فاطمة المعمري: التمريض حلم بزغ نوره منذ الطفولة

انطلقت فاطمة سعيد المعمري الممرضة بمستشفى عبيدالله في رأس الخيمة، بحلم ارتداء الزي الطبي الأبيض لتحقيق أمنية والدها للعمل كطبيبة، ولم تسمح للإحباط بهدم ثقتها عندما اكتشفت أن مجموعها في المرحلة الثانوية لا يتيح لها الالتحاق بكليات الطب، وبدأت التحدي بالالتحاق بالدفعة الثانية لمعهد التمريض في رأس الخيمة عام 2002.

اكتشفت المعمري مع التحاقها بالعمل في مستشفى عبيدالله، ذاتها وأهميتها في المجتمع من خلال مهنة التمريض التي تتمتع بصفات الأم والحارسة والمعلمة والطبيبة وغيرها من الصفات التي تشكل أساس عمل الممرضة، فهي التي تسهر على راحة المرضى وأمنهم وسلامتهم وتنظيم أوقات النوم والغذاء والعلاج، كما أنها تعيش آلامهم في سبيل تخفيفها عنهم.

وترى المعمري أن الممرضة تتحمل عبء الضغوط النفسية لارتباط المهنة بإنقاذ حياة المريض من الموت ضمن سباق يومي لا يتوقف، من خلال الحالات الطارئة، حيث روت قصة وصول حالة أحد المراجعين من كبار السن لقسم الطوارئ للمستشفى وهو يعاني من بعض الأعراض الظاهرة إلا أن المخفي كان أعظم، وبعد لحظات من وصوله للقسم بدأ في الدخول بحالة غيبوبة، حيث كان يعاني من نزيف حاد ولم تلاحظ أسرته ذلك خلال نقله، ليتم على الفور اتخاذ الإجراءات المباشرة لإنقاذه بعد التواصل مع الطبيب المختص، ومن شدة الخوف على الحالة كان إصرار المعمري على سباق الزمن خلال خطواتها السريعة لصرف أكياس الدم واستلامها بنفسها ولم تنتبه أنها تقوم بتدفئة الأكياس بيديها خلال المسافة من بنك الدم إلى القسم لتباشر بعملية نقل الدم على الفور وتعويض ما فقده المريض.

وأكدت المعمري أن المواقف الصعبة عديدة وتؤثر بشكل مباشر على الممرضة وفي مقدمتها خسارة روح المريض الذي يكون بمثابة فرد من عائلتها، حيث تتشكل الروابط بين الممرضة والمرضى وأسرهم، نتيجة للتغيير المباشر في حياتهم للأفضل، ومنها حالة مريض كان يعاني من أعراض الفشل الكلوي ويرفض العلاج بشدة، ولكن بعد الحديث معه تم تغيير وجهة نظره وتقبل فكرة الغسل الكلوي حتى قام بعملية زراعة الكلى، ولا يزال يواصل زياراته للمستشفى وفي كل زيارة يوجه لي الشكر على تشجيعه لاستكمال الحياة بشكل طبيعي والتخلص من آلام المرض.

التمريض مهنة الرحمة، والشعور بأهميتها وإنسانيتها يتضاعف كثيراً من خلال تخفيف آلام المرضى وخاصة فئة كبار السن، الذين يحتاجون لعناية وأسلوب مختلف تماماً للتعامل معهم عن باقي المرضى، نتيجة لإحساسهم بالعجز وعدم تقبلهم العلاج وهنا يأتي دور الممرضة في توفير البيئة السعيدة لتشجيعهم على تقبل الخريطة العلاجية وبث روح الأمل فيهم.

واصلت المعمري تفوقها في مهنة التمريض لتتغلب على نظرة الممرضات في عام 2010 حيث وليت مهمة مسؤول قسم الباطنية والقلب والأعصاب الذي يستوعب 56 سريراً، وفي عام 2012 نجحت بالحصول على شهادة مدربة إنعاش قلبي من منظمة الصحة الأمريكية بعد مجهود استمر 6 أعوام من عملية التطوير النفسي، وقد تم اختيارها لجائزة أفضل مسؤول قسم في احتفالية اليوم العالمي للتمريض من نفس العام.

وساهمت المعمري خلال مسيرتها الوظيفية في تشجيع الخريجات وتدريبهن وبث الإحساس بالمسؤولية وأهمية مهنة التمريض والممرضة المواطنة وما تحمله هذه المهنة من رسالة سامية وجوهر لا ينطفئ، مؤكدة أنه على الرغم من الخبرات التي اكتسبتها في التعامل مع المرضى إلا أن بعضهم يكون له تأثير مباشر على شعوري بالراحة لإنقاذ حياتهم، حيث تستمر متابعة المريض بشكل شخصي من المنزل للاطمئنان على وضعه الصحي.