عبد الرحمن خلف.. يعيش حالة طوارئ رمضانية

ت + ت - الحجم الطبيعي

 يتميز شهر رمضان المبارك عن غيره من بقية الشهور، بأنه شهر القرآن والعبادات والصدقات والزكاة، وفيه يزداد إقبال المسلمين على الصلاة في المسجد وقيام الليل فيه، والاستماع للدروس والمحاضرات الدينية التي يقدمها العلماء الأجلاء للتبصير بأمور ديننا، بموازاة زيادة مسؤوليات الأئمة والمؤذنين تجاه بيوت الله، والتفرغ لخدمتها والمصلين، ومراجعة حفظهم آيات القرآن، وأحكام التجويد والتلاوة، وتحضير الدروس الفقهية المتعلقة بالشهر الكريم وأحكامه، إلى جانب متابعة شؤون خيم الإفطار التي يقام بعضها في المساجد أو بجوارها، لذا فإن شهر رمضان شهر «طوارئ».

ولأن المساجد في رمضان تبقى عامرة بضيوف الرحمن في الليل والنهار، وتحتاج إلى جهود مضاعفة في الخدمة والمتابعة من قبل الموظفين القائمين عليها، وتحضير وافٍ لإمامة المصلين، والدروس الدينية، فإن عبد الرحمن خلف داوود إمام وخطيب مسجد علي عبيد بن تميم في دبي، يعيش حالة طوارئ في هذا الشهر، ويكرس جل وقته لعمله، ويعطيه أكثر مما يعطي أسرته، ويحرص على الحضور الدائم في المسجد، انطلاقاً من إيمانه بأن الإمام هو مدير يسعى لإنجاح إدارته، وتحديداً في هذه الأيام المباركات التي تتحول فيها بيوت الله إلى مجالس للذكر والتذكير، ومراكز للإشعاع الروحي والعلمي والتوجيهي.

«المصلون هم أفراد عائلتي، وأهلي، وأصدقائي في رمضان، ومعهم أمضي أكبر وقت من يومي» يقول الإمام داوود الذي يبدأ يومه في المسجد وينتهي فيه، ويجلس فيه أكثر مما يجلس في بيته الذي يمكث فيه ساعات قليلة، خصصها للقيام بتوفير احتياجاته من مأكل ومشرب، والجلوس مع أفراد عائلته على مائدة كتاب الله، وكتب السيرة النبوية والسلف الصالح.

ويؤكد أن برامج أئمة وخطباء المساجد في رمضان مختلفة عن غيرها من الشهور، ومزدحمة بالنشاطات والتحضيرات الدينية التي تناسب روح وقدسية الشهر، وتركز على مراجعة حفظ آيات الله، وإحكام التلاوة، واختيار موضوعات الدروس والمحاضرات التي سيتم تقديمها للمصلين، إضافة إلى تنظيم العملية الخاصة بالخيمات الرمضانية، والتفرغ لاستقبال وجبات الإفطار، وتوزيعها على الصائمين.

ويضيف أن موظفي المساجد يحظون بشرف خدم ورعاية بيوت الله، وإمامة المصلين فيها، ووعظهم وإرشادهم، لا سيما في رمضان، وأنهم مهما أعطوها من وقتهم وجهدهم، فإنهم يبقون مقصرين تجاهها، في وقت يؤكد فيه أن أعظم الفرص وأغنمها هو أن يعيش الإنسان المسلم نهار رمضان صائماً ومبتعداً عن شهوات الحلال والحرام، وأن تكون له في لياليه وقفات مع الله، في الصلاة والقيام والسحور وقراءة القرآن والذكر.

يومه في رمضان

قراءة القرآن والكتب الدينية والفقهية، والذكر، والجلوس مع العائلة على مائدة كتاب الله، فقرات ثابتة في برنامج الإمام عبد الرحمن خلف الذي يفتتح يومه في رمضان بصلاة قيام الله قبيل أذان الفجر، ومن ثم التوجه إلى المسجد لإشعال أنواره، وتحضيره لاستقبال المصلين، قبل أن يرجع ثانية لتناول السحور، والعودة مجدداً إلى بيت الله، للاستعداد للأذان وإمامة صلاة الفجر، ثم يتفرغ بعد النوم لقراءة القرآن وحده، ومراجعة بعد الأحكام الفقهية التي يحتاج إليها، للإجابة عن أسئلة المصلين أثناء الدرس اليومي.

وفي البيت، يجتمع بعد صلاة الظهر لقراءة القرآن مع زوجته وأبنائه، إضافة إلى قراءة بعض الكتب الدينية التي يتم الاتفاق على اختيارها بالتشاور في ما بينهم، ويستمر ذلك إلى حين موعد صلاة العصر، حيث ينصرف هو للأذان والصلاة، وتقديم الدرس اليومي، بينما تنهمك العائلة في إعداد وجبة الفطور التي يتبعها الاستعداد لصلاتي العشاء والتراويح اللتين لا يتغيب عنهما أي من أفراد أسرته، بمن في ذلك الأبناء الصغار الذين يتلقون مكافآت مادية وعينية لقاء اجتهادهم في الصلاة وقراءة القرآن وخدمة أهل البيت.

ثمة نصيب من وقته لأهله وأهل زوجته المقيمين خارج الإمارات، إذ دأب هو وأفراد عائلته على التواصل اليومي معهم في رمضان، والاطمئنان على أحوالهم، بالصوت والصورة، وخصوصاً بعد صلاة التراويح، من خلال وسائل الاتصال على «الإنترنت»، بينما يغيب التلفاز بكل بضاعته عن مجالس العائلة التي تفضل قضاء وقتها في استغلال بركات ونفحات شهر الصيام.

أما ما يسعده في رمضان، فهو روح التعاون الاجتماعي بين الجيران، وتقاسمهم الطعام والشراب، والتقاؤهم في المجالس، لا سيما بعد صلاة التراويح، وكذا حرص الدولة على استضافة علماء الدين وقراء القرآن من العالمين العربي والإسلامي، لكنه مستاء من ضعف الوازع الديني لدى بعض المسلمين، خصوصاً أولئك الذين يتكاسلون عن العبادة، ويضيعون أوقاتهم في النوم في النهار، والسهر في الليل أمام شاشات التلفاز.

Email