عبدالعليم أبوليلة: الرفاهية لم تطوِ العادات الرمضانية

ت + ت - الحجم الطبيعي

 لم يدرك أن زيارته لدولة الإمارات في منتصف تسعينيات القرن الماضي سوف تتحول إلى إقامة طويلة بين ربوعها وبين أهلها الذين لم يشعروه بالغربة منذ أن وطأة قدماه أرض المطار، حيث حاصرت الأصالة والرحابة والمودة شعور الغربة الذي قد يراود الإنسان بين الحين والآخر نتيجة ابتعاده عن أهله وأقاربه وأصدقائه، بهذه الكلمات بدأ عبدالعليم أبوليلة كبير الوعاظ بدائرة الشؤون الإسلامية وإمام مسجد أبو حامد الغزالي بدبي الحديث عن الأجواء الرمضانية الفريدة التي يعيشها في رمضان والتي لم يطوِ مرور السنوات وتقدم الحياة تفاصيلها، حيث وجد عادات جميلة أصيلة تزيد من ترابط المجتمع وتكاتفه.

موائد الإفطار

وأضاف ان من هذه العادات الطيبة موائد الإفطار الجماعي، التي تقام بالكثير من المساجد والمؤسسات والنوادي، وتوزيع السلع الغذائية على الفقراء والمساكين طوال هذا الشهر الكريم، إضافة إلى توزيع أموال الزكاة والصدقات العامة والملابس وغيرها على المحتاجين، وكثرة العطاء وتنوع صوره، والإبداع في تسخير الوسائل الحديثة للخير.

وبساطة التعامل ورقيه في معاملة الزائرين والمقمين بدون النظر إلى جنس أو دين، مشيراً إلى أن الجو الرمضاني يعيشه كل من يطأ على أرض الدولة ومهما كان موقعه، فحتى السجناء يتم العمل على سداد دينهم، ودفع الديات والغرامات المالية عنهم، كما يتم العفو عن عدد كبير منهم، وتقام لهم الندوات الرمضانية وحلقات تلاوة القرآن.

أما عن يومه الرمضاني أكد أبوليلة أنه يبدأ منذ وقت السحور المبارك، فالذهاب إلى المسجد قبيل صلاة الفجر، وصلاة ركعتي الفجر (سنة الصبح) اللتين قال عنهما الرسول صلى الله عليه وسلم: «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها»، ثم بعد صلاة فريضة الصبح وختم الصلاة (التي يُفَرطُ فيه كثير من المصلين، مع أنه من تمام الصلاة) يشرع في تلاوة القرآن الكريم إلى ما بعد شروق الشمس بنحو (20 دقيقة)، ليصلي الضحى بعد ذلك ويعود إلى منزله، استعداداً للذهاب إلى العمل والدوام اليومي.

رواد المسجد

وأضاف انه يقضي ما تبقى من ساعات النهار بعد العودة من العمل وأخذ قسط من الراحة في تلاوة كتاب الله، أما أفراد أسرته فلكل فرد منهم له في رمضان برنامج يناسب عمله وأوقاته، ورمضان يُظِلُّ الجميع بحب الطاعات، وتنظيم الأوقات والعطاء، والتركيز على العبادة والاجتهاد فيها بشكل ملموس هو الميزة الكبرى عند الجميع، فكُلٌّ يُحاول أن يُرِيَ الله في رمضان من نفسه خيراً، وصلاة القيام في المسجد من البرنامج الرمضاني المشترك بين الجميع.

وأشار إلى أن المسجد في رمضان له من الإمام الحظ الأوفر، أو للإمام فيه الحظ الأوفر، لكثرة مكثه فيه في الليل والنهار، ومتابعته لرواد المسجد، وتواصله معهم، نصحاً وإرشاداً وإفتاءً وتعليماً وتوجيهاً، مع كثرة تلاوة القرآن، رجاء منح الله وعطاياه لزائريه في بيوته في الأرض (المساجد)، وابتغاء فضل الله والظفر بالسكينة الرحمة، ولتحفهم الملائكة، وأن يذكرهم الله فيمن عنده.

وأكد أن المحافظة على الوقت، واستغلال كل دقيقة من نهار أو ليل رمضان في طاعة الله هما الهاجس الأكبر له منذ دخول الشهر، لافتاً إلى شهر رمضان مضمار للتسابق إلى رضوان الله، والمسارعة إلى مغفرة الله، فهو شهر الإحسان، وصلة الأرحام، وإطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام إنه شهر المواساة، وتلاوة القرآن الكريم ومدارسته.

مجلس يومي

وأضاف أنه يحرص كذلك في هذه الأيام المباركة في إحياء وإقامة مجلس يومي بمنزله بعد صلاة التراويح، يُقرأ فيه القرآن، ويتدارس فيه العلم الشريف، ويلتقي فيه الأحباب على الطيب من القول، وتذاكر تراث الأجداد وعاداتهم وسيرتهم الطيبة، مشيراً إلى أنه لا بد أن يكون هكذا دور الإمام في رمضان وسائر الشهور، فهو قدوة للشباب وأفراد المجتمع بسلوكه والتزامه وحسن أفعاله وطيب معاملته، وهو معلم وموجه ومرشد بعلمه ودروسه وندواته وإجاباته للسائلين، فعليه أن يبرز فضائل هذا الشهر المبارك، ويبين ما أعده الله للمطيعين، وعليه أن يستغل إقبال الشباب وأفراد المجتمع فيربطهم بمنهج النبي صلى الله عليه وسلم، وهديه.

ويحبب لهم الطاعات، ويحذرهم المعاصي والشهوات، ونهي الناس عن تضييع ليالي رمضان في المقاهي والملاهي والألعاب والتسلية، وإن كان من ترويح فليكن في التزاور في الله والمجالس الرمضانية التي تتميز بها دبي ودولة الإمارات، حيث يلتقي الشيوخ بحكمتهم وتجاربهم وبنشاط الشباب وآمالهم، فتحصل الفائدة، وتتواصل الأجيال، وينوه كذلك بضرورة حفظ اللسان وجميع الحواس عن المعاصي والآثام خصوصاً في رمضان، وتعويد النفس على الطاعات والأعمال الصالحات.

Email