والصيام، والمتعة في قضاء نهار رمضان.

النشاط اليومي

وبالرغم من أن الواعظ عمران فاقد للبصر، إلا أنه يمارس حياته بشكل طبيعي، ويقضي يومه متنقلاً بين المسجد والبيت، ولديه برنامج ديني يركز فيه على تلاوة القرآن والصلاة ومراجعة كتب الشريعة والفقه، يبدأه قبيل صلاة الفجر، وينهيه بعد صلاة القيام.

وقد دأب على تقديم درس ديني بعد صلاة الفجر، تتبعه استراحة قصيرة في البيت حتى العاشرة، ثم مراجعة حفظ كتاب الله من خلال قراءة آياته على زوجته، أو أحد أبنائه لتقييم حفظه، ويستمر ذلك إلى حين صلاة الظهر، التي يتبعها بتحضير لدرس فقهي عقب صلاة العصر، ثم عودة مرة أخرى بعد صلاة العصر لمراجعة سور القرآن استعداداً لصلاة التراويح بالتزامن مع استقبال بعض المكالمات على هاتفه المتحرك الذي خصصه للإجابة عن بعض استفسارات المصلين الفقهية.

ويستذكر عمران كيف كان رمضان بسيطاً في أيام شبابه، وكيف كانت الوسائل التكنولوجية والإعلامية غائبة من حياة الناس في ذاك الوقت، ويؤمن أنه كلما ازدادت الحياة مدنية، ازدادت تعقيداً، وفقدت بعضاً من لذتها المتأتية من الدفء الأسري، والروح العائلية، في وقت يرى فيه أن الجيل الحالي «إلكتروني»، وتواصله «افتراضي» وفاتر.

Email