السعادة ثروة

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال الشيخ زايد رحمه الله: (ثروتي سعادة شعبي) كلمات اختصر بها مسيرته رحمه الله وغفر له.

فالسعادة مطلب كل إنسان، ورغبة كل عاقل، لذلك أكد رحمه الله أنه يسعى لسعادة شعبه، وأن سعادتهم هي الثروة الحقيقية له، لذلك لم يقصر مع شعبه بكل ما يضمن لهم السعادة والاستقرار في هذا الوطن المعطاء، وقد أكمل أبناؤه المسيرة لإتمام هذه السعادة.

ولو تحدثنا عن السعادة من الجانب الديني لوجدنا أن السعادة ترتبط بطاعة الله فقد قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ). قال ابن عباس رضي الله عنهما: الحياة الطيبة هي السعادة... وتشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت.

وأهم هذه الوجوه وأولها، وأكرمها وأعظمها؛ سعادة القلب ونعيمه، وبهجته وسروره بالإيمان بالله ومحبته، والإنابة إليه وطاعته، فإنه لا حياة أطيب من حياة صاحب القلب الطائع، ولا نعيم فوق نعيمه، إلا نعيم الجنة، قال أحد الصالحين: إنه لتمرّ بي أوقات أقول فيها إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب، وذلك لما يدرك الطائعون من سرور القلب، وفرحته وابتهاجه، ونوره وانشراحه.

وإذا سعد القلب طابت حياة الجوارح كلها، فمن أكثر من الصالحات، واستزاد من الحسنات؛ نال السعادة في الدنيا، والفوز في الآخرة؛ قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَىٰ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ). قال ابن عباس رضي الله عنهما: نالوا فرحاً وقرة عين. أي مصدر سعادة. وأما حسن المآب والعاقبة؛ فهو في الآخرة، في جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين، فيسعدون في دنياهم وآخرتهم.

وذكر الله تعالى مما يمنح الإنسان صفاء النفس، فيطيب خاطره، وتتبدد مخاوفه، ويأنس بخالقه، ويرضى به مولى ونصيرا. قال الله عز وجل:(الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ). قيل: بذكر الله أي: بطاعته.

ومن أهم مقومات سعادة الفرد وراحته، وسكينة فؤاده وطمأنينته؛ الإيمان بالقدر، فهو أحد أصول الإيمان، وقد بينه الشرع أوضح بيان، وحقيقته أن يحسن المؤمن الظن بربه في السراء والضراء، والشدة والرخاء، فيطمع فيما عند الله، ويرجو رحمته، فمن ابتلي بشيء فلا يمل ولا يضجر، بل يأخذ بأسباب النجاح، فيجتهد ويدعو، ويعمل ويسعى؛ فإذا حصل غير الذي أراد فلا يحزن ولا يندم، ولا يتسخط على القدر؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان» أي: أنه يفعل الخير، ويحرص على عدم فواته، فإن فاته أمر من أمور الدنيا؛ فلا يشغل نفسه بالتحسر عليه، لأن ذلك اعتراض على المقادير، ولا يغني شيئا.

بل يوقن الإنسان أن الله تعالى هيأ له الأفضل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجبت للمؤمن، إن الله لم يقض له قضاء إلا كان خيرا له». ويستبشر المرء بقوله صلى الله عليه وسلم: «واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا».

فمن امتلأ قلبه رضا بالقدر، فاض قناعة وطمأنينة، وغنى وأمنا، فإن القناعة من أسباب السعادة، وحقيقتها الرضا والتعفف، وترك السؤال والتشوف، فذلك هو الغنى الحقيقي، قال صلى الله عليه وسلم: «وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس». فإن من قنع بما قسم الله تعالى له، ولم يطمع فيما في أيدي الناس؛ أصبح غنياً عنهم؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس».

وأوصى الحكماء أبناءهم بالقناعة لينعموا بالسعادة وراحة النفس، وهناءة العيش؛ فقال أحدهم لابنه: يا بني من قنع بما هو فيه نال السعادة. قال الشاعر:

هي القناعة لا ترضى بها بدلا

فيها النعيم وفيها راحة البدن

Email