إعلاء الصفح

تسامح مع والده بعد 13عاماً من القطيعة والحرمان

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعد التسامح من الصفات والفضائل السامية التي ينبغي على الإنسان التحلي بها في تعاملاته مع الآخرين، ليُشفى من الحقد والكره، ويستبدلهما بالحب والعفو وراحة البال، إذ لا داعي للتوقف فيها عند أخطاء الآخرين، والنظر إلى سلبياتهم، وغض الطرف عن إيجابياتهم ومزاياهم، هذا ما فعله أحد الأبناء الذي سامح والده بعد 13 عاماً من القطيعة، معلياً قيمة الصفح، رغم القسوة، والعنف الجسدي واللفظي، والحرمان من الحب والحنان والنفقة والرعاية، التي تعرض لها من قبله.

تفاصيل هذه القصة بدأت تتكشف عندما حضر الأب مؤخراً إلى قسم الإصلاح والتوجيه الأسري في محاكم دبي، مطالباً بنفقة من ولده الذي أصبح شاباً متعلماً وذا منصب ووضع اجتماعي واقتصادي جيد، لكنه لم يحكِ للمختصين في القسم عن قساوته على زوجته وابنه، ولا عن إهانتهما، أو حرمانهما من المصروف والطعام والعيش الآمن في المنزل الذي تركه لهما منذ 13 عاماً، عندما كان ابنه في الإعدادية، واستقل في منزل آخر مع زوجته الثانية، وفق ما أوضح الابن لدى استدعائه إلى القسم لإبلاغه بطلب والده الذي لم يتذكر ولده إلا عندما أصبح عاجزاً.

وذكر الابن في رده على مطلب والده، أنه تربى معظم حياته على يد والدته التي وهبته جل اهتمامها ورعايتها وحبها بعد خروج والده من المنزل، حتى كبر وتخرج من الثانوية العامة والجامعة، والتحق بوظيفة جيدة، وأصبح ذا منصب ومال وجاه، متذكراً بحسرة كيف كان والده يقسو على أمه وعليه، ويتعامل معهما بالإهانة والنكران، ويحرمهما من النفقة والحب والحنان، مثلما تذكر كيف كانت الكهرباء تنقطع عن المنزل من دون أن يكون لديهم المال لدفع الفاتورة، ومواقف أخرى لا تقل قسوة وحرماناً، لكن مع كل هذا وذاك هل تخلى الابن عن والده؟

عن هذا السؤال يجيبنا أحمد عبدالكريم رئيس شعبة الجلسات الأسرية في محاكم دبي، الذي روى أحداث هذه الحالة وتابعها بنفسه، موضحاً أن الابن رفض في البداية مساعدة والده، أو التعرف إليه أو مسامحته، بعدما تركه وحيداً يواجه مصاعب ومتطلبات الحياة، لكنه بالنصح والإرشاد والتذكير بفضل ومكانة الأب، تراجع بعد أيام عدة عن موقفه تجاه والده، وأخذ قلبه يرق، حيث طلب مقابلته في القسم، وتسامح معه وعفا عن كل الماضي، وتعهد رعايته وطاعته، والاهتمام به، وخرجا من المحكمة متراضييْن متحابيْن، وتنازل الأب عن رفع قضية النفقة التي كان بصدد متابعة إجراءاتها لو لم يتحقق الصلح مع ابنه.

Email