عبدالله المطوع.. نصف قرن في الإمامة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يمكن لقاصد منزل الإمام عبدالله المطوع أن يتوه عن مقصده، فما إن تسأل أي شخص في المنطقة عن منزل «السيد» كما يلقبه أهالي منطقة «شعم»، إلا وتجد العشرات متطوعين يوجهونك إلى منزله، فهو الإمام الأقرب إلى القلب منذ خمسين عاماً، لقب بهذا الاسم لأنه كان يقدم بناء على أوامر والده الضيافة بصورة دائمة للقادمين من البحر فكانوا يمازحونه بقولهم إنه سيدهم لحسن أخلاقه وكرمه وكرم والده، فعرف بالاسم، كما ورث الإمامة أباً عن جد، وعاصر كل مراحل التطور الديني التي شهدتها منطقة شعم منذ مسجد جده وعمه الواقع على بحر شعم، إلى مسجد والده محمد عبدالرحمن المطوع الذي بناه على نفقته الخاصة.

يقول الإمام عبدالله المطوع إنه لا يعرف تاريخاً لميلاده، ولكنه وصل الثمانين عاما أو أكثر، وقد بدأ في حفظ القرآن الكريم منذ نعومة أظافره، حيث كان يتوجه مع أبناء المنطقة إلى مسجد جده رحمه الله حيث يعلم عمه الشيخ صالح الأطفال القرآن الكريم ويصلي بالناس، فتعلم على يده علوم الدين والفقه والأحاديث الشريفة، كذلك كانت عمته رحمها الله صاحبة علم واسع، وقد ساعدت في صقل قدراته، وكان لمرافقته عمه صالح ووالده في أمور عقد القران وتغسيل الأموات، أثرها في إجادته لكل مهام الإمامة في المنطقة، وبمجرد أن توفى الله عمه صالح منذ أكثر من خمسين عاماً، تولى هو الإمامة في المسجد القديم مقابل البحر، لحين بنائه مسجداً جديداً سمي على اسم والده «مسجد محمد عبدالرحمن المطوع»، ومازال موجوداً إلى يومنا هذا، ورغم تقاعده، إلا أنه مازال حريصاً على التواجد في المسجد ومتابعة أحواله.

مهنة البركة

ويؤكد الإمام عبدالله أن مهنة الإمام مهنة كلها بركة وشرف لمن يمتهنها، ورغم تقاعده لكبر سنه، إلا أنه حريص كل الحرص على حضور كل الصلوات في المسجد، وأحيانا كثيرة يقوم بإمامة المصلين إذا مكنته صحته من ذلك، مؤكداً أنه بفضل من الله لم تفته أي من الصلوات طوال حياته، ولم يتأخر يوماً، وذلك بسبب تربية والده وتأديبه له في صغره، حيث يتذكر انه تأخر مرة عن الصلاة وفاتته ركعة واحدة، فقام والده بتعنيفه وضربه بمجرد وصوله المنزل، ومن بعدها لم يتأخر يوماً، لذلك فهو حريص كل الحرص على الدعاء الدائم لوالديه بالرحمة والمغفرة لفضلهما الكبير عليه.

الإمام العصري

ويرى المطوع أن مهنة الإمام اليوم أكثر سهولة من مهنة الإمام سابقا، وذلك بسبب تطور الحياة وتطور مؤسسات الدولة التي تعنى بشؤون الإمام، التي تتابع عمله وتوجهه بصورة دائمة بالطرق السليمة والصحيحة المعتمدة في كل أموره، بينما في السابق فقد كان الإمام يبحث بنفسه في حال واجهته أية إشكالية في عمله، فيتجه إلى المراجع ويسأل أهل العلم الذين قد يكونون في مكان بعيد عنه، بينما الآن فإن الإمام يستطيع بكبسة زر على الهاتف أو جهاز الحاسب الآلي، الوصول إلى أية معلومة من أكثر من مصدر.

البحث عن الهلال

ويصف «السيد» رحلة البحث عن رمضان بالرحلة الدقيقة والحميمة في ذات الوقت، فقد كانوا يجتمعون في السابق بعد صلاة المغرب أمام البحر ليراقبوا الهلال ويتم اختيار رجال ذوي علم وفقه وكذلك الرجال المعروفين بقوة نظرهم، وبمجرد رؤية الهلال وإجماع الجميع على رؤيته، يتم إطلاق طلقة نارية من المسجد لإعلام المناطق والمساجد المجاورة برؤية الهلال، وتطلق المساجد الأخرى بمجرد أن ترى الهلال طلقة، وهكذا.. إلى أن ينتشر صوت الطلقات في كل المناطق، ويعلم كل الأهالي بحلول شهر رمضان المبارك.

رمضان الخير

يقول محمد المطوع إن شهر رمضان المبارك هو شهر خير وبركة ، وكان الناس قديما يتفرغون تماما للعبادة والصوم خلال هذا الشهر، فلم تكن تشغلهم شاغلة، عدا ساعات قليلة من العمل من اجل قوت اليوم، ومن بعدها يتوجه الجميع إلى المساجد لقراءة القرآن الكريم، وكان هناك مصحف أساسي في المسجد يسمى «مصحف الختمة»، يتناوب عليه الناس في محاولة لختمه كي تملأ البركة المكان، وكانوا يختمونه كل يومين أو ثلاثة أيام على الأكثر، كما كان يجتمع أهالي المنطقة للإفطار الجماعي، كلٌ يحضر وجبته، يتناولون فطورهم ويجتمعون لصلاة المغرب، وعند التراويح يصلون التراويح ثم يتناولون «الفالة» ويقومون الليل دون تخلف احد منهم أو تملله من طول عدد الركعات أو الآيات كما يحدث اليوم.

Email