عالم وعلامة

الفتوى مسؤولية عظيمة تتطلب الرسوخ في العلم والمعرفة الشاملة

20140615_101547-1

ت + ت - الحجم الطبيعي

«الفتوى أمرها عظيم لأن المفتي إنما ينقل حكم الله عز وجل حسب اجتهاده إلى الناس، فهو واسطة بين الناس وبين ربه، وعليه أن يتحلى بعدد من الصفات منها الرسوخ في العلم بحيث يكون ذا اطلاع واسع ومعرفة شاملة بكل جوانب الأحكام الشرعية.

وأن يكون مطلعاً على كتاب الله وعارفاً بأحكامه، وعلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم. ومدركاً للصحيح وغير الصحيح منها، وللأحكام الواردة فيها. ولابد له من الاطلاع على أصول الفقه ويعرف الناسخ والمنسوخ، والمطلق والمقيد، والمجمل والمبين والعام والخاص.

وأن يكون ملماً باللغة العربية لأنها تسهل فهم القرآن الكريم، وفهم السنة وعلى معرفة تامة بمقاصد الشريعة التي جاءت لتحقيق مصالح الناس ودفع المفاسد، فإذا لم يكن الفقيه على علم بالمقاصد فقد يتخبط بالأحكام، وقد يفتي برأي يخالف مقصد الشارع.

هكذا بدأ أمين الفتوى بمكتب المفتي العام لسلطنة عمان، إبراهيم بن ناصر الصوافي حديثه عن المفتي والفتاوى.

وقال ذلك ما يقودنا للحديث عن علم الفقيه بفقه الواقع، والذي يجب أن يكون ابن البيئة أو المنطقة أو الزمان الذي يعيش فيه، لأن تغير الفتوى بتغير الزمان أو المكان أو الملابسات غير مستغرب في الشريعة الإسلامية، وأحكامها تنقسم إلى قسمين، ثوابت لا تتغير بتغير الزمان والمكان، وهو ما وردت فيه نصوص صريحة واضحة عامة.

وأوضح أن هناك أحكاماً ينظر فيها الفقيه إلى أحوال الناس، وينظر إلى أعرافهم وعاداتهم وطبائعهم، ولذلك لابد أن يكون متحلياً بالذكاء والفطنة والنباهة. والعلم في الواقع أضيف إليه لذا لابد أن يحسب ألف حساب للفتوى التي يقولها، خصوصاً إذا كانت تتعلق بأمر عام، وليس فتوى خاصة لمستفت فرد. فالفتوى عندما تعم تحتاج إلى تثبت أكثر، حتى لا يكثر فيها اللغط أو القيل والقال.

وإذا تعلقت بها حقوق الآخرين، فهنا لابد أن يحرص الفقيه على العدل، حتى لا يظلم طرفاً على حساب طرف، وكي لا يتسبب في إيذاء الناس أو طائفة أو مذهب أو جماعة أو فرقة. فالله سبحانه وتعالى أمرنا بالعدل فقال: «يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين».

ويقول رب العزة: «يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى».

والله عز وجل أمرنا بسؤال أهل الذكر، ولذلك المستفتي يجب ألا يقبل الفتوى من أي مفت، بل يقصد العلماء الراسخين في العلم المشهود لهم بقوة العلم والورع والصلاح والاستقامة، فالعالم مهما حاز من علم، لابد أن يكون ورعاً حتى لا يخالف الحق بسبب قلة ورعه، ولذلك من مسؤولية المستفتي أن ينظر في أحوال المفتين وأن يختار أحسنهم باجتهاده.

 

Email